خلص "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي إلى التأكيد على ضرورة توظيف الأزمة الخليجية الحالية، في ممارسة الضغوط على حركة "حماس"، لإجبارها على وقف جهودها الرامية لتعزيز قوتها العسكرية. وقال المركز، إنّ الأزمة الخليجية تمثل "فرصة" لإسرائيل، وتحسّن من قدرتها على تحقيق خارطة أهدافها الإستراتيجية في قطاع غزة.
وفي ورقة تقدير موقف بعنوان: "قطاع غزة... هل ثمة فرصة للتغير"، أعدها البروفسور كوبي ميخال، شددّ المركز على وجوب استغلال التراجع المتوقع للدور القطري في قطاع غزة، من خلال ملء الفراغ الذي ستتركه الدوحة بدور متعاظم لدول الحصار، لا سيما دولة الإمارات العربية المتحدة.
وحسب الورقة التي نشرت على موقع المركز الإلكتروني، فإنّ الإمارات، وبالتنسيق مع القيادي المفصول عن حركة "فتح" محمد دحلان، بإمكانها أن تطرح مغريات اقتصادية على "حماس" مقابل موافقتها على وقف مظاهر تعاظم قوتها العسكرية.
ولفت المركز، إلى أنّ وصول حركة "حماس" إلى "الحضيض الإستراتيجي" بسبب الأزمات التي أوجدها الحصار وإجراءات الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأخيرة ضدّها، إلى جانب رغبة كل من مصر والدول الخليجية وتحديداً الإمارات، في منح دحلان موطئ قدم في غزة لتحسين قدرته على التنافس على خلافة عباس، قد وفّر فرصة لالتقاء مصالح بين هذه الأطراف وإسرائيل.
وأضاف ميخال، في ورقته، أنّه يمكن توظيف مصر ودحلان والدول الخليجية المقاطعة لقطر، في ممارسة الضغوط على حركة "حماس" من خلال التلويح بعدد من العوائد، منها: الاستعداد لفتح معبر رفح بشكل أكثر انتظاماً، أن تشرع الدول الخليجية في تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار في قطاع غزة والقيام بمشاريع أخرى، سيما مجال الطاقة وتحلية المياه وتدشين مناطق صناعية لإيجاد فرص عمل، إلى جانب تقديم إسرائيل تسهيلات للقطاع، وتقليص مظاهر الحصار.
ولفت ميخال، إلى أنّ "حماس" ستكون مطالبة بالامتناع عن تعزيز قوتها العسكرية، والتوقف بشكل خاص عن تهريب السلاح للقطاع.
وتقترح الورقة أن يتمّ تدشين هذه المشاريع خارج قطاع غزة، إما في منطقة رفح المصرية أو داخل إسرائيل، من أجل تقليص تأثير "حماس" عليها، ولمساعدة أطراف دولية وإقليمية على الاستثمار في تدشين المزيد من المشاريع في القطاع.
ورأى ميخال، أنّ السعي نحو طرد قطر من قطاع غزة، ينطوي على أهمية كبيرة، ويعزّز من فرص موافقة "حماس" على إبداء المرونة، والقبول بوقف الإجراءات التي تضمن تعزيز قوتها العسكرية، مذكّراً بأنّ أحد محفزات الحملة على قطر، مطالبةُ الدول الحصار الدوحة بإنهاء علاقتها بالحركة الفلسطينية.
وشدّد ميخال، على ضرورة استغلال استعداد الإمارات لاستثمار "رأس مال سياسي واقتصادي"، من أجل تقليص تأثير قطر في قطاع غزة، واحتواء تأثيرها الإقليمي، من خلال إبداء الاستعداد لإعادة إعمار القطاع.
وأشار الباحث، إلى أنّ قطر تعد من "أبرز الداعمين" لحركة "حماس"، سيما بعد الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة في صيف 2014، لافتاً إلى أنّ قطر أكثر الدول استثماراً في بناء المشاريع الإعمارية في القطاع.
ورجّح ميخال، أنّ "الواقع الجديد" الذي سينشأ في غزة، سيعزّز الفصل بين الضفة الغربية والقطاع، ويعزّز من مكانة القطاع كسلطة سياسية مستقلة ومنفصلة عن السلطة الفلسطينية، إلى جانب أنّه سيقلّص فرص استئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية حول تسوية للصراع.
كما توقعت الورقة، أن يعزّز "الواقع الجديد" من قدرة دحلان على لعب دور في الوساطة بين إسرائيل وحركة "حماس"، في حال نشبت مواجهة عسكرية مستقبلاً. وأشار إلى أنّ إسرائيل تمكّنت من استغلال الصراع الفلسطيني الداخلي بشكل مناسب، معتبراً أنّ موافقة إسرائيل على طلب عباس تقليص إمدادات الوقود لمحطة توليد الكهرباء في قطاع غزة، دفعت قيادة "حماس" التي خشيت تداعيات الخطوات التي أقدم عليها عباس، للتوجّه إلى مصر ودحلان، بهدف البحث عن توافقات لتقليص أثرها.
وأكد ميخال، أنّ الانتخابات الأخيرة في حركة "حماس"، وصعود يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي للحركة، أفرزت "واقعاً جديداً" سهّل من وصول الأمور إلى ما وصلت إليه، قائلاً إنّ القيادة الجديدة للحركة، تحاول التوفيق بين كونها حركة أيديولوجية دينية "تقدّس المقاومة المسلحة ضد إسرائيل، وكونها كيانا سلطويا مطالبا بتكريس حكمه لضمان بقاء السيطرة على الجماهير ومناطق النفوذ بشكل فاعل".
وبحسب ميخال، فإنّ حركة "حماس" تتصرّف بشكل براغماتي، شأنها في ذلك شأن التنظيمات والأجسام غير الدولانية التي تسيطر على مناطق، وترغب في ضمان سيطرتها عليها، مما يجعلها مضطرة للتعاطي البراغماتي، وإبداء المرونة المطلوبة لتحقيق هدفها هذا.
وأوضح ميخال، أنّ الأزمة الخليجية الناتجة عن الحملة على قطر، والتفاهمات الأخيرة التي توصلت إليها مصر ودحلان مع حركة "حماس"، تساعد على بلورة "واقع جديد" في قطاع غزة، ويساعد إسرائيل على تحقيق مصالحها.