كثّف تنظيم "داعش" من عملياته ضد قوات النظام السوري، مستغلاً الظروف الجوية في البادية السورية، التي تشهد أكبر العمليات التي يشنّها التنظيم الذي تتمركز خلاياه في قلب هذه المنطقة مترامية الأطراف، وتتحرّك ضمن مجموعات صغيرة لضرب قوات النظام، وخاصة في باديتي الرقة ودير الزور.
وبحسب مصادر محلية وشبكات إعلامية، قُتل أكثر من خمسة عناصر من قوات النظام، بينهم ضابط برتبة ملازم، الثلاثاء، بكمين نصبه تنظيم "داعش" لهم على طريق أثريا - الطبقة غربي الرقة، والذي يُعدّ من أهم الطرق الاستراتيجية في المنطقة، كونه يربط حمص وحماة بالرقة في شرقي سورية، ومنها إلى دير الزور والحسكة.
وفي السياق، قالت مصادر عاملة في وحدات الرصد والمتابعة التابعة للمعارضة السورية، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن خلايا "داعش" نفذت مساء الثلاثاء هجوماً واسعاً من محورين على مواقع عسكرية مشتركة بين مليشيا "الدفاع الوطني" المدعومة من روسيا من جهة، ومليشيا "القاطرجي" العاملة تحت مظلة "الفرقة الرابعة" المدعومة من المليشيات الإيرانية من جهة أخرى، وذلك في منطقة كباجب في بادية محافظة دير الزور الجنوبية الغربية، شرق سورية.
وأكدت المصادر أن خلايا التنظيم سيطرت على إحدى النقاط العسكرية خلال الهجوم الذي استُخدمت فيه أسلحة متوسطة، بالإضافة إلى استخدام قذائف هاون، كما جرى تدمير سيارتين، إحداهما مزودة برشاش متوسط، بالإضافة إلى مقتل وجرح 8 عناصر على الأقل من المليشيات المستهدفة ضمن الهجوم، في ظل استمرار الاشتباكات في المنطقة.
كما قُتل الثلاثاء 9 عسكريين وأصيب 22 آخرون من قوات النظام، جراء استهداف مبيت عسكري في ريف تدمر من قبل خلايا تنظيم "داعش".
وأفادت وسائل إعلام مقرّبة من النظام السوري بأنّ 14 عسكرياً، بينهم ضابطان، قتلوا وأصيب 22 آخرون، إثر استهداف حافلة مبيت عسكري في ريف تدمر، مشيرةً إلى أنّ القتلى والجرحى نُقلوا إلى مشفى تدمر.
كما شنّ عناصر "داعش" فجر اليوم الأربعاء، هجوماً ضمن مناطق سيطرة "قسد"، واستهدفوا بقذائف صاروخية حاجزاً لهذه القوات على الشارع العام في بلدة ذيبان بريف دير الزور الشرقي.
الى ذلك، شنّ الطيران الحربي الروسي غارات جوية عدة استهدفت مواقع انتشار خلايا تنظيم "داعش" في بادية دير الزور الجنوبية، على خلفية تصعيد التنظيم لهجماته في البادية السورية.
وكثّف التنظيم من عملياته منذ بداية العام الجاري، حيث كان شنّ هجوماً الأسبوع الفائت على مواقع لقوات النظام في بادية بلدتيّ التبني ومعدان بريف دير الزور الغربي، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من عناصر هذه القوات.
وتدلّ المعطيات وتوالي الضربات على أن التنظيم يستغل الظروف الجوية الصعبة في يناير/ كانون الثاني الحالي لشنّ هجمات على قوات النظام التي فشلت في الحدّ من عمليات التنظيم، رغم الحملات المتلاحقة التي قامت بها على مدى نحو خمس سنوات.
وبرأي المحلل العسكري النقيب عبد السلام عبد الرزاق، في حديث إلى "العربي الجديد"، يلعب انحسار وجود المليشيات الإيرانية في سهولة حركة خلايا التنظيم في البادية السورية، وتوجيه الضربات لقوات النظام "التي تُعدّ الأضعف عسكرياً في الساحة السورية". وأشار إلى أن "الحالة الجوية في أشهر الشتاء تساعد على التخفي والقيام بكمائن وهجمات ضد أرتال قوات النظام والمليشيات التابعة لها".
من جانبه، رأى مدير مركز "الشرق نيوز" فراس علاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الجغرافية تساعد التنظيم في شنّ هجمات في البادية السورية"، مشيراً إلى أن طريق أثريا "يقع ضمن مثلث صحراوي تصعب حمايته بشكل كامل"، مضيفاً: "التنظيم بقي في هذه المنطقة لسنوات، ويعرف تضاريسها جيداً". وتابع: "التنظيم يعتمد على مجموعات صغيرة تنتقل بسهولة بدراجات نارية في جغرافية صعبة لديه فيها مخابئ".
ويُعتقد أن خلايا التنظيم تتخذ من الهضاب والجبال في البادية أماكن تخفٍ وتمركز، وتنطلق منها لشنّ الهجمات بين وقت وآخر، والتي تصل أحياناً إلى أطراف دير الزور والرقة.
وتشكّل البادية نحو نصف مساحة سورية، وتمتدّ من ريف السويداء وريف دمشق وريفي حماة وحمص غرباً إلى الحدود السورية العراقية شرقاً، ومن الحدود السورية الأردنية جنوباً إلى أطراف محافظتي الرقة ودير الزور شمالاً.
وتقع مساحة من البادية تُعرف باسم منطقة الـ55 تحت سيطرة فصائل تابعة للمعارضة، تتلقى دعماً من التحالف الدولي الذي يتخذ من منطقة التنف على الحدود السورية العراقية قاعدة له.
ويمنع التحالف الدولي أي قوات غير صديقة من الاقتراب من القاعدة بعمق 55 كيلومتراً، من أجل حمايتها من أي هجمات يمكن أن تشنها مليشيات إيرانية أو فلول "داعش".
قتلى من النظام السوري في عملية للمعارضة بريف إدلب
وعلى صعيد أمني آخر، قُتل وأُصيب عدد من عناصر قوات النظام السوري خلال عملية تسلّل لفصائل المعارضة باتجاه قوات النظام المنتشرة في ريف إدلب الجنوبي، شمالي غرب البلاد، فيما أعلن النظام إسقاط عدد من الطائرات المسيّرة التابعة للمعارضة، قال إنها حاولت مهاجمة مواقعه في المنطقة.
وذكرت مصادر مقرّبة من المعارضة المسلحة لـ"العربي الجديد"، أن مقاتلين من "جيش النصر" العامل ضمن "غرفة عمليات الفتح المبين"، قاموا بعملية تسلّل اليوم الأربعاء، إلى مواقع النظام في جبهة الفطاطرة جنوب إدلب، نتج عنها مقتل وإصابة أكثر من 5 عناصر من قوات النظام، والاستيلاء على أسلحة فردية، مشيرة إلى عودة المقاتلين المتسللين بسلام.
من جانبها، قصفت قوات النظام المتمركزة في الحواجز المحيطة بالمدفعية الثقيلة، قرية آفس بريف إدلب الشرقي. كما قصفت بالمدفعية وراجمات الصواريخ قريتي الحلوبة جنوبي إدلب، والعنكاوي شمالي غرب حماة.
كما أعلنت قوات النظام إسقاط 7 طائرات مسيّرة، أمس الثلاثاء، تابعة لـ"هيئة تحرير الشام" في مناطق ريفي إدلب وحلب، كانت تحاول شنّ هجمات ضد مواقع قوات النظام في المنطقة.
ونقلت وكالة "سانا" الرسمية عن بيان لجيش النظام، إشارته إلى أن "وحدات من قواتنا المسلّحة العاملة على اتجاه ريفي حلب وإدلب تمكنت من تدمير وإسقاط سبع طائرات مسيّرة أطلقتها التنظيمات الإرهابية للاعتداء على نقاط الجيش والمناطق المدنية الآمنة". وكانت قوات النظام أصدرت إعلاناً مماثلاً في 24 الشهر الماضي، وقالت في حينه إنها أسقطت أيضاً 7 طائرات مسيّرة لفصائل المعارضة.
وكان قتل أمس عنصر من قوات النظام في عملية قنص من قبل فصائل "غرفة عمليات الفتح المبين"، على محور الشيخ عقيل بريف حلب الغربي.
من جهتها، قصفت القوات التركية وفصائل "الجيش الوطني السوري" قرية الكاوكلي في ريف منبج الغربي شرقي حلب، الواقعة تحت سيطرة مجلس منبج العسكري، التابع لـ"قسد"، ما أدى لإصابة سيدة بجروح ووقوع أضرار مادية، وفق شبكات محلية.
وفي إحصائية له، وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 132 مدنياً منذ بداية العام في هجمات وحوادث مختلفة في أنحاء سورية. وأوضح أن من بين القتلى 2 قضيا تحت التعذيب في سجون النظام السوري، و9 بينهم 3 أطفال، برصاص قوات النظام، و9 بقصف جوي أردني.
أما القتلى العسكريون، فقد بلغ عددهم حتى يوم أمس 86 شخصاً، بينهم 46 من قوات النظام، و14 من عناصر اللجان الشعبية، وقوات الدفاع الوطني، ومسلحون موالون للنظام من الجنسية السورية، و4 من المسلحين السوريين الموالين لإيران، و2 من المسلحين الموالين لإيران من غير السوريين، و9 من "قسد"، و3 من تنظيم "داعش".