دفاع أميركي عن الجيش الإسرائيلي: "قواعده الأخلاقية" وأداؤه يدرّسان

22 نوفمبر 2014
قتل الاحتلال خلال العدوان أكثر من 2200 فلسطيني(ليا يلفموفيتش/Getty)
+ الخط -

قدّم رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية، الجنرال مارتين ديمبسي، الدليل على محدودية تأثير الخلافات بين الرئيس الأميركي باراك أوباما، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على جوهر العلاقة بين البلدين. فقد فاجأ ديمبسي النخب السياسية والإعلامية في إسرائيل بدفاعه المستميت عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وكيله المديح لأداء جيش الاحتلال خلال الحرب. كما عبّر عن إعجابه الشديد بسلوك القيادات العسكرية خلال مسار الحرب.
ونقل موقع صحيفة "يديعوت أحرنوت" قبل أيام عن ديمبسي قوله إن الانطباعات الإيجابية التي تبلورت لديه عن أداء جيش الاحتلال، دفعته إلى إرسال فريق من الجنرالات الأميركيين للتعلم من الخبرات التي اكتسبها الإسرائيليون خلال هذه الحرب. وأضاف "لقد توجهت قبل ثلاثة أشهر إلى رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي بني غانتس، وسألته ما إذا كان بالإمكان إرسال فريق من كبار الضباط الأميركيين لتعلم طرائق الجيش في الحرب، وللتعاون مع قيادة الجيش الإسرائيلي من أجل إثراء الخبرات الأميركية".

وأشار ديمبسي إلى أن الجيش الأميركي قرر دراسة طرائق العمل التي اتبعها الجيش الإسرائيلي في الحرب؛ من أجل تطبيقها في الحروب التي تشارك فيها الولايات المتحدة والعمليات العسكرية التي قد تنفذها قواتها. وأضاف ديمبسي أن الجنرالات الأميركيين استفادوا من طرائق مواجهة جيش الاحتلال لتهديد الأنفاق التي حفرتها حركة "حماس".

وامتدح ديمسبي ما سمّاه "حرص الجيش الإسرائيلي على تجنب إصابة المدنيين خلال الحرب"، مدعياً أنه خطط عملياته العسكرية لتفضي إلى تقليص عدد الإصابات في صفوف المدنيين. كما اعتبر أن "كل ما هدف إليه قادة الجيش الإسرائيلي هو وقف إطلاق الصواريخ التي تطلقها حركة حماس على المستوطنات".

وعلى الرغم من أن ديمبسي أقرّ بأن منظمات حقوق الإنسان العالمية أشارت إلى سقوط عدد كبير من المدنيين الفلسطينيين خلال الحرب، إلا أنه استدرك أن هذه النتيجة كانت "نتاج حرص مقاتلي حماس على التواجد في أوساط التجمعات السكانية الفلسطينية".

وكان الاحتلال قد قتل خلال الحرب أكثر من 2200 فلسطيني، وجرح أكثر من عشرة آلاف آخرين، أغلبيتهم من المدنيين، علاوة على تدمير آلاف المنازل والمنشآت، إذ إن مئات الغزيين قتلوا عندما دمرت الطائرات الحربية الإسرائيلية منازلهم على رؤوسهم.

مفاجآت ديمبسي لم تنقطع، إذ جاهر، بحسب الصحيفة، بأن الجيش الأميركي معني بدراسة "القواعد الأخلاقية" التي تحكم سلوك الجيش الإسرائيلي في الحرب وفحص إمكان تبنيها. وحسب "يديعوت أحرنوت"، فإن إعجاب ديمبسي بسلوك جيش الاحتلال في الحرب قد دفعه إلى كيل المديح لنظيره غانتس، الذي وصفه بأنه "الصديق الأكثر قرباً للولايات المتحدة في العالم".

كما حرص ديمبسي على التقليل من أهمية التسريبات حول الخلافات الشخصية بين أوباما ونتيناهو، مشيراً إلى أن تبادل المعلومات الاستخباري والتعاون الاستراتيجي بين الطرفين يعتبر الآن في أوجه. ولفت إلى أن مسؤولين عسكريين واستخباريين ودبلوماسيين من الولايات المتحدة عقدوا الأسبوع الماضي سلسلة اجتماعات في واشنطن، برئاسة كل من مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي يوسي كوهين لمناقشة سبل مواجهة تحديات مشتركة. وشدد ديمبسي على أن إسرائيل هي أكثر الدول التي تفضل الولايات المتحدة التعاون معها في كل ما يتعلق بالأمن والتنسيق الإستراتيجي.

وقد فاجأت أقوال ديمبسي النخب الإسرائيلية لدرجة أن مراسل "يديعوت أحرنوت" في واشنطن يتسحاك بن حورين، عدّ هذه التصريحات بأنها "أقوى لائحة دفاع" عن إسرائيل التي تتهم من قبل منظمات حقوقية عالمية، وحتى من قبل نخب إسرائيلية، بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين خلال الحرب.

تكمن المفارقة في حقيقة تزامن امتداح ديمبسي لأداء الجيش، مع تكثيف أوساط أمنية إسرائيلية من انتقاداتها للأخير بسبب أدائه "الفاشل" في الحرب.

ولقد برزت بشكل مفاجئ انتقادات حادة وجهتها نخب عسكرية ذات توجهات يمينية لسلوك القيادات العسكرية. فقد قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق الجنرال يعكوف عامي درور، إن جيش الاحتلال فشل في تحقيق تقدم يذكر في الحملة البرية خلال الحرب، على الرغم من أنه استثمر كل قدراته العسكرية، وفي الوقت الذي واجه فيه "تنظيماً "صغيراً وذا قدرات عسكرية محدودة".

وفي مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" قبل فترة وجيزة، أوضح درور، المحسوب على اليمين الديني، أن إسرائيل فشلت في الحرب على الرغم من أنها وظّفت تقريباً كل قدرات سلاحها الجوي، الذي يعتبر رابع أكبر سلاح جو في العالم في مواجهة حماس. علاوة على أن الجيش الإسرائيلي استعان بكل ألوية الصفوة والوحدات المختارة والفرق العسكرية القتالية في المواجهة مع "حماس" التي وصفها بأنها "إحدى أطول المواجهات العسكرية التي شهدتها إسرائيل خلال تاريخها". من جهته، اعتبر المحاضر السابق في "هيئة إعداد القادة" في الجيش الإسرائيلي، أودي ملشطاين، أن "مجرد نجاح حماس في الصمود لأكثر من 50 يوماً يدلل على أنها الطرف الذي حقق الانتصار". وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة "معاريف"، يقول ملشطاين إن الحرب دللت على أن الجيش الإسرائيلي "يفتقد للمبادرة وعاجز عن استخلاص العبر ولم يدلل أداؤه على "قدرات إبداعية".

المساهمون