للمرة الأولى منذ أحداث صيف عام 2013، يزور رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمد فريد مدينتي رفح الجديدة والشيخ زويد في محافظة شمال سيناء، شرقي البلاد، بعد أن كانت عجلات موكبه تتوقف في العريش. وليس ذلك بسبب عدم رغبته بزيارة المدينتين اللتين تمثلان خط الدفاع الأول عن البوابة الشرقية لمصر، وإنما لاستمرار هجمات تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش"، وسيطرته على أجزاء من تلك المناطق حتى فترة قريبة.
لكن زيارته، يوم الخميس الماضي، تشير إلى تحسّن أمني ملموس في بعض مناطق شمال سيناء، وذلك في مراكز المدن، في مقابل استمرار وجود التنظيم في القرى المحيطة بالمدن، والمناطق النائية، في حين أن "ولاية سيناء" استهدف عدداً من المواطنين بدعوى التعاون مع الجيش، بالتزامن مع زيارة رئيس أركان الجيش، وذلك في قرية الأمل، شرق قناة السويس.
استهدف "ولاية سيناء" عدداً من المواطنين بدعوى التعاون مع الجيش
وفي تفاصيل حادث قتل المدنيين، أفادت مصادر قبلية، لـ"العربي الجديد"، بأن ثلاثة مصريين قُتلوا، مساء الخميس الماضي، برصاص "ولاية سيناء"، بالتزامن مع زيارة رئيس أركان الجيش المصري لمحافظة شمال سيناء، شرقي البلاد، مشيرة إلى أن التنظيم هاجم قرية الأمل، شرق قناة السويس، واقتحم منازل عدد من المواطنين بدعوى تعاونهم مع قوات الجيش. وأضافت المصادر أن التنظيم لم يعثر على المطلوبين لديه ما دفعه لقتل أفراد من أسرهم، ضمن سلسلة استهداف "ولاية سيناء" للمتعاونين مع الجيش في مناطق وسط وشمال سيناء، منذ عدة سنوات. وجاء في الإصدار المرئي، الذي صدر أخيراً عن التنظيم الإرهابي، أنه جرى قتل عدد من المتعاونين مع الجيش أثناء وجودهم في حاجز عسكري على أحد طرق وسط سيناء، وكذلك إعدام آخرين تم القبض عليهم في وقت سابق.
وفي السياق، قال المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية إن الفريق محمد فريد تفقد عناصر القوات المسلحة والشرطة بنطاق شمال سيناء، للوقوف على الحالة الأمنية ومتابعة إجراءات تنفيذ الخطط والمهام المكلفين بها. وأوضح أن الفريق تفقد مركز العمليات الدائم بقطاع تأمين شمال سيناء لمتابعة سير العمليات الأمنية، واستمع إلى شرح مفصل تضمن عرض الخطط والقرارات بواسطة قادة القطاعات لما تقوم به القوات المسلحة والشرطة من خطط مشتركة لاقتلاع الإرهاب والحفاظ على حالة الاستقرار، التي أدت إلى عودة مظاهر الحياة إلى طبيعتها بمعظم مدن وقرى شمال سيناء بدرجة كبيرة، وفق ما جاء في البيان.
كما قام بجولة تفقدية تضمنت المرور على مدينة رفح الجديدة، التي تم إنشاؤها لتكون مجتمعاً سكنياً عمرانياً متكامل الخدمات والمرافق. وقام بزيارة رئاسة مجلس مدينة الشيخ زويد، والتقى ببعض الأهالي والمواطنين في شوارع مدينة الشيخ زويد. كما عقد فريد لقاء مع محافظ شمال سيناء وعدد من القيادات الأمنية، ومر على مستشفى العريش التابع للقوات المسلحة لمتابعة مراحل إنشاء وتطوير مركز علاج الأورام بالمستشفى، وحضر الجولة التفقدية قائد الجيش الثاني الميداني وعدد من قادة القوات المسلحة.
واللافت للانتباه أن الزيارة جاءت بشكل مفاجئ ومن دون إعلان مسبق، وبالتزامن مع قطع لشبكات الاتصال والإنترنت، وهذا روتين متّبع في حال زيارة أي شخصية هامة لشمال سيناء، خصوصاً إذا كانت عسكرية، وذلك مرتبط بالتأكيد بالوضع الأمني، وتخوفاً من تسرب المعلومات لتنظيم "داعش"، ما يؤدي إلى استهداف الشخصية، كما حصل مع وزيري الداخلية والدفاع السابقين مجدي عبد الغفار وصدقي صبحي، باستهداف طائرتهما في مطار العريش العسكري في ديسمبر/ كانون الأول 2017.
وعد فريد بتخفيف القيود المفروضة على المواطنين في إطار مكافحة الإرهاب
ووفقاً لمصادر قبلية وشهود عيان، تحدثوا لـ"العربي الجديد"، فإن الزيارة أحيطت بانتشار عسكري مكثف، ورافقها موكب عسكري غير مسبوق، شاركت فيه عشرات الآليات العسكرية، عدد منها يختص بقطع الاتصال بالعبوات الناسفة، وكذلك الكشف عنها، في ظل انفجار عشرات العبوات بدوريات الجيش وحملاته العسكرية على مدار السنوات الماضية، ما أدى لوقوع عشرات القتلى والجرحى.
وفي تفاصيل الزيارة، كشف مصدر حكومي مسؤول في المحافظة، لـ"العربي الجديد"، أنه لم يتم إبلاغ أي جهة حكومية أو أمنية بالزيارة، إلا مع وصول الوفد العسكري إلى أرض المحافظة. وأشار إلى أن الزيارة استمرت خمس ساعات فقط، واتجه الوفد بقيادة محمد فريد إلى مدينة رفح الجديدة، وليس رفح المهجرة، ومن ثم مدينة الشيخ زويد، كمرحلة أولى، قبل العودة إلى مدينة العريش، والدخول إلى مقر الكتيبة 101. واختتم الزيارة بلقاء المحافظ اللواء محمد عبد الفضيل شوشة، والقيادات الأمنية والمسؤولين في المحافظة، قبل أن يغادر باتجاه مطار عسكري، ومنه إلى القاهرة. وأوضح المصدر أن بعض المسؤولين المحليين حاولوا كسب موافقة من الفريق لتناول طعام الإفطار، إلا أنه رفض ذلك وفضّل مغادرة المحافظة بعد ساعات قليلة من وصوله إليها.
ورأى المصدر الحكومي أن زيارة فريد إلى مدينتي رفح والشيخ زويد وتجوّله في تلك المناطق، تمثل بارقة أمل للمواطنين والجهات الحكومية على حد سواء، بأن القادم سيكون أفضل في حال استمرت حالة الهدوء الأمني، ولو بشكل نسبي، خصوصاً في مراكز المدن، وما يتبع ذلك من تحسينات في الوضع المعيشي والواقع الاقتصادي في كل مدن المحافظة. وأشار إلى أن الفريق وعد الحاضرين بتخفيف القيود المفروضة على المواطنين في إطار مكافحة الإرهاب، ومنع الإمدادات عن تنظيم "داعش" الإرهابي، وذلك بالتنسيق مع الجهات الحكومية، خصوصاً في ظل شهر رمضان وعيد الفطر، فيما وعد بتكرار زيارته لسيناء كلما سنحت الفرصة بذلك، للالتقاء بأهلها ومسؤوليها والبحث عن واقع أفضل للمواطنين. وأشار إلى أن كل اللقاءات كانت في إطار إجراءات السلامة والوقاية، نظراً إلى موجة جديدة من جائحة كورونا تصيب محافظة شمال سيناء منذ عدة أيام، حيث تم تسجيل عشرات الإصابات والوفيات.