يشهد حزب "الشعب" الفلسطيني خلافات حادة بين قاعدته وقيادته حول المشاركة في المجلس الوطني، يوم الأحد، وفي حين تشتد المعارضة بين القاعدة التي ترفض إعطاء شرعية عددية وسياسية للمجلس المركزي؛ تقوم القيادة بالمناورة عبر إرسال رسائل لمكتب المجلس الوطني تعترض فيها على جدول أعمال المجلس وتطالب بتعديله.
وحسب مصادر"العربي الجديد"، فإن الخلافات لم تعد تقتصر على قاعدة حزب "الشعب"؛ بل توسعت لتضم قيادات من الحزب عبّرت عن غضبها من إرسال أمين عام الحزب، بسام الصالحي، رسالة يوم أمس الخميس لرئيس المجلس الوطني، سليم الزعنون، حول جدول أعمال المجلس، دون علم أعضاء المكتب السياسي بهذه الرسالة التي فاجأتهم.
وصعّدت هذه الرسالة من حال الغضب، حيث عكست مناورة قيادة حزب "الشعب" وتحديداً أمينه العام، بما يتعلق بموافقته على المشاركة في اجتماع المجلس المركزي يوم الأحد، وذلك قبل اجتماع اللجنة المركزية للحزب ظهر اليوم الجمعة، ليقرر مشاركته أو عدمها.
وأرسل الحزب رسالتين إلى رئاسة المجلس الوطني الأولى في 28 من الشهر الماضي، والثانية يوم الخميس الثالث فبراير/شباط، جدد فيهما الحزب مطالبه بتعديل جدول أعمال اجتماع المجلس المركزي.
وقال الناطق الإعلامي باسم الحزب، فهمي شاهين، في تصريحات لـ"العربي الجديد": "نحن منذ البداية لدينا عدد من الملاحظات والاعتراضات على جدول أعمال اجتماع المجلس المركزي، ودعينا خلال الأسبوعين الماضيين خلال الاجتماعات واللجنة التحضيرية من أجل أخذ هذه الاعتراضات بالاعتبار، وبهدف الوصول إلى اتفاق مسبق على المخرجات السياسية والتنظيمية لاجتماع المجلس المركزي".
وتابع: "أكدنا أنه يجب التركيز في جدول الأعمال على ضرورة استئناف العمل بجدية من أجل تنفيذ قرارات المجلس الوطني والمركزي السابقة، ومخرجات اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، من عام 2015 وحتى 2018، يجب أن يكون تنفيذ هذه القرارات هو القضية الجوهرية على جدول الأعمال".
وقال: "المسألة الثانية تتعلق بمدى قانونية قيام المجلس المركزي بانتخاب الشواغر في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وانتخاب هيئة رئاسة جديدة لمكتب المجلس الوطني، ونحن نعتقد أن هذه المسألة من شأن المجلس الوطني، بغض النظر عن التفويض الممنوح للمجلس المركزي".
وفي سؤال لـ"العربي الجديد" حول أن من يناقش جدول الأعمال موافق على الحضور؛ أجاب شاهين: "ليس بالضرورة أن يكون الأمر هكذا، هناك ملاحظات سياسية وتنظيمية، نحن تقدمنا بهذه الملاحظات عبر اللجنة التحضيرية وعبر توجيه رسائل عاجلة إلى رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون".
وحول ما إذا تم الرد على رسائل الحزب، قال شاهين: "لم يتم الرد حتى الآن، ووعدوا بالمتابعة". وأكد قائلاً: "حتى هذه اللحظة لم يتخذ الحزب قراراً بالمشاركة، والمخول بحسم هذا القرار هو هيئات الحزب ممثلة باللجنة المركزية التي سوف تجتمع اليوم الجمعة".
ويدور في كواليس حزب "الشعب" سيناريو قائم على أن يقوم ممثلون عن الحزب بتسليم مذكرة للمجلس المركزي ومغادرة جلسات الاجتماع، وبذلك تكون قيادة الحزب قد حققت هدفين؛ الأول عدم إغضاب الرئيس أبو مازن ومنحه النصاب العددي و"السياسي" الذي يريده، والثاني تنفيس غضب عناصر الحزب، وبخاصة الشباب منهم. لكن هذا السيناريو يبدو "صبيانياً ومكشوفاً" على حد قول أحد عناصر الحزب لـ"العربي الجديد".
ويوجد في حزب "الشعب" حراك شبابي مؤثر، دفع العام الماضي الحزب إلى الانسحاب من الحكومة ومطالبتها بالاستقالة على خلفية قتل جهاز الأمن الوقائي المعارض السياسي نزار بنات في يونيو/حزيران. وعندما رفض الوزير نصري أبو جيش الاستقالة من الحكومة تم فصله من الحزب، ولم يستجب الأخير لكل ضغوطات السلطة لإرجاعه للحزب.
وحسب مصادر "العربي الجديد" فقد قام الرئيس أبو مازن في حينه بمعاقبة الحزب ووقف مخصصاته المالية على مدار نحو ستة أشهر، أي من يونيو/حزيران وحتى ديسمبر/كانون الأول، وتم تجميد تفريغات عناصر من الحزب في الوظيفة الحكومية، وتجميد رواتب آخرين، بسبب قرار الحزب بالانسحاب من الحكومة.
ويضع اجتماع المجلس المركزي أمين عام الحزب الصالحي والمكتب السياسي في موقف صعب، حيث من المقرر أن يعقد الحزب مؤتمراً للانتخابات الداخلية في العاشر من الشهر الحالي.
وكانت آخر انتخابات نظمها الحزب عام 2008، وأسفرت عن انتخاب أمينها العام الصالحي ولجنتها المركزية ومكتبها السياسي.
بدورها قالت عضو المكتب السياسي للحزب عفاف غطاشة لـ"العربي الجديد" إن "هناك وجهات نظر متعددة بالنسبة للمشاركة في المجلس المركزي، ونحن سوف نتناقش حتى نصل لأغلبية إذا لم يكن هناك إجماع". وأضافت: "نحن في حال نقاش، وهناك وجهات نظر متعددة، ولا توجد جهة تتمترس خلف وجهة نظرها، بل نناقش حتى نصل إلى قرار مسؤول يليق بمسؤولية الحزب وتاريخه".
وتابعت: "نحن مع إصلاح منظمة التحرير وإعادة بنائها بحيث تجمع الكل الفلسطيني على اختلافه، لكن الانسحاب غير وارد أبداً وغير مطروح".
وقالت: "السلطة والحكومة هما أداة تنفيذية، والسلطة الأعلى منهما هي منظمة التحرير، ونريد لكل جهة أن تأخذ دورها بوضوح، أما الخروج من المنظمة فماذا سيكون بعده؟ ماذا نفعل بعد ذلك؟". وأكدت: "نحن لن نقوم بأي اصطفاف مع أي جهة".
وحول عدم تنفيذ المجلس المركزي لقراراته السابقة، قالت: "ثمة مشكلة بتنفيذ القرارات، وهذه عملية نضالية، وهذه هي المعضلة الأساسية، لأن القرارات كان عليها إجماع فصائلي وشعبي ولم يكن هناك أي تطبيق لها، وهذا الأمر يستدعي النضال".
وقالت: "هذه النقطة هي مطرح نقاش، أي أنه في حال شاركنا في المجلس المركزي يوم الأحد القادم، وكان هناك بيان ختامي بقرارات قوية ولم تنفذ ما العمل؟ اجتماعنا اليوم يجب أن يجيب عن هذا السؤال، لا سيما أن اجتماع المجلس المركزي سيأخذنا إلى منعطفات سياسية ووطنية خطيرة".