رفح الجديدة في دائرة استهداف تنظيم "ولاية سيناء"

11 اغسطس 2021
رفح الجديدة هي بديل عن مدينة رفح التي هُجّر أهلها (سعيد خطيب/ فرانس برس)
+ الخط -

شهدت مدينة رفح الجديدة ومحيطها بمحافظة شمال سيناء، شرقي مصر، في الفترة الأخيرة، سلسلة من هجمات تنظيم ولاية سيناء، الموالي لتنظيم "داعش"، والتي أدت لوقوع خسائر بشرية ومادية فادحة في صفوف الجيش المصري، كان آخرها أول من أمس الاثنين، بمقتل ضابط برتبة عميد أركان حرب كان يشرف على إنشاء حواجز عسكرية في محيط المدينة الجديدة. كما شهدت الأيام السابقة هجمات على صعيد تفجير جرافات وآليات هندسية للجيش، وكذلك قنص جنود خلال عملهم في المنطقة، بالتزامن مع هدوء نسبي في بقية المناطق، ما يشير إلى تعمد استهداف التنظيم الإرهابي للمدينة ومحيطها، ووضعها على أولويات خططه، ما يستدعي البحث في أسباب ذلك ودوافعه في المرحلة الحالية.
وفي التفاصيل، قالت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد" إن تنظيم ولاية سيناء نفّذ هجمات عدة خلال الأيام الماضية، وأعلن في بيانات في وقت لاحق عن تبني هذه الهجمات، قائلاً إنه استهدف "ما تسمى بمدينة رفح الجديدة"، ما أدى لوقوع خسائر بشرية ومادية غير مسبوقة في تلك المنطقة بالتحديد. تجدر الإشارة إلى أنّ التنظيم كان قد هدد العاملين في المدينة الجديدة قبل أكثر من عام، من خلال توزيع منشورات مكتوبة في أماكن العمل، والكتابة على جدران المدينة، ما استدعى اتجاه الجيش المصري نحو تأمين العمل في رفح الجديدة، خصوصاً بعد زيارة رئيس أركان حرب الجيش المصري، محمد فريد، نهاية إبريل/ نيسان الماضي، إلى المدينة. إلا أنّ التنظيم بات يستهدف قوات التأمين بشكل متلاحق، وأظهرت الهجمات قدرة "ولاية سيناء" على الاقتراب كثيراً من المنطقة، حيث تمكن من زرع عبوات ناسفة في أقرب الطرق المؤدية إلى قلب المدينة الجديدة، ومن تفجيرها بآليات الجيش وقتل وإصابة من على متنها.

هدد التنظيم العاملين في رفح الجديدة قبل أكثر من عام

وأضافت المصادر القبلية أن هجوم التنظيم على المدينة يأتي في ظلّ توسيع الجيش عمليات البناء فيها، وقرب بدء تسليم أجزاء منها للمواطنين المهجّرين من مدينة رفح الأصلية، وتشكيل خط بشري جديد في المدينة، ضمن مساعي الجيش لتشكيل هذا الخط في المناطق التي كان يوجد فيها "ولاية سيناء" خلال فترة اشتداد المعارك بين الطرفين، مع تراجع سيطرة التنظيم في تلك المناطق. إلا أنه يبدو أن الأخير عاد ليُبرز حضوره مجدداً في رفح الجديدة من خلال سلسلة الهجمات الأخيرة، والتي قد يتجه لتصعيدها في الأيام المقبلة بهدف تعطيل العمل في المدينة الجديدة، والحيلولة دون عودة المواطنين إلى المنطقة مجدداً، بعد توفير التنظيم ذاته الحجة للجيش المصري لتهجير السكان من مدينة رفح عام 2014 من خلال الهجمات الدموية التي نفذها في ذلك الحين.
يشار إلى أنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قرر في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2014 إنشاء منطقة عازلة بمدينة رفح على الحدود مع قطاع غزة، بعمق خمسة كيلومترات، بعد هجوم دموي نفذه تنظيم "داعش" ضد قوة من الجيش المصري، في كمين بمنطقة كرم القواديس، غرب مدينة الشيخ زويد، راح ضحيته 30 عسكرياً. وتم تنفيذ القرار بالفعل، وتهجير كل سكان مدينة رفح وهدم منازلهم، فيما تم إصدار قرار ببناء مدينة رفح الجديدة لتكون بديلاً للمهجرين قسرياً، وتم البدء بذلك بعد سنوات من هدم المدينة الأصلية.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وفي تفاصيل الخسائر الأخيرة، قالت مصادر طبية عسكرية في محافظة شمال سيناء لـ"العربي الجديد" إنّ الاعتداءات الأخيرة لتنظيم "ولاية سيناء"، أسفرت عن مقتل ضابط برتبة عميد أركان حرب، يدعى محمد عبد المتجلي، بالإضافة إلى ثلاثة عسكريين، فضلاً عن إصابة عدد آخر، في هجمات تركزت في نطاق مدينة رفح الجديدة التي يتم بناؤها من قبل القوات الهندسية التابعة للقوات المسلحة، في منطقة الوفاق غرب رفح. وبالتزامن مع هذه الفترة، لم يتم تسجيل خسائر بشرية في صفوف الجيش في بقية مناطق شمال سيناء، في فترة هدوء نسبي ممتدة منذ أسبوعين تقريباً، فيما وقعت خسائر بشرية في صفوف المتعاونين مع الجيش في تلك المناطق، إلا أنّ المعلومات المتعلقة بهم لم تُقيد في كشوفات المستشفى العسكري في مدينة العريش.

هجوم التنظيم يأتي مع توسيع الجيش عمليات البناء في المدينة

وكانت مصادر حكومية قد كشفت في وقت سابق لـ"العربي الجديد" أنّ الحكومة المصرية بصدد بيع الوحدات السكنية في مدينة رفح الجديدة التي يجرى إنشاؤها كبديل عن مدينة رفح المهجرة، بدلاً من توزيعها على المهجرين قسرياً، والذين ما زالوا موزعين في محافظات مصرية متعددة، خارج جغرافيا سيناء، في انتظار إذن العودة إلى ديارهم. وهذا الإجراء، المتمثل ببيع الوحدات السكنية، يأتي مناقضاً للوعود التي قطعها السيسي، والمسؤولون الحكوميون على مدار السنوات الماضية، بأن هذه المدينة ستكون مأوى لكل أهالي رفح المهجرين من ديارهم. وأشارت المصادر إلى أنه تم الانتهاء من إنشاء 84 بناية سكنية في مدينة رفح الجديدة ضمن المرحلة الأولى بإجمالي 1344 وحدة سكنية، منها 41 بناية جاهزة بإجمالي 656 وحدة سكنية و43 بناية قيد التنفيذ بإجمالي 688 وحدة سكنية، فيما جرى إصدار توجيهات سيادية بإنشاء 100 بناية جديدة في المدينة نفسها.

المساهمون