خمس دول تعيق عمل مجلس الأمن 265 مرة: أبرزها تتعلق بفلسطين وسورية

14 سبتمبر 2022
تفتتح الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء (Getty)
+ الخط -

منذ تأسيسه عام 1945، احتكرت 5 دول السيطرة على مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، وأعاقت عمله 265 مرة باستخدام حق النقض (الفيتو)، أبرزها تتعلق بالقضية الفلسطينية والملف السوري.

وتمتلك كل من الولايات المتحدة وروسيا التي ورثت مقعد الاتحاد السوفييتي وفرنسا وبريطانيا والصين الحرية باستخدام حق النقض داخل المجلس لمنع إقرار أي مشروع لا يناسب رغبتها وسياساتها، الأمر الذي أعاق عمل المجلس وأدّى إلى توجيهه وفق اتجاهات هذه الدول ومصالحها قبل أي اعتبار.

والثلاثاء، تفتتح الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، على وقع مطالب لا تتوقف من غالبية الدول الأعضاء (193 دولة)، وعلى رأسها تركيا وألمانيا والهند والبرازيل ومصر وجنوب أفريقيا، بضرورة إصلاح المجلس، باعتباره "حجر الزاوية في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين".

ويتألف مجلس الأمن حالياً من 15 دولة، منها 5 دائمة العضوية، هي الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة، و10 أعضاء تنتخبهم الجمعية العامة وفق التوزيع الجغرافي.

ويجب أن تحصل الدولة المنتخبة على أصوات ثلثي الدول الحاضرة لجلسة الجمعية العامة، من أجل الحصول على العضوية المؤقتة، ويتم تجديد نصف مقاعد الأعضاء المنتخبين غير الدائمين كلّ عام.

 265 فيتو

بحسب جدول منشور على موقع الأمم المتحدة، يُستعرض لائحة بالقرارات التي قوبلت بالنقض في مجلس الأمن منذ تشكيله عام 1945، استخدم الاتحاد السوفييتي في فبراير/شباط من العام نفسه حقّ النقض لأول مرة.

ويشير الجدول إلى استخدام الفيتو من قبل الدول الخمس 265 مرة، بواقع 121 مرة من قبل الاتحاد السوفييتي ووريثتها روسيا (90 للاتحاد و31 لروسيا).

وكان واضحاً استخدام السوفييت لحق النقض بشكلٍ مكثف في السنوات العشر الأخيرة من عمر الاتحاد، فيما تركزت استخدامات روسيا في مجلس الأمن خلال السنوات الأخيرة، وخاصة في ما يتعلق بالملف السوري.

وخلال السنوات الأولى لتأسيس المنظمة الدولية، استخدم السوفييت حق النقض بشكل مكثف قرابة 80 مرةً في 13 عاماً، فيما نقضت واشنطن قرابة 35 مرة قرارات تدين إسرائيل وتدعم الحقوق الفلسطينية، وهو ما يعادل قرابة نصف المرات التي استخدمت فيها هذا الحق.

الولايات المتحدة ضد الفلسطينيين وروسيا ضد السوريين

ويوضح الجدول أيضاً استخدام الولايات المتحدة حق النقض 82 مرة، منها 43 مرة ضد القضية الفلسطينية، وبرز الاستخدام الأكثر لهذا الحق من قبل أميركا في دعم إسرائيل أمام حقوق الفلسطينيين.

كما استخدمت بريطانيا حق النقض 29 مرة، فيما استخدمته الصين 17 مرة، وفرنسا 16 مرة، وذلك من أول إلى آخر استخدام للفيتو في يوليو/تموز الماضي من قبل روسيا.

بريطانيا وافقت أميركا في كثير من المرّات التي استخدمت فيها حق النقض، واستخدمت وحدها الحق 5 مرات، و4 مرات مع فرنسا، كما استخدمت الدول الثلاث مجتمعةً الحقّ 13 مرة.

أما الصين، فاستخدمت حقّ النقض بالتوافق مع روسيا 14 مرة، أكثرها لمنع مشاريع قرارات متعلقة بسورية، فيما استخدمت البقية وحدها في مواضيع مختلفة.

انتقادات للفيتو

يتعرض مجلس الأمن الدولي لانتقادات مستمرة لتمتع أعضائه الدائمين بحق "الفيتو" منذ تأسيسه، ما جعله يخفق في تحقيق أهدافه بإحلال الأمن والسلم الدوليين.

وفشل المجلس في العام 2018، في إقرار مشروع قرار يدين النظام السوري لاستخدامه أسلحة كيميائية، بعد استخدام روسيا "الفيتو" ضد مشروع قرار يدعو للتحقيق باستخدام النظام السوري أسلحةً كيميائية.

فاعتماد أيّ مشروع قرار في مجلس الأمن يتطلّب الحصول على أصوات 9 أعضاء على الأقل من أصل 15 عضواً، شرط عدم تصويت إحدى الدول دائمة العضوية ضدّه.

وخلال الأزمة السورية، استخدمت الصين وروسيا حق الفيتو لأول مرة عام 2011 ضد مشروع قرار يدعو لإنهاء العنف في سورية وبحث المطالب والمخاوف المشروعة للشعب السوري.

واستمرّت روسيا باستخدام "الفيتو" لصالح النظام السوري خلال الأزمة، ووصل عدد مرات استخدامها حق النقض إلى 18 مرةً كان آخرها في يوليو/تموز الماضي.

مبادرة حق النقض

قبل أشهر، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشروع قرار "مبادرة حق النقض"، معنون بـ"التفويض الدائم بعقد مناقشة للجمعية العامة عندما يتم استخدام حق النقض في مجلس الأمن".

يستهدف القرار تنشيط دور الجمعية في صون السلم والأمن الدوليين.

ويدعو إلى عقد اجتماع تلقائي لأعضاء الجمعية العامة في كلّ مرة يتم فيها استخدام "حق النقض- الفيتو" من جانب أي من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن.

وينصّ القرار على أن "رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو إلى عقد جلسة رسمية للجمعية خلال 10 أيام عمل من استخدام حق النقض من قبل عضو دائم أو أكثر في مجلس الأمن".

وهذه الجلسة تهدف إلى "إجراء مناقشة بشأن الحالة التي تم فيها استخدام حق النقض، شرط ألا تجتمع الجمعية العامة في جلسة خاصة طارئة بشأن الموضوع نفسه".

مجلس بمقاييس المنتصرين في الحرب

تأسّس مجلس الأمن عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، ومنذ ذلك الحين تغيّرت الكثير من الحقائق الجيوسياسية جذرياً، لكن المجلس لم يتغيّر إلا بشكلٍ طفيف.

وصاغ المنتصرون في الحرب العالمية الثانية ميثاق الأمم المتحدة وفقاً لمصالحهم الضيّقة، إذ خصصوا لأنفسهم المقاعد الدائمة وما يرتبط بها من حق النقض.

واحتاج الأمر 20 سنة حتى ظهرت أول وآخر عملية إصلاح ملحوظة بمجلس الأمن عام 1965، عندما زاد أعضاء الدول غير الدائمة بالمجلس من 6 دول إلى 10.

وبعد 27 سنة أخرى، وفي عام 1992، أي بعد شهور قليلة من سقوط الاتحاد السوفييتي (في 26 ديسمبر/كانون الأول 1991)، من الخريطة السياسية، عادت مناقشات إصلاح مجلس الأمن مرة أخرى إلى السطح، حيث عقدت أول قمة تاريخية للدول الأعضاء، وكان من بين أهدافها "إعادة هيكلة منظومة الأمم المتحدة والاعتراف بحقائق العالم المتغير".

ومنتصف سبتمبر/أيلول 2008، بدأت الدول الأعضاء بالجمعية العامة ما سمّته "المفاوضات الحكومية الدولية بشأن إصلاح مجلس الأمن"، وهي عبارة عن مفاوضات غير رسمية تجرى بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، بهدف تقريب وجهات النظر بشأن سبل المضيّ قدمًا في عملية الإصلاح.

(الأناضول)

المساهمون