- حوادث الاختراق أثارت تساؤلات حول كيفية الرد من بولندا والناتو، مع مخاوف من تورط مباشر قد يؤدي إلى سقوط ضحايا من الحطام في حال اعتراض الصواريخ.
- الوضع يتطلب توازنًا دقيقًا لتجنب التصعيد مع روسيا والحفاظ على الأمن الإقليمي، مع تسجيل ثلاث حوادث على الأقل لدخول صواريخ روسية المجال الجوي البولندي، مما يزيد من التوترات الإقليمية.
قال الرئيس البولندي، أندريه دودا، إن "روسيا أطلقت عدة صواريخ على أوكرانيا عبرت المجال الجوي البولندي منذ عام 2022، في عرض استفزازي للقوة من جانب موسكو يهدد بإشعال حرب أوسع نطاقًا". ووفقا للقوات المسلحة البولندية، كان آخر حادث في 24 مارس/آذار الماضي، عندما دخل صاروخ كروز روسي، استهدف غرب أوكرانيا، المجال الجوي البولندي لمدة 39 ثانية.
وأضاف الرئيس البولندي في مقابلة أجراها مع صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، نُشرت اليوم الخميس: "ليس لدينا أي شك على الإطلاق في أن هذه استفزازات روسية عندما يدخل صاروخ مجالنا الجوي، ثم يستدير ويدخل إلى أوكرانيا". وبينما لم تحاول قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) حتى الآن اعتراض الصواريخ، قال دودا إن قلقه هو أن ينتهي الأمر بضرب الأراضي البولندية أو تدمير البنية التحتية أو التسبب في سقوط ضحايا.
وقال دودا قبل وقت قصير من لقائه في نيويورك مع الرئيس السابق والمرشح الجمهوري الحالي للرئاسة الأميركية دونالد ترامب: "هذا هو أخطر وضع يمكن أن نتخيله اليوم، لأنه وضع يمكننا أن نقول فيه إن روسيا بدأت الحرب".
وبحسب "وول ستريت جورنال"، وقعت ثلاث حوادث معروفة على الأقل لدخول صواريخ روسية المجال الجوي البولندي منذ بداية الحرب الأوكرانية، بما في ذلك حادثة وقعت بالقرب من موقع تدريب لحلف ناتو. وتجبر هذه الحالات القوات البولندية والقوات المتحالفة معها على التفكير في كيفية الرد، وما إذا كانت ستحاول اعتراض عمليات إطلاق مستقبلية تنتهك الحدود.
وبين دودا أن إسقاط الصواريخ فوق المجال الجوي البولندي يمكن أن يتسبب في وقوع ضحايا من الحطام الناتج، لكن أعضاء ناتو يشعرون بالقلق أيضًا بشأن إسقاط الصواريخ الروسية فوق أوكرانيا، وهو تورط مباشر في الصراع الذي تجنبه أعضاء الحلف. وأضاف: "الأوكرانيون يقولون: نعم، لكن شركاءنا في حلف ناتو يقولون: لا تفعلوا ذلك خارج أراضي الحلف، وهذه مشكلة".
ومع تعرض أنظمة الدفاع الجوي في كييف للضغوط، شنت روسيا في الأسابيع الأخيرة جولة جديدة من الضربات الصاروخية على أوكرانيا، بما في ذلك مقاطعة لفيف، التي لا تبعد كثيراً عن الحدود البولندية. و"غالبًا ما يتجه مسار هذه الصواريخ بالقرب من حدود ناتو، وفي بعض الحالات فوقها"، وفقًا لمسؤولين غربيين. وقال دودا: "لقد رأينا تلك الاستفزازات.. لقد انتهكت الصواريخ الروسية مجالنا الجوي عدة مرات". بينما لم ترد وزارة الدفاع الروسية على طلب للتعليق.
وقال مسؤول في ناتو إن الصواريخ الروسية انتهكت المجال الجوي للحلفاء بشكل متكرر منذ عام 2022"، رافضا تقديم تفاصيل عن عدد الحوادث عبر الحدود. وأضاف أن حالات دخول طائرات عسكرية روسية المجال الجوي لحلف ناتو "لا تزال نادرة ولفترة قصيرة بشكل عام". مردفا: "ندين بشدة أي وجميع انتهاكات المجال الجوي للحلف، التي تعتبر غير مسؤولة وربما تكون خطيرة".
وقال مسؤول أميركي إن "الولايات المتحدة لم تحدد ما إذا كانت التوغلات الروسية متعمدة". في حين قال جاستن برونك، وهو زميل باحث كبير في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، والذي يدرس القوة الجوية والتكنولوجيا، إن "غارة واحدة أو اثنتين يمكن أن تكون بمثابة فشل في التوجيه، ولكن من المرجح أن تكون الانتهاكات المتكررة متعمدة". مؤكدا أن الروس "حرصوا على تقليل مخاطر وصول الصواريخ إلى أراضي ناتو بسبب أعطال أثناء الطيران".
وكان احتمال ضرب الصواريخ الروسية لبولندا مصدر قلق منذ الأيام الأولى للحرب الأوكرانية. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، تحطمت قذيفة بالقرب من بلدة برزيفودوف بجنوب بولندا، مما أسفر عن مقتل اثنين من العمال الزراعيين وإثارة المخاوف بشأن امتداد الحرب إلى ناتو. وبعد الحادث مباشرة، أمر الرئيس البولندي دودا بصياغة مذكرة رسمية تطلب من ناتو تفعيل المادة الرابعة من المعاهدة التأسيسية للحلف، والتي تسمح للأعضاء بطلب إجراء مشاورات بشأن قضية أمنية، وتعتبر بمثابة حافز محتمل لاستجابة كبيرة للحلف. ولكن في غضون 24 ساعة، قررت الحكومة البولندية أن المقذوف لم يكن صاروخًا روسيًا، بل كان صاروخًا اعتراضيًا أوكرانيًا للدفاع الجوي خرج عن مساره. وتعليقا على الحادثة قال دودا: "أستطيع أن أقول إن تلك كانت ليلة صعبة للغاية".
وفي الشهر التالي، اخترق صاروخ روسي المجال الجوي البولندي وحلّق لأكثر من نصف المسافة عبر البلاد، ثم تحطم في نهاية المطاف على مسافة ليست بعيدة عن موقع تدريب تابع لحلف ناتو، ورغم أن أحدا لم يصب بهذا الحادث، إلا أنه أدى إلى إجراء تحقيق في بولندا وجدّد التساؤلات داخل الحلف حول كيفية الرد على التهديدات الجوية المحتملة.
وتعليقا على هذه الحوادث، قال سفير روسيا في بولندا بعد ذلك إن "وارسو لم تقدم دليلاً على أن صاروخًا روسيًا اخترق الحدود"، وفقًا لوكالة أنباء "ريا نوفوستي" المملوكة للدولة.
ولم تقدم وزارة الدفاع البولندية مزيدًا من التفاصيل حول التوغلات. وقالت في بيان: "تفاصيل الأرقام الدقيقة لاستخدام الطيران البولندي والطيران المتحالف في مثل هذه العمليات هي معلومات سرية". في حين قال مصدر مطلع على الأمر إن الطائرات البولندية أرسلت أكثر من ألف مرة للرد على تهديدات محتملة على الحدود منذ غزو روسيا لأوكرانيا قبل أكثر من عامين، وفقا لـ"وول ستريت جورنال".
ورفض دودا الإفصاح عن كيفية رد بلاده إذا تسببت الصواريخ الروسية في سقوط ضحايا في بولندا، أو ما إذا كان سيحاول تفعيل اتفاقية الدفاع الجماعي لحلف شمال الأطلسي. واكتفى بالقول: "أعتقد أنه يتعين علينا أن نحاول تجنب موقف قد تقول فيه روسيا إنها تعرضت للاستفزاز من قبل حلف شمال الأطلسي.. حتى الآن روسيا هي التي تستفز ويمكن للجميع رؤية ذلك".