يصل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء، ستيفان دي ميستورا، اليوم السبت، إلى العاصمة المغربية الرباط، في ثاني جولة له في المنطقة، منذ تعيينه قبل 9 أشهر، خلفاً للمبعوث السابق الألماني، هورست كوهلر، الذي كان قد استقال عام 2019 لـ"دواع صحية".
وأعلنت الأمم المتحدة، أمس الجمعة، عزم دي ميستورا القيام بجولة إقليمية يستهلها السبت، بزيارة العاصمة المغربية الرباط، قبل أن ينتقل إلى الصحراء، جنوب المغرب، في أول زيارة له للمنطقة منذ تعيينه في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
في المقابل، لا يعرف إلى حد الساعة إن كانت الجولة الجديدة ستشمل مخيمات تندوف بالتراب الجزائري وموريتانيا والجزائر، بعد أن اكتفى المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، خلال مؤتمر صحافي عقده بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك، أمس الجمعة، حينما سئل عن سبب عدم ذكر الجزائر أو موريتانيا في إعلان المبعوث عن الرحلة الجديدة، بالقول إنه سيعلن عن معلومات أخرى إذا توافرت مع تقدم الرحلة.
وقال دوجاريك إن "الهدف من جولة المبعوث الأممي هو معرفة كيف يمكننا المضي قدماً في الحوار بين الأطراف في سياق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
وأضاف: "سيتوجه المبعوث الشخصي للأمين العام إلى الرباط غداً للقاء مسؤولين مغاربة، كما يعتزم زيارة إقليم الصحراء خلال هذه الرحلة".
وأردف دوجاريك: "خلال هذه المرحلة من الانخراط الدبلوماسي يعتزم المبعوث الشخصي أن يظل مسترشداً بالسوابق الواضحة التي وضعها أسلافه".
وتابع: "عقب جولة إقليمية في يناير/ كانون الثاني الماضي، فإن المبعوث الخاص يتطلع إلى تعميق المشاورات التي بدأها في ذلك الوقت مع جميع الأطراف المعنية حول آفاق التقدم البناء للعملية السياسية في الصحراء".
وكان دي ميستورا قد قام بأول جولة له في المنطقة في يناير/ كانون الثاني الماضي قادته إلى الرباط وموريتانيا والجزائر ومخيمات تندوف في الجزائر للقاء ممثلي جبهة بوليساريو.
ويواجه الدبلوماسي الإيطالي في مهمته الجديدة، المتمثلة في إدارة ملف شائك، تحدي إقناع الأطراف باستئناف ما بدأه سلفه من مساع دبلوماسية كللت بجمع المغرب والجزائر وموريتانيا و"جبهة البوليساريو" على طاولة المفاوضات، في سويسرا في ديسمبر/كانون الأول 2018، وفي مارس/آذار 2019.
وبينما يرى مراقبون مغاربة أن الجولة الجديدة لدي ميستورا تروم تجاوز الانسداد الحاصل منذ استقالة كوهلر، والسعي لبعث المسار السياسي المتعثر منذ سنوات، لا يعرف إلى حد الآن إن كان المبعوث الأممي سيحظى باستقبال من قبل العاهل المغربي الملك محمد السادس أم ستقتصر لقاءات مع المسؤولين المغاربة على وزير الخارجية ناصر بوريطة.
وتأتي الجولة الثانية للمبعوث الأممي الجديد، في ظل واقع يتسم باستمرار التوتر بين المغرب و"جبهة البوليساريو" الانفصالية، منذ اندلاع أزمة الكركرات، التي انتهت بإعلان الجبهة عدم التزامها بقرار وقف إطلاق النار، الموقّع في عام 1991، بعد نجاح الجيش المغربي في تأمين معبر الكركرات الحدودي، وطرد عناصر محسوبة على الجبهة منه بعد أسابيع من تمكّنها من إغلاقه في وجه تدفق الأشخاص والبضائع بين المغرب وموريتانيا.
كما تأتي الزيارة في ظل استمرار التوتر السائد في علاقات المغرب والجزائر، منذ إعلان الأخيرة في 24 أغسطس/آب الماضي، قطع علاقتها مع جارتها الغربية، وكذا إعلان المبعوث الخاص المكلف بقضية الصحراء والمغرب العربي عمار بلاني انسحاب بلاده من الموائد المستديرة التي كانت تحضرها في الماضي، خلافاً لمنطق القرار الأممي رقم 2602، الصادر عن مجلس الأمن في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، الذي استمر في اعتبارها طرفاً في الصراع.
وبينما تراهن الأمم المتحدة على خبرة دي ميستورا في تحريك المياه الراكدة وتجاوز الانسداد الحاصل في قضية مزمنة، يرى الباحث في العلاقات الدولية بوبكر أونغير، أن جولة ديميستورا تأتي في سياق تحريك الأجواء الديبلوماسية بين المغرب وخصمه السياسي "جبهة البوليساريو" الانفصالية ، ومحاولة دفعهما إلى مفاوضات غير مباشرة بين الأطراف.
كما تأتي الجولة الجديدة في "ظروف إقليمية ودولية تتسم بالانتصارات الديبلوماسية التي حققها المغرب في حلحلة الملف وكسب أنصار وأصوات جديدة في المنظومة الدولية، ما أدى إلى حشر "جبهة البوليساريو" والديبلوماسية الجزائرية في الزاوية، وجعلها تتكبد خسائر سياسية كبيرة جعلت المغرب في موقع قوي ومريح في المحافل الدولية خصوصاً في مجلس الأمن الدولي"، بحسب أونغير.
وقال الباحث المغربي، في تصريح لـ"العربي الجديد": "الزيارة التي من المنتظر أن تناقش مواضيع الحل النهائي لابد أن يخلص منها المبعوث الأممي إلى المجهودات الكبيرة التي بذلها المغرب سياسياً وتنموياً من أجل تحسين الوضع الحقوقي والتنموي خصوصاً في الأقاليم الجنوبية المغربية".
ولفت إلى أن جولة دي ميستورا تأتي "في وقت وصلت فيه العلاقات المغربية الإسبانية والأوروبية عموماً مستوى من النضج والرقي والانسجام سيساهم في إنضاج شروط مفاوضات حل نهائي وعادل لقضية الصحراء في إطار السيادة المغربية. لكن تبقى العثرة الجزائرية وتصلب مواقف حكام المرادية أهم العقبات التي تعرقل الحل النهائي لقضية الصحراء المغربية".
وتسعى الرباط لإيجاد حل سياسي على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي وفي إطار مسلسل الموائد المستديرة، وبحضور الأطراف الأربعة (المغرب، الجزائر، موريتانيا، جبهة البوليساريو).