تجسد الفنلندية سانا مارين (36 عاماً)، أصغر رئيسة وزراء في العالم، والتي نشأت في كنف امرأتين، حداثة غير نمطية في السلطة، مع ميول معلنة لحضور الحفلات التي أثارت الجدل في سائر أنحاء العالم.
بعد أيام من تسريب مقاطع فيديو تظهر فيه وهي ترقص وتحتفل مع مجموعة من الأصدقاء والمشاهير، دافعت مارين الخميس بشدّة عن نفسها بالقول: "أنا إنسانة. وأنا أيضاً أتوق أحياناً للفرح والنور والمرح خلال هذه الأيام القاتمة".
لتبرئة نفسها من كل الشكوك، أجرت الزعيمة الاشتراكية الديموقراطية اختباراً للكشف عن المخدرات جاءت نتيجته سالبة.
وكانت سانا مارين التي عُيِّنت في 2019 رئيسة للوزراء، قد تعرضت لانتقادات بعد إقامة حفلات في مقرها الرسمي، ما أجبرها على الاعتذار.
وأظهرت استطلاعات للرأي نشرتها صحيفة Helsingin Sanomat الجمعة أن 42 بالمئة من الفنلنديين تراجع رأيهم في رئيسة الوزراء بعد هذه الحادثة.
خلال ثلاث سنوات في المنصب، اكتسبت مارين سمعة كرئيسة وزراء كفوءة وجادة، تمكنت من قيادة فنلندا خلال الوباء، ومن ثم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
قال الأستاذ الجامعي آنو كويفونين: "اعتاد الناس رؤيتها قائدة أزمة".
ووافقته الرأي إميليا بالونين، وهي باحثة في العلوم السياسية في جامعة هلسنكي، وقالت: "بصفتها سياسية، فهي تحظى بالاحترام. إنها حازمة ومنفتحة على النقاش في آن واحد".
لكن ولايتها كانت محفوفة بالجدل، من ارتداء ثياب مكشوفة، إلى دعوات لتناول وجبة الإفطار في مقر إقامتها تسدد قيمتها من جيوب دافعي الضرائب.
في ديسمبر/كانون الأول 2021 تعرضت لانتقادات شديدة، بعد كشفها أنها رقصت حتى ساعات الفجر الأولى بعد أن خالطت مصاباً بكوفيد.
فتاة المتجر
عندما تبوأت منصبها رئيسةً للوزراء في الرابعة والثلاثين من عمرها بعد صعود سريع، لم تكن مارين التي نشأت في بيئة متواضعة معروفة نسبياً.
نشأت الشابة ذات الشعر الداكن في بلدة صغيرة بالقرب من تامبيري في جنوب فنلندا "في كنف عائلة ذات دخل منخفض تعيش في مسكن مستأجر من البلدية"، كما قالت.
وكتبت في مدونتها: "انفصل والداي بسبب إدمان والدي الكحول عندما كنت صغيرة". ولم تعرف في طفولتها "الوفرة المادية"، إلا أنها كانت طفولة "مليئة بالحب".
وكانت أول من التحق في عائلتها بالجامعة، ونالت شهادة الماجستير في الإدارة.
ولتمويل دراستها، عملت أمينة صندوق في متجر، وهو ما أخذه عليها خصومها لاحقاً. عندما أصبحت رئيسة للوزراء، أشادت صحيفة Iltalehti "بالصعود الرائع لأمينة صندوق المتجر إلى قمة فنلندا".
وأثار وزير داخلية إستونيا آنذاك، مارت هيلم، الجدل عندما وصف رئيسة الحكومة الجديدة بأنها "فتاة المتجر". دفع هذا الجدل العديد من الشخصيات في فنلندا إلى سرد صعودهم من بدايات متواضعة كأمناء صندوق أو عمال منزل.
وبدأت شهرة مارين من خلال موهبتها في قيادة المناقشات بعد عام من انتخابها نائبة في البرلمان في عام 2015.
ونال مقطع فيديو شهرة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي ظهرت فيه وهي تقود ببراعة نقاشاً ماراتونياً حول خطوط الترام الجديدة في تامبيري، على الرغم من أن الجدل كان يخرج عن مساره بسبب حجج لا أساس لها لمصلحة الترام أو ضده.
أُشيدَ بمهنيتها. وكتبت صحيفة Helsingin Sanomat: "سانا مارين تعرف كيف تُسكت المناكفين".