ذكرى هجوم الكونغرس: موقفان مرتقبان لبايدن وترامب

04 يناير 2022
يصرّ ترامب على أن الانتخابات سُرقت منه (براندن سميالوفسكي، جيم واتسون/فرانس برس)
+ الخط -

يتجسّد الانقسام الذي تعيشه الولايات المتحدة، الخميس، عندما يستغل الرئيس جو بايدن ذكرى هجوم السادس من يناير/كانون الثاني على مبنى الكابيتول، للتحذير من التهديدات التي تواجهها الديمقراطية الأميركية، بينما يتحدث سلفه دونالد ترامب، في بث حي، عن نظريات المؤامرة الخاصة به.

وبعد مرور عام على محاولة مجموعة من أنصار ترامب اقتحام الكونغرس لمنع المشرّعين من المصادقة على فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية، ما زالت الانقسامات السياسية واضحة جداً. ومن المتوقع أن يتحدث بايدن ونائبته كامالا هاريس من داخل مبنى الكابيتول، الذي يُعدّ رمزاً للديمقراطية، والذي شهد أعمال شغب دامية خلال محاولة مجموعة من أنصار ترامب اقتحامه، تخللتها مواجهة مع الشرطة.

وبصفته سياسياً مخضرماً عاد من تقاعده لمواجهة رئاسة ترامب التي يعتبرها استبدادية، حذّر بايدن باستمرار، خلال سنته الأولى في البيت الأبيض، من تهديد "وجودي" للحريات السياسية التي كان معظم الأميركيين يعتبرونها حتى الآن من المسلّمات. ويُعتقد أن خطابه، وهو جزء من سلسلة أحداث "يوم صعب"، بحسب قول نانسي بيلوسي الحليفة الأبرز لبايدن، سيأخذ هذا التحذير إلى مستوى جديد.

لكن فيما يقف الكونغرس وقفة موحدة من أجل ما وصفها بايدن بـ"اللحظة المظلمة"، سيعقد ترامب مؤتمراً صحافياً من مقر إقامته الفاخر في منتجع مارالاغو في ولاية فلوريدا. وسيكون من السهل توقّع محتوى رسالته أيضاً. فعلى الرغم من خسارته بأكثر من سبعة ملايين صوت أمام بايدن والعديد من الطعون القضائية في أنحاء البلاد، يتمسك ترامب بإصراره على أن انتخابات 2020 سُرقت منه. وهذه الاتهامات ليست إلا العنصر الأكثر إثارة للاحتقان، في هجوم أوسع ضد بايدن على كل الأصعدة، من قضية الهجرة إلى جائحة كوفيد-19، وكلها جزء مما يبدو، إلى حدّ كبير، محاولة غير معلنة رسمياً بعد لاستعادة السلطة في عام 2024.

وهذه حملة يصفها كارل توبياس، الأستاذ في كلية الحقوق في جامعة ريتشموند، بأنها "غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة". وأوضح توبياس "لم يحاول أي رئيس سابق فعل الكثير لتشويه سمعة خلفه وتشويه العملية الديمقراطية".

ماذا يمكن أن يفعل بايدن؟

مهما كانت نظرية المؤامرة الانتخابية سخيفة، إذ حكم قاضٍ فدرالي في ولاية بنسلفانيا بأن قضية ترامب "مفككة تفتقر إلى حجة قانونية مقنعة أو دليل واقعي يدعمها"، يعتبرها ملايين الأميركيين حقيقة. وتظهر استطلاعات الرأي باستمرار أن حوالى 70 في المائة من الجمهوريين يعتقدون أن بايدن انتخب بطريقة غير شرعية.

وأظهر استطلاع جديد أجرته "واشنطن بوست" وجامعة ميريلاند، أن هذه النسبة تبلغ 58 في المائة. من ناحية أخرى، وجد الاستطلاع نفسه أن 40 في المائة من الجمهوريين، مقارنة بـ23 في المائة من الديمقراطيين، يعتقدون أن العنف ضد الحكومة مبرّر في بعض الأحيان.

وأصبحت محاربة ما روّجه ترامب على أنه "سرقة"، أيديولوجية سياسية في حدّ ذاتها، مع تجنب جميع النواب الجمهوريين تقريباً انتقاد ما حدث في 6 يناير/كانون الثاني، أو دفاعهم بنشاط عن الهجوم. وقالت لارا براون، مديرة كلية الدراسات العليا للإدارة السياسية في جامعة جورج واشنطن، إن مزيجاً من السياسيين الاستغلاليين يسعون إلى كسب ترامب والناخبين الذين يصدقون ما يقال لهم، وهو ما بات يشكل قوة معتبرة. وأضافت "الأمر المخيف في ما نحن فيه الآن، ليس مجرد أن هذه هجمات نخبة، بل أن حركات شعبية تعززها".

وتابعت "لم تكن الجماعات اليمينية المتطرفة هي وحدها التي نظمت" أحداث 6 يناير، "كان مواطنون أميركيون عاديون مقتنعين بهذه الفكرة". من غير الواضح ما الذي يمكن أن يفعله بايدن لتغيير هذه الديناميكيات.

من جانبها، حضّت العالمة السياسية والخبيرة الديمقراطية في استطلاعات الرأي رايتشل بيتكوفر، بايدن، على مواجهة ترامب بشكل أكثر عدوانية، بدلاً من التمسك بالتظاهر بأن ترامب لم تعد له أهمية. وقالت إن بايدن "لا يحيي ذكرى حدث انتهى. إنه يحيي ذكرى حدث جارٍ وقد يزداد سوءاً. هناك إحجام فعلي عن الاعتراف بمدى شراسة هجوم اليمين على الديمقراطية".

ومع ذلك، أشارت براون إلى أن بايدن ليست لديه مساحة كبيرة للمناورة، لأن الهجوم المباشر على ترامب قد يبدو كأنه "مطاردة سياسية"، وهو بالضبط ما يتحدث عنه الرئيس السابق في نظريات المؤامرة الخاصة به.

الكونغرس يبدأ جلسات تحقيق علنية قريباً

إلى ذلك، يبدأ التحقيق الذي يجريه الكونغرس الأميركي في الهجوم الدامي الذي شنّه ترامب على مبنى الكابيتول، جلسات علنية لمدة أسابيع، ستسلّط الضوء على التحقيق، مع اشتداد الحملة الانتخابية لانتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/تشرين الثاني.

وتم إجراء التحقيق في أسوأ هجوم على الكونغرس منذ حرب 1812 في جلسات مغلقة إلى حدّ كبير حتى الآن. وأجرت لجنة مجلس النواب الخاصة بهذا الأمر، في 6 يناير/كانون الثاني، مقابلات مع أكثر من 300 شاهد حول أعمال العنف التي ارتكبها أنصار ترامب الذين كانوا يسعون إلى إلغاء هزيمته في الانتخابات ورد ترامب عليها.

ويتسابق أعضاء اللجنة لإنهاء عملهم قبل انتخابات الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني. ويدرك الأعضاء الديمقراطيون السبعة والعضوان الجمهوريان في اللجنة، أن جهودهم يمكن أن تتوقف إذا استعاد الجمهوريون الأغلبية في مجلس النواب، وفقاً لما ترجحه التوقعات.

(فرانس برس، رويترز)

المساهمون