تنتهي اليوم، الإثنين، 13 يونيو/حزيران، آجال صياغة مشروع الدستور المرتقب من طرف اللجنة المعينة من قبل الرئيس التونسي قيس سعيد، بحسب ما ينص عليه المرسوم الرئاسي المحدث للهيئة الاستشارية من أجل جمهورية جديدة، الصادر يوم 20 مايو/أيار الماضي، وسط تساؤلات عن مدى تقدم أعمال لجنة الصياغة القانونية التي عقدت جلسة وحيدة معلنة.
وينص الفصل 16 من المرسوم الرئاسي على آجال تقديم اللجنة تقريرها النهائي، مرفقاً بنسخة من مشروع الدستور في أجل أقصاه أسبوع قبل التاريخ المنصوص عليه في الفصل 22 المحدد بيوم 20 يونيو/حزيران القادم، أي أن آخر أجل لإتمام اللجنة أعمالها هو اليوم 13 حزيران/يونيو الحالي، ثم يقدم التقرير النهائي للجنة الحوار الوطني إلى رئيس الدولة في أجل أقصاه يوم 20 يونيو/ حزيران، وبعد ذلك يعرض سعيد هذا الدستور على التونسيين في 30 يونيو/حزيران.
ويجهل التونسيون تركيبة اللجنة القانونية المنصوص عليها في المرسوم الرئاسي واجتماعاتها، فيما أعلن عن اجتماع وحيد لها دون التصريح بتركيبتها، بعد اعتذار عمداء كليات القانون عن المشاركة فيها.
ولا يعلم الرأي العام مدى تقدم أعمال لجنة الصياغة القانونية وخطة عملها، سوى بعض إشارات وتصريحات من رئيسها ومنسقها الصادق بلعيد، الذي لمّح إلى سحب مرجعية الإسلام من الدستور الجديد.
وفي إجابته عن موعد الانتهاء من صياغة الدستور، قال بلعيد، في تصريح صحافي، السبت: "لا يمكن أن يجيب عن هذا السؤال إلا الله، أو سيدي بلحسن (ولي صالح)".
وغضب العميد بلعيد من سؤال الصحافة عن اجتماع اللجنة القانونية وعن كيفية صياغة الدستور، قائلاً: "تعال اكتبه مكاني".
وأكد بلعيد، بعد نهاية جلسة أمس الأحد، أنه "سيتم بداية من نهاية الأسبوع المقبل التفكير في جملة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي سيتم إقرارها في الدستور الجديد".
وأوضح، في تصريح إعلامي، أن تفكيره يرتكز بالأساس على "وضع نص دستوري صالح لعشرات السنين".
وحذر خبراء القانون الدستوري من تجاوز الآجال وخرق القانون من قبل سعيد ولجنة الخبراء التي عينها.
وقال أستاذ القانون الدستوري خالد الدبابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "تجاوز الأجل الوارد في نص المرسوم من قبل اللجنة يعد خرقاً صارخاً للقانون"، مشدداً على أنه "لا يستقيم التبرير أو التفسير والتعلل بضغط الوقت والصعوبات والعقبات من قبل اللجنة، لاعتبار أن سعيد كان سابقاً حريصاً على احترام الآجال، ولا يتسامح في خرق الأجل، حدّ رد تعديل قانون المحكمة الدستورية بحجة تجاوز البرلمان للآجال".
حذر خبراء القانون الدستوري من تجاوز الآجال وخرق القانون من قبل سعيد ولجنة الخبراء التي عينها
ولفت الدبابي إلى أنه "في حال قبل سعيد بتجاوز الآجال فإنه بذلك يناقض نفسه، وهذا التجاوز يمس من مصداقيته، باعتباره هو من وضع النص والمرسوم، ويتسامح مع خرقه".
وفي تعليقه على إجابة بلعيد حول الآجال، قال أستاذ القانون إنها "إجابة فضفاضة لا يمكن أن يبنى عليها نيته احترام الأجل من عدمه، ولكن في حال تجاوز الأجل فهو خرق صريح للمرسوم".
ووصف الدبابي اللجنة القانونية بـ"الغامضة والصورية، والتي تحولت إلى بوق دعاية لسعيد"، مبيناً أن "هذا الغموض واللبس وضغط الوقت والآجال يحيل إلى أن مشروع الدستور جاهز".
ولفت خبير القانون الدستوري إلى أن "نظريات وضع الدساتير تعرف شكلين، إما الدستور الممنوح الذي يمنحه الحاكم أو الملك للشعب دون مشاركة في صياغته وإعداده من قبل الشعب، أو دستور العقد الذي يتم صياغته وإعداده بطريقة تشاركية من قبل جمعية أو برلمان منتخب، ويكون بمثابة عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم".
وبينت أستاذة القانون الدستوري منى كريم الدريدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "دستور 2014 يعتبر من أفضل الدساتير، وخصوصاً في بابي الحقوق والحريات، كما يتضمن الفصل بين السلط والسلطة المحلية وتعديل الدستور"، متسائلة عن "الإضافة الجديدة مقارنة بدستور 2014".
وأشارت كريم إلى أن "التعديل يمكن أن يكون في مسألة التعامل بين السلط وضمان التوازن أو الصياغة، لتلافي الهنات في باب السلطة التنفيذية والتشريعية، وهو ما نادينا به منذ 2014، وكان يمكن الاقتصار على تعديل الدستور ربما في 10 فصول، وليس نسخه ووضع دستور جديد لإقرار المبادئ نفسها والحقوق والحريات نفسها".
وبينت أنه "كان من الأفضل تعديل الدستور بلجنة قانونية بصفة تشاركية، أفضل من أن نمحو بجرة قلم ثمرة عمل تشاركي بين المجتمع المدني ومجلس تأسيسي، بجميع مساوئه، لكنه مجلس منتخب من الشعب، وبدل ذلك تعويضه بدستور ممنوح وموضوع على المقاس".
وتابعت كريم أن "ما تم التصريح به إلى حد الآن لا يتجاوز أبسط العموميات الدستورية، التي يمكن أن تتوفر أيضاً في أتعس دستور في أي بلد ديكتاتوري"، مشيرة إلى أنه "إلى اليوم تغيب الشفافية عن عملية إعداد نص الدستور، وسط تعتيم كامل عن كيفية صياغته، ما يفسر الحديث عن وجود دستور جاهز للاستفتاء".