انسحب فصيلان من تشكيل عسكري معارض في الشمال السوري، اليوم الأربعاء، ما يرسّخ حالة الفصائلية التي تلقي بظلالها على المشهد العسكري السوري المعارض، والتي تؤدي بين وقت وآخر إلى احتراب داخلي يُبقي المناطق التي تقع تحت سيطرة هذه الفصائل في حالة عدم استقرار أمني.
وذكرت مصادر عسكرية مطلعة في شمال سورية أن "فرقة السلطان سليمان شاه"، و"فرقة الحمزة"، انسحبتا من "هيئة ثائرون للتحرير"، وهو تشكيل عسكري تابع لـ "الجيش الوطني السوري" المعارض، وينشط في المناطق الواقعة تحت سيطرة هذا الجيش في شمال سورية.
وتسيطر فرقة "السلطان سليمان شاه" والتي يقودها محمد الجاسم (أبو عمشة)، على ناحية الشيخ حديد في ريف عفرين شمال غربي حلب، بينما تنشط فرقة "الحمزة" التي يقودها سيف بولاد المعروف بـ"سيف أبو بكر" في منطقة الباب وبلدة بزاعة في ريف حلب الشمالي.
وكانت "هيئة ثائرون" قد تشكلت من ائتلاف العديد من الفصائل أواخر العام الفائت في سياق محاولات يبدو أنها لم تنجح في تجميع فصائل المعارضة السورية في تشكيلات واسعة لتجاوز حالة الفصائلية التي تؤدي بين وقت وآخر إلى اقتتال داخلي يودي بحياة عسكريين ومدنيين.
ولكن الوقائع تؤكد أن التشكيلات العسكرية التي ظهرت في مناطق النفوذ التركي في شمال سورية، لم تفض إلى مرجعية عسكرية واحدة لعشرات الفصائل متباينة الأهداف، وهو ما يفسر انسحاب "سليمان شاه"، و "الحمزة" من "ثائرون".
اندماج "دون قناعة"
وأكد المحلل السياسي المواكب للمشهد الفصائلي في شمال سورية وائل علوان في حديث مع "العربي الجديد" انسحاب الفصيلين من الهيئة المذكورة، معربا عن اعتقاده بأن "دخول بعض الفصائل إلى التشكيلات العسكرية التي ظهرت في شمال سورية، نتيجة ضغوط، ولم يكن عن قناعة".
وتوقع علوان أن يؤدي انسحاب الفصيلين إلى "إزالة عوائق أمام هيئة ثائرون لتحقيق انسجام أكبر بين مكوناتها"، مضيفا: "درجة التباين كانت كبيرة جدا مع الفصيلين المنسحبين".
وفي السياق، ذكر مصدر مطلع في فصائل المعارضة السورية فضّل عدم ذكر اسمه في حديث مع "العربي الجديد" أن "الخلاف بين مكونات هيئة ثائرون كان قد بدأ الشهر الفائت مع وصول أرتال هيئة تحرير الشام إلى تخوم مدينة عفرين أثناء الاقتتال الذي احتدم بين فصيلي الجبهة الشامية، وأحرار الشام في شمال سورية".
وأشار المصدر إلى أن "ثائرون حمّلت فصيلي سليمان شاه، والحمزة مسؤولية الخرق العسكري الذي أدى إلى سيطرة تحرير الشام على قرى ومواقع داخل منطقة سيطرة فصائل المعارضة في منطقة عفرين".
وكان تفجر خلاف دام في الشمال السوري منتصف الشهر الفائت، ما أدى إلى مقتل وإصابة عسكريين ومدنيين. وتشهد المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة السورية بين وقت وآخر اقتتالا بين مختلف الفصائل بسبب صراع على النفوذ، وعلى الموارد الاقتصادية المحدودة في المنطقة، وخاصة المعابر غير النظامية، في ظل عجز وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة عن ضبط هذه الفصائل التي تنشط خارج كل القوانين.
وكانت ظهرت العديد من التشكيلات العسكرية خلال العام الفائت والعام الجاري في الشمال السوري، منها: هيئة ثائرون، وحركة التحرير والبناء، والجبهة السورية للتحرير، وغرفة عمليات عزم. بيد أن البنية الفصائلية ظلت هي السائدة في هذه التشكيلات التي تنعكس خلافات مكوناتها على حياة المدنيين في الشمال السوري، والذين يعانون من ظروف اقتصادية خانقة، وتسيّب أمني بسبب فوضى السلاح.