برزت في الآونة الأخيرة سلسلة مطالبات من قبل قوى سياسية في الجزائر، تدعو السلطات والرئيس عبد المجيد تبون إلى اتخاذ "تدابير تهدئة" تتضمن الإفراج عن معتقلي الرأي والنشطاء على خلفية الحراك الشعبي منذ عام 2019، ضمن مساعي تهيئة أجواء إيجابية قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في غضون العام الجاري.
أحدث هذه المطالبات، وجهتها رئيسة حزب العمال اليساري، والمرشحة الرئاسية السابقة لويزة حنون، ودعت فيها الرئيس تبون إلى إعلان خطوات "لتجاوز المرحلة السابقة والتطلع إلى المستقبل"، تتضمن اتخاذ إجراءات تهدئة تجاه معتقلي الرأي.
وقالت حنون في لقاء إعلامي: "خلال الأيام الأخيرة كانت هناك تبرئة لـ22 ناشطاً، وهو قرار مشجع، لكن نتمنى ألّا تُنقَض هذه الخطوات مثلما حدث في سبتمبر 2022".
وأضافت حنون: "قلت للرئيس تبون (خلال لقائه في مقر الرئاسة في العاشر من ديسمبر/كانون الأول الماضي) إنه لا يجب بقاء أي معتقل رأي في السجون. نحن بحاجة إلى تهدئة والتوقف عن اعتقال كل من يعبّر عن رأيه ما لم يمسّ الوحدة الوطنية والسيادة والأمن العام، بل إن قضية معتقلي الرأي يجري توظيفها للضغط على الجزائر من قبل المنظمات غير الحكومية والهيئات الدولية التي توظف قضايا حرية الرأي والصحافة".
وفي السياق نفسه، قال رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، عثمان معوزو، في لقاء إعلامي الاثنين الماضي، إن السلطة مطالبة بخطوات تهدئة رصينة وإعادة الحقوق والإفراج عن النشطاء ورفع كل الضغوط والإكراهات القائمة وفتح المجال لحرية الرأي والتعبير".
وقبل أيام، طالب حزب التحالف الجمهوري السلطات بضرورة الإقدام على تنفيذ خطوات تهدئة وصفها "بالمعالجة الحكيمة" لملف معتقلي الرأي. وقال بيان للحزب عقب اجتماع مجلسه الوطني إن مناخ الانتخابات الرئاسية يستدعي توفير ظروف إيجابية، "مع ما يتطلبه المسعى من إجراءات تهدئة وطمأنة لتعزيز مناخ الثقة، ومعالجة حكيمة وإنسانية لملف الموقوفين والمسجونين من نشطاء وصحافيين بسبب التطورات السياسية لعام 2019 وما تبعها".
وتشهد المحاكم الجزائرية سلسلة قرارات تبرئة وإفراج عن عدد من المعتقلين والموقوفين في قضايا ذات صلة بالرأي والقضايا السياسية، بينها الإفراج عن الأستاذة الجامعية فتيحة بريكي والناشط الهادي العسلولي، وتبرئة 19 متهماً من عائلات معتقلي الرأي وجهت لهم تهم تلقي أموال جمعها ناشطون في إطار التضامن مع عائلات الموقوفين. كذلك سبق أن بُرِّئ عدد من النشطاء الملاحقين، لكن السلطات أعادت في الوقت نفسه اعتقال نشطاء آخرين قبل أيام، بتهم مختلفة، بينهم الناشط الشاب، محمد تاجديت.
وفي 25 يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان (هيئة استشارية تتبع الرئاسة) عبد المجيد زعلاني خلال فعاليات الاحتفاء باليوم العالمي للتعليم، "إجراءات التهدئة الكبيرة التي اتخذتها السلطات العمومية، والتي كانت وراء تبرئة العديد من الشباب الذين تورطوا في إلحاق الضرر بالوطن من خلال تصريحاتهم ومنشوراتهم ممن أُودِعوا السجن"، في إشارة إلى عدد من نشطاء الحراك الشعبي ومعتقلي الرأي.
وقال زعلاني إن "الجزائر تعيش حالياً استقراراً كبيراً بفضل إجراءات التهدئة العامة التي تميز هذه المرحلة".