رئيس البرلمان العراقي يعلن قبول استقالة نواب الكتلة الصدرية

12 يونيو 2022
قال الحلبوسي إنه قبل استقالات النواب نزولًا عند رغبة الصدر (صباح عرار/فراس برس)
+ الخط -

أعلن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، مساء الأحد، عن قبول طلبات استقالات نواب الكتلة الصدرية، مشيراً إلى أنه "بذل جهدًا مخلصًا وصادقًا لثني الصدر عن هذه الخطوة، إلا أن الأخير آثر أن يكون مضحياً وليس سبباً معطِّلاً؛ من أجل الوطن والشعب، فرأى المضي بهذا القرار".

وفي وقت سابق، الأحد، وجه زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، نواب كتلته بتقديم استقالاتهم رسمياً من البرلمان، وذلك بعد ساعات من حراك سياسي واسع كشفت عنه مصادر لـ"العربي الجديد"، بهدف ثني الصدر عن اتخاذ مثل هذه الخطوة التي تؤشر إلى تعقد الأزمة بشكل أكبر.

وكان نواب الكتلة الصدرية، قد كتبوا جميعهم الخميس الفائت، استقالاتهم ووضعوها تحت أمر زعيم التيار الصدري، الذي لوّح أخيرا بالانسحاب من العملية السياسية.

وأكد الصدر في بيان، إيعازه لرئيس الكتلة الصدرية في البرلمان حسن العذاري بتقديم استقالات نواب الكتلة الى رئيس البرلمان، مقدما شكره الى "النواب لما قدموه خلال هذه الفترة القصيرة".

وشكر الصدر أيضاً، حلفاءه في تحالف "إنقاذ وطن" الذي يضم تحالف السيادية و"الحزب الديموقراطي الكردستاني"، لما "أبدوه من وطنية وثبات"، وأكد أنهم في حل منه.

كما شكر مرشحه لرئاسة الوزراء جعفر الصدر، معتبرا استقالات نواب كتلته "تضحية من أجل الوطن والشعب لتخليصهم من المصير المجهول". ولم يكشف الصدر عن توجهه خلال المرحلة المقبلة، وما إذا كان ينوي الانسحاب من العملية السياسية أو غير ذلك، فيما لم يرد أغلب نواب الكتلة الصدرية على الاتصالات الهاتفية لمراسل "العربي الجديد"، في ظل غموض في المشهد السياسي.

وجاءت خطوة الصدر عقب اتصال هاتفي أجراه، عصر اليوم، مع رئيس "الحزب الديمقراطي الكردستاني" مسعود البارزاني، لـ"لتباحث حول آخر التطورات السياسية في العراق"، بحسب بيان صدر عن مكتب البارزاني.

ولم يعرف بعد موقف قطبي تحالف "إنقاذ وطن" (تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني)، إزاء مستقبل تحالفهما مع الصدر، وكانا قد أكدا في تصريحات سابقة أنهما لن ينتميا لأي حكومة ليس الصدر جزءا منها.

كما ينتظر أن يكون لتحالف "الإطار التنسيقي"، موقف إزاء ما أقدم عليه الصدر.

من جهته، علق رئيس مركز التفكير السياسي في العراق، إحسان الشمري، على خطوة الصدر، وقال في تغريدة له "الصدر نحو المعارضة الشعبية".

وكانت مصادر سياسية عراقية مختلفة في بغداد وأربيل، قد كشفت لـ"العربي الجديد"، اليوم الأحد، عن حراك سياسي تتصدره قوى سياسية عربية سنيّة، وأخرى كردية، لثني زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، عن اتخاذ أي خطوة باتجاه الانسحاب من البرلمان أو لعب دور المعارضة فيه، وذلك بعد أيام من مطالبة الصدر نواب كتلته بكتابة استقالاتهم من البرلمان استعداداً للتقدم بها.

وبيّنت المصادر ذاتها أن اجتماع تحالفي "السيادة" و"الديمقراطي الكردستاني" في أربيل، الذي جمع كلاً من مسعود بارزاني ومحمد الحلبوسي وخميس الخنجر، نهار أمس السبت، جاء لثني زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، عن قراره الأخير باتخاذ موقف المعارضة الدائمة أو الانسحاب من العملية السياسية.

وأكد قيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني أن "المجتمعين في أربيل بحثوا إمكانية إجراء زيارة قريبة إلى النجف، حيث مقر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مع إجراء اتصالات مع مقربين من الصدر لتنسيق الاجتماع المرتقب".

وأوضح القيادي أن "المجتمعين في أربيل اتفقوا على تمسكهم بالتحالف مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وألا يكون هناك أي ذهاب نحو التحالف مع الإطار التنسيقي، لتشكيل الحكومة الجديدة، دون الصدر".

 فيما أكد مصدر آخر ببغداد لـ"العربي الجديد" أيضاً أن "الأطراف الدولية الفاعلة في العراق، وعلى رأسها إيران والولايات المتحدة، باتت تدرك خطورة اتجاه الأزمة إلى انسحاب الصدريين واتخاذهم دور المعارضة، لأن ذلك يعني عدم استقرار أي حكومة قادمة أكثر من 6 أشهر، مع إمكانية حدوث احتكاكات بينهم وبين فصائل وأجنحة مسلحة لأحزاب معروفة".

عبد الكريم: بقاء زعيم التيار الصدري في المعارضة يهدد القوى السياسية المتنفذة في بغداد ولن يطول عمر الحكومة الجديدة

توجه لحل البرلمان

وجاء اجتماع أربيل، أمس السبت، بين رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، بعد أيام من كتابة نواب الكتلة الصدرية في البرلمان العراقي (73 نائباً من أصل 329) استقالاتهم، ووضعها تحت تصرف الصدر، في خطوة اعتبرتها أطراف سياسية بداية التوجه نحو حلّ البرلمان الحالي، وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة.

في هذ السياق، قال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، مهدي عبد الكريم، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "حراكاً واسعاً بدأ فعلياً من أجل ثني الصدر عن أي قرار ناسف مثل الذهاب للمعارضة أو استقالة نواب الكتلة الصدرية".

وأضاف عبد الكريم أن "جميع الأطراف السياسية لا تريد ذهاب الصدر نحو المعارضة أو الانسحاب من العملية السياسية، ومن تلك الأطراف الإطار التنسيقي نفسه".

وتابع أن "بقاء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في المعارضة يشكل تهديداً على القوى السياسية المتنفذة في بغداد، ولن يطول عمر الحكومة الجديدة، لما يملكه من قاعدة شعبية يمكن أن تنزل إلى الشارع في أي لحظة بتظاهرات شعبية غاضبة، ولهذا الكل يريد الصدر مشاركاً لا معارضاً".

الموسوي: اتخاذ التيار الصدري قرار استقالة نوابه من البرلمان يعني أن الخطوة المقبلة ستكون دعوات لحله والتوجه نحو إجراء انتخابات جديدة

فيما قال القيادي في تحالف "الإطار التنسيقي"، علي الموسوي، لـ "العربي الجديد"، إن تحالفه "يرفض فكرة ذهاب الصدر نحو المعارضة أو الانسحاب، وعملنا طيلة الأشهر الماضية على إنشاء تحالف معه لتشكيل الحكومة الجديدة، لكن هو من يرفض ذلك".

واعتبر الموسوي أن "اتخاذ التيار الصدري قرار استقالة نوابه من البرلمان يعني أن الخطوة المقبلة ستكون دعوات لحلّه والتوجه نحو إجراء انتخابات جديدة، وهذا الأمر عليه خلاف سياسي، ولا توافق عليه، فهناك من يرفض هكذا خطوات، وهناك من يؤيد، وهذا الأمر سوف يخلق مشاكل وأزمات جديدة".

محاذير المعارضة أو الانسحاب

في المقابل، قال المحلل السياسي المقرب من تحالف "إنقاذ وطن "، محمد زنكنة، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "هناك سعياً وحراكاً مكثفاً من أجل ثني زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على قرار اتخاذ المعارضة الدائمة أو الانسحاب من العملية السياسية، واجتماع أربيل الأخير بين بارزاني والحلبوسي والخنجر، هذا أبرز أهدافه".

زنكة: الكل يدرك خطورة انسحاب الصدر من العملية السياسية الذي يمكن أن يحشد جمهور التيار الصدري في الشارع ويكون هناك عصيان مدني أو انتفاضة شعبية

 وبيّن زنكنة أن "القوى السياسية جميعها لا تريد ذهاب الصدر نحو المعارضة، والكل سوف يعمل على ثني الصدر عن اتخاذ قرار كهذا، كما أتوقع أن الإطار التنسيقي سوف (يتوسل) إلى زعيم التيار الصدري من أجل عدم الانسحاب من العملية السياسية خلال المرحلة المقبلة"، وفقاً لقوله.

وأضاف المحلل السياسي أن "الكل يدرك خطورة انسحاب الصدر من العملية السياسية، فهذا الأمر ممكن أن يحشد جمهور التيار الصدري في الشارع العراقي، ويكون هناك عصيان مدني أو انتفاضة شعبية كما حصل في تشرين 2019، ولهذا الكل يعمل حالياً على ثني الصدر عن قرار المعارضة والانسحاب".

 ودخل العراق الشهر الثامن على إجراء الانتخابات التشريعية في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتي أفضت إلى نتائج خارجة عن مألوف الانتخابات السابقة، بعد اعتماد نظام الدوائر الانتخابية المتعددة وتنظيم إجراءات رقابة واسعة حدّت من عمليات التزوير والتلاعب بشكل واضح.

ويُصرّ الصدر، الذي نجح في استقطاب قوى سياسية عربية سنيّة وأخرى كردية ضمن تحالف عابر للهويات الطائفية (إنقاذ وطن)، على تشكيل حكومة أغلبية وطنية.

وفي المقابل، تريد القوى المدعومة من طهران ضمن "الإطار التنسيقي"، الذي يتكون من كتل عدة، أبرزها "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، و"الفتح" بزعامة هادي العامري، تشكيل حكومة توافقية على غرار الحكومات السابقة القائمة على نهج المحاصصة داخل مؤسسات الدولة، وفقاً للأوزان الطائفية وليس الانتخابية.

المساهمون