يصل رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، بعد غد الخميس، إلى المغرب، في زيارة رسمية هي الأولى منذ اندلاع الأزمة بين البلدين، بعد استقبال السلطات الإسبانية زعيم جبهة" البوليساريو" الانفصالية إبراهيم غالي، بـ"هوية جزائرية مزيفة"، للعلاج بعد إصابته بفيروس كورونا.
وأعلنت وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة، الثلاثاء، أن رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز سيقوم بزيارة رسمية إلى المغرب يوم الخميس المقبل بدعوة من الملك محمد السادس، مشيرة، في بيان لها، إلى أن العاهل المغربي سيجري مباحثات رسمية مع سانشيز، كما سيقيم مأدبة إفطار على شرف ضيفه.
وكان العاهل المغربي قد وجه، الخميس الماضي، دعوة إلى رئيس الحكومة الإسبانية لزيارة الرباط، في إشارة دالة على بدء صفحة جديدة في علاقات البلدين التي مرت من أزمة غير مسبوقة خلال الأشهر الماضية. في حين تم إرجاء زيارة الوزير الإسباني خوسي مانويل ألباريس، التي كانت مرتقبة الجمعة الماضي، بعدما تم الاتفاق مع الجانب المغربي على زيارة من مستوى رفيع لرئيس الحكومة الإسبانية في غضون أيام.
وتأتي زيارة سانشيز إلى الرباط بعد تطور لافت في الموقف الإسباني من قضية الصحراء، حيث أكد في رسالة وجهها إلى العاهل المغربي، في 14 مارس/ آذار الماضي، أنه "يدرك أهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب"، واعتباراً لذلك، فإن بلاده تعتبر أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي قُدمت سنة 2007 هي "الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية" لحل ملف الصحراء.
وقال سانشيز، في الرسالة، إن "البلدين تجمعهما، بشكل وثيق، أواصر المحبة، والتاريخ، والجغرافيا، والمصالح، والصداقة المشتركة"، معرباً عن "يقينه بأن الشعبين يجمعهما نفس المصير أيضاً"، وأن "ازدهار المغرب مرتبط بازدهار إسبانيا والعكس صحيح".
وأكد أن "هدفنا يتمثل في بناء علاقة جديدة، تقوم على الشفافية والتواصل الدائم، والاحترام المتبادل والاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، والامتناع عن كل عمل أحادي الجانب، وفي مستوى أهمية جميع ما نتقاسمه". وقال إن "إسبانيا ستعمل بكل الشفافية المطلقة الواجبة مع صديق كبير وحليف"، مؤكدا أن "إسبانيا ستحترم على الدوام التزاماتها وكلمتها".
من جهته، قال الديوان الملكي إن "الشراكة بين البلدين أضحت تندرج في إطار مرحلة جديدة، قائمة على الاحترام المتبادل، والثقة المتبادلة، والتشاور الدائم والتعاون الصريح والصادق".
وحسب المصدر ذاته، فإن مختلف الوزراء والمسؤولين في البلدين "مدعوون إلى تفعيل أنشطة ملموسة في إطار خارطة طريق طموحة وتغطي جميع قطاعات الشراكة، تشمل كل القضايا ذات الاهتمام المشترك".
ويتوقع أن تلعب زيارة رئيس الحكومة الإسبانية بمعية وفد رفيع المستوى، يتقدمه وزير الخارجية، دورا كبيرا في وضع خارطة طريق لمستقبل العلاقة بين البلدين، عبر مناقشة سبل إعادة إحياء العلاقات بينهما وبدء صفحة جديدة بعد الوصول إلى اتفاق لإنهاء الأزمة الديبلوماسية التي استمرت منذ أبريل/ نيسان الماضي.
كما ستكون الزيارة إلى المغرب مناسبة لمناقشة قضية إعادة الروابط البحرية بين الرباط ومدريد، والتباحث في فتح معبري بابي سبتة ومليلية المحتلتين، والبحث عن سبل لإعادة الحياة إليهما باعتبارهما طريقين نحو الضفة الأخرى. فضلا عن مجموعة قضايا ذات طبيعة مشتركة من قبيل ملف الهجرة والتعاون الاستخباراتي والأمني.
وتراهن الحكومة الإسبانية على استعادة علاقاتها مع المملكة في أقرب وقت، ووضع أسس جديدة لها بالنظر إلى المنافع المشتركة بين البلدين الجارين، فالمغرب ليس فقط أول شريك تجاري أفريقي لها وشريكها الاقتصادي الثالث خارج الاتحاد الأوروبي، ولكنه أيضا الشريك المميز في العديد من القضايا، مثل مكافحة الإرهاب وإدارة تدفقات الهجرة ومكافحة الجريمة المنظمة.
وتشمل الشراكة بين الرباط ومدريد 16 مليار يورو في التجارة، وتتعلق بـ17 ألف شركة إسبانية منها 700 مؤسسة على التراب المغربي. بالإضافة إلى ذلك، زادت الصادرات الإسبانية إلى المغرب بين عامي 2020 و2021 بنسبة 29%. وعلى صعيد آخر، يعيش ما لا يقل عن 800 ألف مغربي في إسبانيا.
وبعد 11 شهرا على الأزمة الحادة بين الرباط ومدريد، التي اندلعت على خلفية استقبال السلطات الإسبانية لزعيم جبهة البوليساريو"، إبراهيم غالي بـ"هوية جزائرية مزيفة" للعلاج بعد إصابته بفيروس كورونا، بدا واضحا أن فصلا من التوتر قد انتهى، ليبدأ فصل آخر عنوانه الرئيس توجه نحو مرحلة جديدة تقطع مع ماضي الخلافات.