بينما امتنعت مصر عن تأكيد أو نفي نبأ زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى القاهرة خلال أسابيع، للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والذي كشفت عنه وسائل إعلام إسرائيلية، أكد مصدر دبلوماسي واسع الاطلاع في القاهرة، لـ"العربي الجديد"، أن الزيارة الوشيكة مجدولة منذ بضعة أسابيع، كاشفاً عن "وجود خلافات بشأنها بين السيسي ونتنياهو وأجهزتهما حول إمكانية إعلانها رسمياً".
وأضاف المصدر أن الحملة الإعلامية المتصاعدة في مصر ضد الفنان المصري محمد رمضان، بسبب حضوره حفلاً في الإمارات مع مجموعة من الشخصيات والفنانين الإسرائيليين، كانت مدعومة من "أجهزة سيادية مصرية"، استخدمت ردود الفعل الشعبية الغاضبة على رمضان، بهدف إيصال رسالة لدولة الاحتلال مفادها أن إعلان الاتصالات والزيارات بين الدولتين لن يكون مرحباً به على الصعيد الشعبي، أو على الأقل "ستكون له كلفة عالية"، على حد تعبير المصدر.
الإعلان عن الزيارة سيحمل طابعاً رمزياً مهماً للإسرائيليين، بعد سنوات من اللقاءات غير المعلنة
وذكر المصدر أن نتنياهو يرغب بشدة في إعلان الزيارة كخطوة جديدة في سلسلة التقارب الأخير بين الاحتلال والدول العربية. وعلى الرغم من أن التنسيق بين السيسي ونتنياهو ليس محل شك، وهو معلن ومتصاعد في العديد من المجالات، فإن الإعلان عن الزيارة سيحمل طابعاً رمزياً مهماً للإسرائيليين بعد سنوات من اللقاءات غير المعلنة، أو المعلنة خارج الحدود، ويرغب نتنياهو في استغلال ذلك إعلامياً لصالحه.
وعلى الرغم من الشراكة بين الحكومة المصرية ونظيرتها الإسرائيلية والمستثمرين الإسرائيليين في مشاريع مختلفة داخل مصر، وتعاون الطرفين المتنامي في مجال الطاقة ومنتدى شرق البحر المتوسط للغاز، فإن نتنياهو يطمح لإبرام مزيد من الاتفاقات الاقتصادية قريباً في مجالات تجمد فيها التعاون عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، كالزراعة واستصلاح الأراضي، والصناعات الخفيفة والوسيطة، وتحسين سبل استغلال الموارد المائية.
وبحسب صحيفة "معاريف"، فإن المباحثات بين السيسي ونتنياهو ستركز على القضايا الاقتصادية، وسيعقبها لقاء بين وفود اقتصادية من البلدين. ونقلت الصحيفة عن مصادر سياسية القول إنه في أعقاب اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين، والتي ستركز بشكل أساسي على الاقتصاد، بدأت إسرائيل في العمل على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع مصر. وذكرت الصحيفة أن مسؤولين من البلدين يجرون حالياً محادثات قبل زيارة نتنياهو الرسمية للقاهرة في الأسابيع المقبلة.
وعقد اللقاء المعلن الوحيد بين السيسي ونتنياهو في نيويورك عام 2017 خلال مشاركتهما في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وزار نتنياهو السيسي وقتها في مقر إقامته حيث كان علم مصر فقط وراءهما. وفي أغسطس/آب 2018 نشرت الصحف العبرية أن نتنياهو سافر سراً إلى مصر في مايو/أيار من العام ذاته، والتقى السيسي وتشاركا في مأدبة إفطار رمضانية بحضور مستشارين من الجانبين.
نتنياهو يطمح لإبرام مزيد من الاتفاقات الاقتصادية، في مجالات تجمد فيها التعاون
وفي يوليو/تموز 2019 تعمد نتنياهو أن يعلن عن سابقة عقد "لقاءات" مع السيسي خلال حفل السفارة المصرية في تل أبيب بثورة 23 يوليو/تموز 1952، ووصفه بـ"الصديق العزيز". وقال: "في لقاءاتي معه فوجئت بحكمته وذكائه وشجاعته. السلام بين إسرائيل ومصر بمثابة حجر الزاوية للاستقرار". وقبل ذلك، في يوليو/تموز 2016، أوفد السيسي وزير خارجيته سامح شكري إلى القدس المحتلة للقاء نتنياهو، حيث اجتمع الاثنان لمدة طويلة وشاهدا معاً نهائي كأس الأمم الأوروبية. وفي الفترة بين توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، في إبريل/نيسان 2016، بما تضمنه من التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، وحتى إقرار الاتفاق بقرار جمهوري نشر رسميا في أغسطس/آب 2017، جرت اتصالات ومكاتبات عديدة بين السيسي ونتنياهو للحصول على مباركة إسرائيلية للاتفاق. ووُثِّق بعض هذه المكاتبات في الجريدة الرسمية للحكومة المصرية وقت نشر القرار الجمهوري.