أشاد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للسودان ورئيس بعثة "يونيتامس"، فولكر بيرتيس، بالتوقيع على اتفاق الإطار السياسي في السودان، مؤكداً أن ذلك يوفر "طريقاً لتحقيق تطلعات السودانيين".
وشدد خلال إحاطة دورية له أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، عبر دائرة متلفزة من السودان، على ضرورة أن يعمل المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة، لدعم تلك الجهود من أجل المضي قدماً.
واستهل بيرتيس إحاطته بالحديث عن الأزمة السياسية والاقتصادية والأمنية، التي وجد السودان نفسه بها منذ الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر /تشرين الأول 2021، وعبر عن أمله في أن يؤدي الاتفاق إلى إيجاد طريق "للخروج من الأزمة والشروع في مرحلة انتقالية جديدة أكثر استدامة".
وحول ذلك الاتفاق الذي وقع بين القيادة العسكرية ومجموعة واسعة من الأطراف المدنية، قال إنه "من المفترض أن يمهد الطريق، بعد جولة أخرى من المحادثات حول (مواضيع) جوهرية، إلى التوصل إلى اتفاق سياسي نهائي وتشكيل حكومة مدنية جديدة تقود البلاد نحو الانتعاش، وانتخابات ديمقراطية، على مدى عامين بمرحلة انتقالية".
وأشاد بجهود جميع الأطراف السودانية. وتحدث المسؤول الأممي عن الاتفاق على عملية سياسية من مرحلتين لتمهيد العودة إلى المرحلة الانتقالية التي يقودها المدنيون، مضيفاً: "انتهت المرحلة الأولى بتوقيع اتفاق الإطار السياسي. وعلى وشك أن تبدأ المرحلة الثانية".
ونوه إلى أنه وبمجرد التوصل إلى الاتفاق السياسي النهائي فإن ذلك من المفترض أن يؤدي إلى تشكيل حكومة مدنية "تكون في وضع أفضل لمعالجة الوضع الأمني والإنساني والاقتصادي، ويجب أن تمهد الطريق نحو بناء دولة ديمقراطية تقوم على حقوق الإنسان وسيادة القانون والمساواة الجندرية".
وأكد أن ذلك سيسمح باستئناف محادثات السلام مع الحركات التي لم تتفق بعد مع الحكومة، بالإضافة إلى استعادة الدعم الدولي واسع النطاق للسودان.
وتوقف المسؤول الأممي عند التحديات التي واجهها السودان منذ الانقلاب العسكري قبل أكثر من سنة. حيث أدى "الانقلاب والمأزق السياسي لاحقا، إلى حالة من عدم اليقين وانعدام الأمن، كما تصاعدت التوترات إلى أعمال عنف في المناطق التي شهدت هدوء في السابق، إذ قُتل أكثر من 900 شخص وأصيب عدد أكبر في النزاع العنيف، منذ بداية العام.
وأشار إلى أن الاشتباكات في النيل الأزرق وغرب كردفان ووسط دارفور، تظهر الهشاشة المتزايدة على مستوى الدولة، والتي تفاقمت بسبب استمرار الفراغ في الحكم، فيما تفتقر السلطات المحلية ببساطة إلى القدرة والموارد اللازمة لحماية المدنيين.
ولفت الانتباه إلى أن الصراعات في المناطق المختلفة خلفت أكثر من 260 ألف نازح منذ بداية العام. وأضاف: "كان يمكن تجنب كل ذلك، لأنها جميعاً من صنع البشر"، فيما عزا أغلب أسباب تلك الخلافات إلى "الوصول إلى الموارد، ويبدو أن تفاقمها يعود لاستغلال سياسي في بعض الحالات". وشدد على أن الكوارث الطبيعية تفاقم من تلك الأزمات، مما يزيد من الاحتياجات الإنسانية.
وأشار إلى أن الأمم المتحدة تمكنت من تقديم مساعدات لقرابة 9 ملايين شخص لكن خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي ممولة بنسبة 41.3 بالمئة فقط.
وعبر بيرتيس عن قلقه من وضع حقوق الإنسان في البلاد ولفت الانتباه إلى استمرار الاحتجاجات السلمية، في غالبيتها، ضد الحكم العسكري واستمرار قمعها من قبل القوات الأمنية.
وأضاف "ارتفع إجمالي عدد القتلى بين المتظاهرين، وخاصة في العاصمة، إلى 121 منذ الانقلاب. كما أصيب أكثر من 8 آلاف شخص". وشدد على ضرورة أن تحترم السلطات "الحق في التجمع السلمي، والامتناع عن الاستخدام المفرط للقوة حتى عند الاستفزاز".
كما شدد على ضرورة المشاركة الهادفة للمرأة والشباب واعتبرها عاملاً حاسماً في نجاح العملية السياسية والانتقالية. وأشار إلى دعوة منظمات ومجموعات حقوق المرأة إلى "مشاركة فعالة للمرأة في العملية بحيث تتشكل الوفود، على الأقل، بنسبة أربعين بالمئة من النساء"، مشيراً إلى أن بعض مطالب النساء قد تم تضمينها في الاتفاقية الإطارية.
وشدد أيضًا على أنه وعلى الرغم أن توقيع الاتفاق الإطاري يشكل اختراقا مهما، إلا أن القضايا الخلافية الحاسمة بحاجة إلى المعالجة في الاتفاقية النهائية، وتشمل هذه القضايا: "إصلاح قطاع الأمن ودمج القوات، والعدالة الانتقالية، وتنفيذ اتفاقية جوبا للسلام، ووضع لجنة التفكيك، والشرق".
ورأى المبعوث الأممي أنه من المفيد، في المرحلة الحالية الثانية، إجراء تبادل حول الأولويات الاقتصادية والتنموية للحكومة الجديدة. وقال إن "يونيتامس" وفريق الأمم المتحدة القطري قد بدأوا بالفعل بالتنسيق مع المجتمع الدولي على الأرض هنا لضمان "حزمة" من الدعم لفترة انتقالية جديدة.