رؤية السياسة الخارجية الجديدة للكرملين: إقرار بالأمر الواقع وأولوية "العالم الروسي"

01 ابريل 2023
الرؤية تضع الخطوط العريضة للدبلوماسية الروسية (سيرغي إلينتسكي/ فرانس برس)
+ الخط -

على عكس النسخة السابقة من رؤية السياسة الخارجية الروسية المؤرخة بعام 2016، تنص الوثيقة المحدثة التي وقعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الجمعة، صراحة على أن روسيا تنظر إلى نهج الولايات المتحدة على أنه "الملهم الرئيسي لسياسة الغرب الجماعي المعادية لروسيا، ويعرّض أمنها للمخاطر، وكذلك السلام الدولي والتطور العادل للبشرية".

ومع ذلك، تشير الرؤية الجديدة إلى أن روسيا لا تعتبر نفسها "عدوا للغرب"، ولا تعزل نفسها عنه، ولا تتبنى نوايا عدائية تجاهه، محددة علاقة موسكو مع الدول الأخرى حسب الطابع البناء أو المحايد أو غير الصديق لسياساتها تجاه روسيا الاتحادية.

واعتبر أستاذ العلوم السياسية في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، كيريل كوكتيش، أن الرؤية الجديدة للسياسة الخارجية الروسية تنطلق من أخذ الوقائع والأولويات الجديدة بعين الاعتبار، مرجعا تصنيف الولايات المتحدة مصدراً للخطر إلى تلاشي الآمال في تحسين العلاقات في عهد إدارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، مقارنة مع عهد سلفه دونالد ترامب.

وقال كوكتيش في حديث لـ"العربي الجديد": "تضع الرؤية الجديدة الوقائع الجيوسياسية والأولويات الجديدة في الحسبان، وتحدد المخاطر الناجمة عما تبقى من الهيمنة الأميركية في عالم لم تعد فيه الولايات المتحدة هي المركز العالمي الوحيد".

ومع ذلك، اعتبر أن اعتماد الرؤية الجديدة للسياسة الخارجية لا يعني مزيدا من التصعيد مع الغرب تلقائيا، مضيفا: "رؤية السياسة الخارجية هي عبارة عن مجموعة من الخطوط العريضة التي يجب ألا تتعارض الأعمال الفعلية معها".

وحول تصوره لأسباب عزوف روسيا عن تصنيف الولايات المتحدة مصدراً للخطر في النسخة السابقة من رؤية السياسة الخارجية، تابع قائلا: "تزامن اعتماد النسخة السابقة مع انتحاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، وسط آمال بتحسين العلاقات بين البلدين. صحيح أن سنوات حكم ترامب لم تشهد تغييرا للأفضل في العلاقات الروسية الأميركية، ولكن موسكو كانت تنظر إليه على أنه خصم تحترمه ويسترشد بالعقل السليم والمصالح الوطنية الأميركية، على عكس الإدارة الأميركية الحالية".

وكان الكرملين قد نشر أمس نص الرؤية الجديدة للسياسة الخارجية الروسية، وجاء فيها أن "روسيا قررت مصيرها كدولة - حضارة أصيلة" و"معقل العالم الروسي" و"أحد المراكز السيادية للتنمية العالمية".

وأقرت الرؤية الجديدة للسياسة الخارجية، التي تأتي بعد أكثر من عام على الحرب الروسية في أوكرانيا، بأن المشروع الرئيسي لروسيا في القرن الـ21 هو "تحويل أوراسيا إلى المجال القاري الموحد للسلام والاستقرار والثقة المتبادلة والتنمية والازدهار".

وصادق بوتين على النسخة السابقة من رؤية السياسة الخارجية في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وهي لم تتضمن تعريفا لروسيا، بينما جاء في بنديها الرابع والخامس أن العالم الحديث يمر بفترات التغييرات العميقة التي يكمن جوهرها في تشكيل نظام دولي متعدد المراكز، كما لم تتضمن الرؤية السابقة تقسيما للدول من حيث ماهية سياساتها تجاه روسيا.

وتناولت النسخة السابقة من الرؤية الغرب في سياق "تقلص إمكانيات الغرب التاريخي للهيمنة في السياسة والاقتصاد العالميين" والأزمة في العلاقات بين روسيا والدول الغربية بسبب تخاذلها عن "بدء تحقيق البيانات السياسية حول تشكيل منظومة عموم أوروبا للأمن والتعاون".

المساهمون