أخفق مجلس الأمن الدولي، يوم الثلاثاء، في الاتفاق على بيان كان سيندد بالانقلاب في ميانمار ويدعو الجيش إلى التحلي بضبط النفس ويهدد بالنظر في "إجراءات أخرى"، لكن دبلوماسيين قالوا إن المحادثات ستستمر على الأرجح.
وقال دبلوماسيون إنه خلال محاولة أولية لوضع اللمسات الأخيرة على النص، اقترحت الصين وروسيا والهند وفيتنام، في وقت متأخر أمس الثلاثاء، إدخال تعديلات على مسودة بريطانية بما يشمل حذف الإشارة إلى انقلاب، وكذلك التهديد بالنظر في اتخاذ مزيد من الإجراءات.
ويتعين موافقة مجلس الأمن المؤلف من 15 عضواً بالإجماع على مثل هذه البيانات.
وتمرّ ميانمار بأزمة منذ أن أطاح الجيش الحكومة المنتخبة للزعيمة أونغ سان سو تشي، في انقلاب الأول من فبراير/ شباط، واحتجزها ومسؤولين من "حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية" الذي تنتمي إليه وشكل مجلساً عسكرياً حاكماً من قادة الجيش.
وقال الجيش إنّ الانتخابات التي جرت في نوفمبر/ تشرين الثاني شهدت عمليات تزوير، لكن مفوضية الانتخابات قالت إن عملية التصويت كانت نزيهة.
وأصدر مجلس الأمن بياناً لوسائل الإعلام، الشهر الماضي، عبّر فيه عن قلقه من حالة الطوارئ التي فرضها جيش ميانمار، ودعا إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين، لكنه أحجم عن إدانة الانقلاب بسبب معارضة روسيا والصين.
ودعت مسودة بيان مجلس الأمن التي اطلعت عليها "رويترز"، الثلاثاء، "الجيش إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، وتؤكد أنه (المجلس) يتابع الموقف من كثب ويعلن استعداده للنظر في إجراءات أخرى محتملة".
ودعا محقق الأمم المتحدة بشأن ميانمار، ومنظمة "هيومن رايتس ووتش" ومقرها نيويورك، مجلس الأمن إلى فرض حظر عالمي للسلاح، وعقوبات اقتصادية على المجلس العسكري.
Myanmar: Urgently Investigate NLD Official’s Death in Custody https://t.co/fIUkm9G9Tx
— Human Rights Watch (@hrw) March 9, 2021
وفي محاولة للحفاظ على وحدة المجلس بشأن ميانمار، قال دبلوماسيون إنّ من غير المرجح أن يُنظَر في فرض عقوبات في أي وقت قريب، لأن مثل هذه الإجراءات ستلقى معارضة من الصين وروسيا اللتين تتمتعان إلى جانب أميركا وفرنسا وبريطانيا بحق النقض (الفيتو) في المجلس.
وأدانت مسودة البيان بقوة "استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين"، وعبّرت أيضاً عن "القلق العميق إزاء انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما في ذلك القيود المفروضة على العاملين في المجال الطبي والمجتمع المدني والصحافيين والإعلاميين، ودعت إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين".
قوات الأمن تداهم مجمعاً لموظفي السكك الحديدية
على صعيد آخر، داهمت قوات الأمن في ميانمار، اليوم الأربعاء، مجمع موظفي السكك الحديدية المضربين عن العمل والذين يعارضون المجلس العسكري، في الوقت الذي عين فيه أعضاء البرلمان المخلوعين إحدى الشخصيات المعروفة قائماً بأعمال نائب الرئيس، المعتقل حالياً، للاضطلاع بمهام السياسيين المحتجزين.
ويشارك موظفو السكك الحديدية في حركة عصيان مدني عرقلت عمل الحكومة وشملت إضرابات للبنوك والمصانع والمتاجر منذ أطاح الجيش حكومة أونج سان سو تشي المنتخبة في انقلاب الأول من فبراير/ شباط.
اقترحت الصين وروسيا والهند وفيتنام إدخال تعديلات على مسودة بريطانية بما يشمل حذف الإشارة إلى انقلاب، وكذلك التهديد بالنظر في اتخاذ مزيد من الإجراءات
وأظهرت لقطات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي قوات الأمن بالقرب من مجمع موظفي السكك الحديدية. وقال أحد المشاركين في الإضراب عبر الهاتف إنهم يخشون من عملية وشيكة ضدهم.
وأضاف الشخص الذي طلب أن يُشار إليه باسم ما سو بدلاً من اسمه بالكامل: "أعتقد أنهم سيعتقلوننا. أرجوكم ساعدونا".
وفي بثّ مباشر على "فيسبوك" من المنطقة، هتف أناس قائلين: "هل نحن موظفون متحدون؟ نعم نحن متحدون"، وادعى أحد المعلقين على البث أن الشرطة تحاول إزالة الحواجز وتهدد بإطلاق النار.
ولا يمكن التحقق من التفاصيل على نحو مستقل. ولم يردّ مسؤولو الشرطة والجيش على طلبات للتعليق.
وفي لفتة رمزية، أفاد إعلان نشر على صفحة "فيسبوك "الخاصة بـ"حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية"، الثلاثاء، بأن المشرعين المخلوعين قد عينوا ماهن وين خاينغ ثان، الذي كان رئيساً لمجلس الشيوخ، قائماً بأعمال نائب الرئيس لأداء مهام الرئيس المعتقل وين مينت والزعيمة سو تشي. ولا يعرف مكان ماهن وين خاينج ثان.
وتُنظَّم احتجاجات يومية ضد الانقلاب في جميع أنحاء البلاد، وتستخدم قوات الأمن القوة على نحو متزايد لإخماد تلك الاحتجاجات.
وقالت جمعية مساعدة السجناء السياسيين إن أكثر من 60 متظاهراً قُتلوا واعتُقل 1900 منذ الانقلاب.
ورفض بعض أفراد الشرطة أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين العزّل وفروا إلى الهند المجاورة، وفقاً لما ورد في مقابلة مع أحد الضباط وما كشفت عنه وثائق سرية للشرطة الهندية.
مليونا دولار لخبير دعاية "لتفسير ظروف" الانقلاب
من جهة أخرى، أظهرت وثائق قُدمت لوزارة العدل الأميركية، أنّ المجلس العسكري الحاكم في ميانمار، سيدفع مليوني دولار لخبير إسرائيلي كندي في الدعاية "للمساعدة في تفسير الظروف الحقيقية" للانقلاب للولايات المتحدة ودول أخرى.
وسيمثل آري بن ميناش وشركته "ديكنز آند مدسون كندا" الحكومة العسكرية لميانمار في واشنطن، إلى جانب السعودية والإمارات وإسرائيل وروسيا وهيئات دولية مثل الأمم المتحدة.
وينص الاتفاق الذي قُدم، يوم الاثنين، لوزارة العدل الأميركية في إطار قانون تسجيل الوكلاء الأجانب في الولايات المتحدة ونشر على الإنترنت على أنّ الشركة ومقرها مونتريال "ستساعد في وضع وتنفيذ سياسات لجمهورية اتحاد ميانمار، كذلك ستساعد في تفسير الظروف الحقيقية في البلاد".
ولم يرد متحدث باسم الحكومة العسكرية في ميانمار على اتصال من "رويترز" لطلب التعليق.
وقال بن ميناش، لـ"رويترز"، إنه مكلف إقناع الولايات المتحدة بأنّ القادة العسكريين في ميانمار يريدون التقرب من الغرب والابتعاد عن الصين. وأضاف أنهم يريدون إعادة توطين أفراد أقلية الروهينغا المسلمة الذين فروا من هجوم عسكري في 2017 اتهمت بسببه الأمم المتحدة هؤلاء الجنرالات بالإشراف على عملية إبادة جماعية.
وأظهرت وثائق أخرى قدمها بن ميناش أن الاتفاق مع شركته أُبرم مع وزير الدفاع في ميانمار، وأن الحكومة ستدفع بموجبه مليوني دولار.
(رويترز)