"ذا غارديان": الأردن يؤكد وصايته على المسجد الأقصى تحسباً لصفقة تطبيع بين السعودية وإسرائيل
ذكرت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، الخميس، أن الأردن سارع لتأكيد وصايته على المسجد الأقصى في القدس بعد اجتماع بين قادة إسرائيليين وسعوديين، أثار مخاوف في عمان من أن مصير أحد أقدس المواقع الإسلامية قد يكون مطروحاً في صفقة تطبيع بين البلدين.
ورأت الصحيفة أن "التطورات الأخيرة في العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، والتي توّجت بزيارة بنيامين نتنياهو نهاية الأسبوع الماضي إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أدت جميعها إلى زيادة قلق القادة الأردنيين القلقين أساساً من المواقف الإقليمية للرياض".
وأضافت الصحيفة أن "الأردنيين يخشون أن الأقصى يمكن أن يكون جزءاً من صفقة ما، في الوقت الذي تحاول فيه إدارة ترامب صنع مجد شخصي لها في المنطقة في أسابيعها الأخيرة".
فمن دون مبرر واضح، أصدرت وزارة الخارجية الأردنية بياناً مساء الأربعاء، جددت فيه رفضها "محاولات تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم" للمسجد.
وقال الناطق باسمها ضيف الله الفايز، "إن الأردن وانطلاقاً من الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس؛ سيواصل جهوده لحماية المسجد ورعايته وحفظ حق المسلمين كافة فيه".
وتذكر الصحيفة أن البيان جاء بعد اتصال هاتفي بين الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، والملك الأردني عبد الله الثاني، وهو من الأسرة الهاشمية، التي تفرض الوصاية على المواقع المقدسة في القدس منذ عام 1924، أي في العام نفسه الذي فرضت فيه الأسرة السعودية السيطرة على مكة والمدينة.
وبحسب "ذا غارديان"، فإن الوصاية الهاشمية على الأقصى وقبة الصخرة كانت مصدراً رئيسياً للشرعية ودعم الأسرة الحاكمة في الأردن لما يقرب من قرن من الزمان، حيث يرجع تاريخها إلى ما قبل استقلال الأردن.
ويخشى القادة الأردنيون الآن أن دونالد ترامب ونائبه مايك بنس ووزير خارجيته مايك بومبيو، إلى جانب نتنياهو؛ قد يميلون إلى تغيير هذا الوضع من خلال عرض المواقع المقدسة على السعودية، باعتبارها حجر الزاوية في صفقة التطبيع. ومن شأن توقيع اتفاق تطبيع معها أن يقزّم الاتفاقيات الموقعة في الأسابيع الماضية بين إسرائيل والإمارات والبحرين، بحسب "ذا غارديان".
وتنقل الصحيفة عن عدنان أبو عودة، أحد كبار السياسيين الذين عملوا مع الملك عبد الله ووالده الملك حسين من قبله، قوله إن "الوصاية على الحرم المقدسي كانت حجر الزاوية في الأسرة الهاشمية، وإحساس الأردن بالفخر. وإن هذه الوصاية موثّقة في معاهدة السلام الموقعة مع إسرائيل، ما يعني أن مطالبة الأردن بالاحتفاظ بالوضع القائم كانت قوية".
ويضيف أبو عودة: "عبر التاريخ، كان الجانب الديني جانباً أساسياً في إضفاء الشرعية على الحاكم، وقد استمدّ الهاشميون شرعيتهم من القدس، بعد خروجهم من الحجاز". ويرى أبو عودة أن "إسرائيل تمارس ضغطاً وابتزازاً في الوقت الحالي على الأردن بخصوص مسألة الوصاية وتهدد بإعطائها للسعوديين، وذلك ليس بعيد المنال، وأعتقد أن جلالة الملك يتفهم ذلك الأمر".
تمارس إسرائيل ضغطاً وابتزازاً في الوقت الحالي على الأردن بخصوص مسألة الوصاية وتهدد بإعطائها للسعوديين
لقد حكم الهاشميون طوال قرون مكة المكرمة، وبقي الوضع كذلك حتى غزاها آل سعود عام 1924، ثم سيطروا كذلك على المدينة المنورة المجاورة، لتغدو المنطقة برمتها جزءاً أساسياً من المملكة العربية السعودية، في حين فرضت الأسرة الهاشمية وصايتها على المسجد الأقصى. وترى "ذا غارديان" أنه منذ ذلك الحين ثمة صراع نفوذ قائم بين السلالتين، تهيمن عليه المملكة العربية السعودية بشكل متزايد.
كما تنقل الصحيفة نفسها عن إيلي بوده، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في الجامعة العبرية بالقدس، قوله "إن مصير الحرم القدسي قد طرحه إيهود أولمرت سابقاً خلال محادثات السلام مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عام 2008". ويرى بوده أن "أولمرت كان صريحاً جداً بشأن هذه القضية"، واقترح "أن تكون البلدة القديمة في القدس مدينة دولية تديرها لجنة مؤلفة من خمسة أعضاء، هم: الأردن والسعودية والفلسطينيون والولايات المتحدة وإسرائيل". وعلى الرغم من طرح الفكرة؛ فإن أية خطوات عملية لم تتخذ في هذا السياق.
أما السير جون جنكينز، وهو القنصل العام السابق للمملكة المتحدة في القدس الشرقية والسفير السابق في الرياض، فقد أكد لصحيفة "ذا غارديان" أن القيام بهذه الخطوة ستكون له تداعيات واسعة النطاق على الأمن الإسرائيلي والأردني.
وأضاف: "ستصيب الخطوة النظام الملكي الهاشمي في مقتل، وسيغير الأردن موقفه من الضمانات التي قدمها لحفظ الأمن في إسرائيل والمنطقة. سيكون الأمر أشبه بإلقاء قنبلة يدوية في غرفة مزدحمة"، على حد قوله.
أما بالنسبة للسعودية الطامحة نحو زيادة نفوذها وتعزيزه، فإن الخطوة تمثّل إغراء كبيراً، إذ من شأن ذلك أن يضيف موقعاً إسلامياً مقدساً ثالثاً إلى قائمة المواقع التي تشرف عليها، الأمر الذي سيعزز من مكانتها وشرعيتها بوصفها القائد المطلق للعالم الإسلامي، وخاصة أمام محاولات إيران التشكيك في شرعية انفرادها بالسيطرة على مكة والمدينة، بحسب "ذا غارديان".