استمع إلى الملخص
- كسر الخطوط الحمر: القصف يمثل كسرًا للمعادلات العسكرية التي أرساها حزب الله منذ حرب 2006، حيث لم تتعرض بيروت لأي قصف إسرائيلي للمباني السكنية أو عمليات اغتيال.
- الدبلوماسية الفرنسية ومحاولات التهدئة: تحركت الدبلوماسية الفرنسية منذ أكتوبر لمنع تصعيد الحرب إلى جبهة لبنان، لكن جهودها لم تثمر، فيما إسرائيل تشعر بفائض القوة.
استهدفت إسرائيل، ليل الأحد - الاثنين، العاصمة اللبنانية بيروت، وهو القصف الإسرائيلي الأول لبيروت منذ 1982، زمن الاجتياح، حيث طاول قصف جيش الاحتلال مبنى سكنياً في منطقة الكولا، واغتال ثلاثة قياديين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، هم محمد عبد العال، عضو المكتب السياسي للجبهة ومسؤول الدائرة العسكرية الأمنية، وصهره زوج ابنته، عبد الرحمن عبد العال، وعماد عودة، عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة وقائدها العسكري في لبنان، بحسب إعلان الجبهة. وبحسب مصدر أمني تحدث لوكالة فرانس برس، فإن "أربعة أشخاص قتلوا في الغارة بطائرة مسيّرة استهدفت شقة للجماعة الإسلامية في الكولا داخل بيروت للمرة الأولى منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي"، تاريخ بدء المواجهات الحالية بين جيش الاحتلال وحزب الله اللبناني، عبر الحدود، تزامناً مع بدء العدوان الإسرائيلي على غزة.
لم يطاول بيروت أي قصف إسرائيلي لمبانٍ سكنية في 2006
ويعد استهداف الاحتلال المبنى السكني في قلب بيروت، القصف الإسرائيلي الأول لبيروت منذ 1982 قبل أكثر من أربعة عقود، حيث لم يطاول العاصمة اللبنانية أي قصف إسرائيلي للمباني السكنية، أو حتى أي عملية اغتيال في بيروت، خلال حرب يوليو/تموز 2006. ويقول حزب الله إن ذلك جاء وفق إرسائه معادلات عسكرية معينة، منعت قصف العاصمة، مقابل تهديد أمينه العام حسن نصر الله، الذي اغتالته إسرائيل بقصف لمقر قيادي للحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت يوم الجمعة الماضي، آنذاك بقصف تل أبيب مقابل بيروت.
القصف الإسرائيلي الأول لبيروت منذ 1982
وقصفت إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت، بعد 7 أكتوبر الماضي، ما أوقع ضحايا مدنيين. وحصل ذلك للمرة الأولى، عندما اغتالت القيادي في حركة حماس صالح العاروري في يناير/كانون الثاني، ثم لاحقاً قياديين في الحزب، من بينهم فؤاد شكر وإبراهيم عقيل، وصولاً إلى يوم اغتيال نصر الله. وتوعد حزب الله بالرد، لكن حجم ردوده التي وصلت إلى حيفا وعكا، لم يكن ليرسي معادلات صلبة وسط دائرة النار المشتعلة، علماً أن جيش الاحتلال كان أمطر الضاحية الجنوبية لبيروت في حرب 2006، بقصفه، ما أدى إلى دمار هائل وهو ما يتكرر منذ أسبوع.
لكن القصف الإسرائيلي الأول لبيروت منذ 1982، عام الاجتياح، يعني كسر الاحتلال، ربما بعد اغتيال نصر الله، جميعَ الخطوط الحمر الموضوعة سابقاً كـ"ستاتيكو" كان إلى حدّ ما قبل أسابيع قليلة، ثابتاً، ولعلّه لشعوره بفائض القوة، رغم التسريبات الإعلامية عن ضمانات قدّمتها إسرائيل للدول الكبرى، بعدم التعرض بالقصف للبنى التحتية الأساسية في لبنان، أو لمطار بيروت الدولي، أو للعاصمة، وقد تكون كلّها جزءاً من حزمة "أهداف" مقبلة، فيما كان قادة الاحتلال قد هدّدوا، وعلى رأسهم وزير الأمن يوآف غالانت، بإعادة لبنان إلى "العصر الحجري".
نفت واشنطن سابقاً تقديم ضمانات لبيروت بعد اغتيال شكر
دبلوماسية فرنسية بلا جدوى
ومنذ 7 أكتوبر الماضي، تحركت الدبلوماسية الفرنسية، لمنع انزلاق حرب غزة إلى حرب واسعة على جبهة لبنان، لكن محركاتها جميعاً لم تثمر خفضاً للتصعيد حتى الساعة، وفق تناغم، ولو غير معلن، بين إسرائيل وإدارة جو بايدن، على فترة "سماح" طويلة لمواجهة "وكلاء" إيران في المنطقة، وسط أهمية بالغة القصوى يبديها الطرفان لما يسميانه "استعادة الردع" الإسرائيلي في الشرق الأوسط، ونشوة إسرائيلية مفضوحة بتحقيق إنجازات، خصوصاً بعد صدمة انفجارات البيجر (أجهزة النداء لحزب الله).
وكانت وكالة رويترز ذكرت في الأول من أغسطس/آب الماضي، بعد يوم من اغتيال إسرائيل القيادي الكبير في حزب الله فؤاد شكر، في ضاحية بيروت، نقلاً عن مصادر أمنية قريبة من الحزب، أنه لم يكن قبل اغتيال شكر قد أخلى مواقعه الحساسة في الضاحية، أو أبعد كبار مسؤوليه عنها، لأنه كان يعتقد أن الدبلوماسية بقيادة واشنطن تضع سقوفاً، وستمنع جيش الاحتلال من ضرب المنطقة. وبحسب هؤلاء، فإن اعتقاد الحزب كان أن إسرائيل لن تضرب الضاحية، وأنها ستلتزم بالخطوط الحمر غير الرسمية بين الطرفين منذ 7 أكتوبر (التزم بها حزب الله) أو تلك التي سمّيت قواعد اشتباك. كما أن هذا التقييم نقله ثمانية دبلوماسيين للوكالة، على اطلاع على جهود الوساطة التي تقوم بها واشنطن وفرنسا.
وبحسب الوكالة، فإن المسؤولين اللبنانيين بعد اغتيال شكر، وكذلك حزب الله، تساءلوا ما إذا كانت "التطمينات الدبلوماسية" التي وصلت إلى الحزب "صحيحة". وبحسب الدبلوماسيين، فإنهم كانوا قد سارعوا في ذلك الوقت إلى احتواء الضربة التي وجهّها حزب الله لمجدل شمس في الجولان المحتل، وذلك بحثّ إسرائيل على عدم استهداف الضاحية، وهو ما نقله المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين إلى المسؤولين الإسرائيليين وفق الوكالة. لكن هوكشتاين أكد في اتصال برئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، حينها، أنه لم يعطِ ضمانات لعدم استهداف بيروت، قبل اغتيال شكر، وتحديداً لرئيس مجلس النواب نبيه بري.
اليوم، يسود الصمت بعد اغتيال نصر الله، الإليزيه، فيما وزير خارجيتها جان نويل بارو في بيروت اليوم الإثنين يتحدث عن "زيارة دعم". وبحسب صحيفة ليبراسيون الفرنسية أمس، فإن إسرائيل التي تشعر بفائض قوة، تعتبر نفسها قادرة على "تخطي كل الخطوط الحمر"، تماماً مثلما حدث عندما اجتاحت رفح، واحتلت محور صلاح الدين (فيلادلفي)، وتخطت كل خطوط مصر الحمر، بحسب الصحيفة.