"داعش" لفصائل عراقية: المبايعة أو الحرب

29 نوفمبر 2014
الفصائل رفضت حتى الآن عرض "داعش" (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

يسعى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إلى تأمين جبهته الداخلية بشكل يضمن له إبقاء المواجهة المسلّحة مقتصرة على جبهة واحدة، وهي القوات العراقية وطائرات التحالف الدولي.

وتكشف قيادات مسلّحة في فصائل عراقية وزعماء قبليون ومسؤولون عراقيون، أن ست مدن عراقية غرب وشمال البلاد، تشهد حراكاً كبيراً للتنظيم المتطرف تجاه الفصائل المسلّحة، الإسلامية منها والوطنية، وهو يسعى لأخذ البيعة منها وتسلُّم مخازن أسلحتها واعتبارها فصائل منحلّة، أو سيعلن الحرب عليها والمواجهة المسلّحة على غرار ما يحدث في سورية اليوم.

وتُعتبر هذه الخطوة الأخطر من نوعها التي يُقدم عليها التنظيم منذ أشهر طويلة، فهي تعني إفراغ الشارع من الفصائل المعتدلة غير المدرجة على لائحة الإرهاب الأميركية، كما أنها ستؤدي إلى خلل كبير في موازين القوى المسلّحة داخل صفوف الميليشيات، تحديداً تلك التي ظلت محافظة على طابعها الدفاعي على عكس تنظيم "داعش"، فضلاً عن أنها ستسفر عن إرباك إضافي في مناطق عدة.

ويكشف مسؤول عسكري عراقي لـ"العربي الجديد" أن "داعش" خيّر ثلاثة فصائل مسلّحة، من بينها جماعة "أنصار الإسلام"، بين المبايعة والانضمام إليه أو تخليها عن السلاح والعمل العسكري وتسليمه أسلحتها وكل معداتها العسكرية، أو القتال على غرار المعارك الدائرة بين التنظيم وفصائل المعارضة السورية الأخرى.

ويوضح المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن الأميركيين والسلطات العراقية يراقبون عن كثب تحركات "داعش" في هذا السياق منذ أيام، متوقّعاً "أن تنفجر الأمور خلال فترة قصيرة بين تلك الجماعات والتنظيم، أو تخضع لتهديدات "داعش" وهو أمر خطير جداً وعبء إضافي سيترتب على العراق والتحالف الدولي".

ويضيف المصدر أن "داعش يهدف إلى تأمين جبهته الداخلية، بينما ينشغل هو بمعارك عنيفة مع القوات الحكومية والميليشيات المساندة لها".

كما يكشف الشيخ أحمد جابر الشوكة، وهو أحد زعماء مدينة الموصل العشائريين، أن "داعش بدأ بالتحرك تجاه جماعة أنصار الإسلام وجيش المجاهدين وجيش النقشبندية لكنه لم يتلقَ أي رد منهم حتى الآن".

ويوضح الشوكة لـ"العربي الجديد" أن "التنظيم حاول طيلة الأسابيع الماضية تفكيك تلك الفصائل بشكل غير مباشر من خلال التحرك على الخلايا التابعة لها والعناصر المسلّحة المنضوية تحتها بشكل شخصي، ونجح في ضم العشرات منهم لكن العدد الأكبر من تلك العناصر رفض ذلك، متذرعاً بوجوب أن يكون القرار من قيادة الفصيل، وهو ما دفع بداعش إلى مطالبة قيادات الفصائل بالبيعة أو تسليم السلاح والذخيرة أو القتال في حال رفضت الخيارين الأول والثاني".

ويضيف الشوكة أن "الفصائل رفضت حتى الساعة عرض داعش، لكن الأخير منحهم فرصة للتفكير والمراجعة لغاية الخامس عشر من الشهر المقبل، أو مواجهة ما وصفوه بالخيارات المفتوحة لحماية مشروع الخلافة".

ويقول أحد عناصر تنظيم "أنصار الإسلام" في نينوى ويدعى عمر الحمداني لـ"العربي الجديد"، إن "الجماعة لن تنضم لتنظيم داعش بسبب تورطه بدماء سنّة في سورية والعراق، ولا يمكن أن تكون مع مشروع فاشل".

ويضيف الحمداني "لدينا استراتيجية طويلة لا تتفق مع داعش أهمها الدفاع عن الطائفة من الميليشيات والاعتداءات الحكومية، وأن نكون عامل قوة لها"، مشيراً الى أن "انضمامنا الى التنظيم يعني أن وجودنا سينتهي مع نهاية داعش الذي اتفق الشرق والغرب على اقتلاع جذوره، وهذا لا يناسبنا تماماً، كما أن منهجية تنظيم الدولة لا تتفق مع منهجيتنا".

ويرجّح أن يكون "اللوبي الإيراني السوري الفعّال داخل التنظيم هو من يقف وراء هذا القرار للتنظيم"، مشيراً إلى أن "كل الفصائل العراقية تعلم بوجود نفوذ إيراني داخل قيادة داعش إضافة الى النفوذ السوري أيضاً، وقد تكون خطوة داعش هذه تجاه الفصائل نابعة من هذا اللوبي بهدف إخلاء الساحة من أي تمثيل مسلح غيرهم وحصر حملة السلاح كلهم في خانة داعش للقضاء عليهم".

ويشدد الحمداني على أن "داعش خدم (الرئيس السوري بشار) الأسد وإيران أكثر مما خدم نفسه".

وحول ذلك يقول الخبير في شؤون الجماعات المسلّحة في العراق فؤاد علي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الفصائل المسلّحة الثلاثة الرئيسة وهي أنصار الإسلام وجيش المجاهدين وجيش النقشبندية، فضلاً عن الصغيرة ككتائب ثورة العشرين وجيش المسلمين وجيش الراشدين، قد تتبع خطوة المجلس العسكري للعشائر الذي قام بتجميد عمله المسلّح وإخفاء معداته العسكرية من أسلحة وذخيرة عن أعين التنظيم فصار في مأمن منه".

ويرى علي أن "داعش يخشى بشكل كبير أن تنقلب عليه الفصائل من الداخل، فهي الأقدر على التصدي له وإضعافه، خصوصاً في ظل المساعي الأميركية العراقية بهذا الشأن".