درعا السورية تقاتل خلايا لـ"داعش"... واتهامات للنظام بالوقوف خلفها

01 نوفمبر 2022
عناصر من النظام بدرعا البلد، سبتمبر 2021 (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

اندلعت صباح أمس الاثنين في محافظة درعا، جنوبي سورية، اشتباكات بين مجموعات أهلية تهدف إلى اجتثاث خلايا من تنظيم "داعش"، وتشير المعطيات إلى انها تتحرك بأوامر من الأجهزة الأمنية التابعة للنظام في هذه المحافظة، التي يتعمّد النظام إبقاءها في حالة من عدم الاستقرار، على الرغم من قيام مدنها وبلداتها بإجراء "تسوية" معه.

وذكر الناشط الإعلامي يوسف المصلح، في حديث مع "العربي الجديد"، أن حي درعا البلد داخل مدينة درعا، شهد اشتباكات بين مجموعات محلية وبين عناصر متهمين بالانتماء إلى تنظيم "داعش".

وأشار إلى أن "اللواء الثامن"، الذي يضم عناصر سابقين في "الجيش السوري الحر"، أجروا تسويات مع النظام "اشترك في هذه الاشتباكات التي استهدفت اجتثاث مجموعات وخلايا تابعة لتنظيم داعش في المنطقة".

وفي السياق، ذكرت شبكة "درعا 24" الإخبارية المحلية، أن عدداً من عناصر "داعش" قُتلوا بالاشتباكات، مشيرة إلى وقوع انفجارين ضمن أحياء درعا البلد، في منطقة خانوق الثور، بالقرب من حي طريق السد، بالتزامن مع استمرار الاشتباكات. وأشارت مصادر إخبارية محلية أخرى إلى أن عناصر التنظيم فجروا عبوات ناسفة ما أدى إلى إصابة عدة مدنيين.

سبب الاشتباكات مع "داعش"

وجاءت هذه الحملة العسكرية من قبل المجموعات الأهلية، عقب تفجير عنصر من تنظيم "داعش" نفسه، الجمعة الماضي، داخل مضافة منزل القيادي السابق في "الجيش السوري الحر" غسان أبازيد، في حي الأربعين بدرعا البلد، ما أدى إلى مقتل 4 مدنيين وإصابة آخرين.

واتهمت عشائر درعا في بيان يوسف النابلسي، المتحدر من بلدة تل شهاب، بالوقوف خلف التفجير. وكشفت أن النابلسي "يترأس مجموعة التفّت حوله في مدينة درعا، وتسعى لإثارة الفتن والبلابل في المدينة وزرع الشقاق والنزاع بين عشائرها وأهلها".


يوسف المصلح: عناصر "داعش" يتحركون في درعا وفق أوامر مباشرة من أجهزة النظام

وتُقدر مصادر محلية عدد عناصر التنظيم بنحو 75 عنصراً يتلقون حماية من بعض الأشخاص، إلا أن الناشط الإعلامي يوسف المصلح يقول إن "عناصر التنظيم يتحركون في محافظة درعا وفق أوامر مباشرة من الأجهزة الأمنية التابعة للنظام"، مضيفاً في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن هناك اعترافات مصورة من بعضهم تثبت اجتماعاتهم المتكررة مع رئيس فرع جهاز الأمن العسكري، لؤي العلي.

إلى ذلك، ذكر "تجمع أحرار حوران"، وهو مؤسسة إعلامية مستقلة، تنقل أحداث الجنوب السوري، إن النابلسي موجود في حي طريق السد بمدينة درعا "حيث تؤويه مجموعة محلية"، مشيراً في بيان إلى أن "منفذ عملية التفجير الجمعة من ضمن مجموعة النابلسي، وأن هناك حالة غضب كبيرة من قبل الأهالي تجاه هذه المجموعة".

اتهام النظام بالوقوف وراء اشتباكات درعا

وفي السياق، يصف عضو هيئة التفاوض التابعة للمعارضة، العميد إبراهيم جباوي، ما يجري في درعا عموماً بـ "الحركات الدنيئة من قبل مخابرات النظام".

ويشير في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إلى التسويات التي أجرتها مدن وبلدات المحافظة مع النظام، معتبراً أنها "لم ترضخ ولم ترض بسلطة حزب الله والمليشيات التي تحاول فرض سيطرتها، إذ نصت التسويات على عدم دخول قوات النظام وحلفائه إلى داخل المدن والبلدات".

ويضيف جباوي أن عناصر تنظيم "داعش" الموجودين "هم من فلول التنظيم الذي كان يسيطر على منطقة حوض اليرموك، غربي درعا، قبل عام 2018"، كاشفاً أنه "في ذلك العام نقل النظام قادة التنظيم الكبار إلى البادية، شرقي السويداء، واعتقل قسماً من قادة الصفين الثاني والثالث، وأطلق لاحقاً عدداً كبيراً منهم شرط العمل لصالحه".

وذكر أن جهاز الأمن العسكري في درعا "يحرّك هؤلاء كالدمى ويأمرهم بالقيام بأفعال تزعزع أمن السكان وتختطف وتغتال أبناء المحافظة وفق أوامر من رئيس الفرع لؤي العلي".


إبراهيم جباوي: ما يجري في درعا حركات دنيئة من قبل مخابرات النظام

واضطرت فصائل المعارضة السورية في منتصف عام 2018 إلى إنهاء القتال ضد النظام في جنوب سورية، وفق اتفاقات مع الجانب الروسي، الذي هدد بـ"حرق" مدن وبلدات درعا في حال عدم استجابة هذه الفصائل لرغبة موسكو.

وهُجر وفق الاتفاقات عدداً كبيراً من أبناء درعا إلى الشمال السوري، إلا أن المحافظة لم تشهد أي استقرار، بل غرقت في فوضى أمنية متعمدة من أجهزة النظام الأمنية، التي اتخذت من هذه الاتفاقات مدخلاً للقيام بعمليات انتقامية بحق أبناء هذه المحافظة، التي انطلقت منها شرارة الثورة السورية عام 2011.

وأوضحت مصادر محلية في حديث مع "العربي الجديد" أن محافظة درعا "تحولت منذ عام 2018 إلى مسرح عمليات اغتيال واسع بحق الشخصيات المعارضة للنظام، والقادة السابقين في الجيش السوري الحر، من قبل مجموعات ترتبط بالأجهزة الأمنية".

وذكر مكتب التوثيق في "تجمع أحرار حوران" أنه وثق خلال العام الماضي وحده 291 عملية ومحاولة اغتيال، أسفرت عن مقتل 226 شخصاً، 131 مدنياً و95 مسلحاً.

وفرض النظام أواخر العام الماضي تسوية على مدن وبلدات المحافظة وفق رؤية روسية، تقوم على سحب السلاح الفردي و"تسوية" أوضاع المسلحين والمطلوبين للأجهزة الأمنية والمنشقين عن قوات النظام، في مقابل سحب الحواجز التي كانت تقطّع أوصال المحافظة.

وبقيت بلدة بصرى الشام في ريف درعا الشرقي خارج التسوية، بسبب وجود "اللواء الثامن"، التابع لروسيا في جنوب سورية. أما تنظيم "داعش" فسيطر على منطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي، بعد أن بايعه فصيل "جيش خالد" الذي ظهر في عام 2016 إثر اندماج عدة مجموعات ضمن فصيل واحد.

وخاضت فصائل المعارضة حرباً طويلة مع هذا الفصيل انتهت في عام 2018 عقب "صفقة" مع النظام، نقل الأخير بموجبها قادة الفصيل وبعض عناصره إلى البادية السورية.

المساهمون