خطاب كلجدار أوغلو يرتد على نحو معاكس: شقاق في الطاولة السداسية بملف اللاجئين

22 مايو 2023
ركز كلجدار أوغلو في خطابه على مسألة ترحيل اللاجئين (Getty)
+ الخط -

صعّد مرشح تحالف الشعب التركي المعارض، كمال كلجدار أوغلو من نبرته ضد منافسه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، متهما إياه بإدخال لاجئين وبيعهم الجنسية لكسب أصواتهم، قائلا: "يبيع الجنسية التركية للأجانب للحصول على أصوات مستوردة".

ورفع مرشح المعارضة من حدة شعاراته بساحات إسطنبول، حول اللاجئين السوريين بقوله: "سوف يرحلون.. اتخذ قرارك"، ما أثار حفيظة أتراك، بمن فيهم أحزاب منضوية ضمن تحالف "الطاولة السداسية"، وصلت لحد اتهامه بالمبالغة والعزف على وتر "الكراهية والعنصرية"، مطالبين بالاعتدال في الطرح أو الرحيل من المشهد السياسي. وقالوا: "ليبق المهاجرون ويرحل كلجدار أوغلو".

مبالغة لجذب الناخبين

تبدلت أولويات حملة مرشح المعارضة للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، المقررة الأحد المقبل 28 مايو/أيار، بعد فشل تحالفه بتحقيق أغلبية برلمانية، ما أبعد شعار تغيير النظام الرئاسي إلى برلماني عن إمكانية التحقيق. وتحولت لصالح التركيز على "ترحيل اللاجئين" ولكن بشعارات اعتبرها أتراك "عنصرية وتحشيدا شعبيا للكراهية".

وتضمنت اللوحات الإعلانية لمرشح المعارضة، "السوريون سوف يرحلون.. اتخذ قرارك"، واعداً بترحيل اللاجئين السوريين "فور فوزه" بعد أن كان يتوعد بترحيلهم خلال عامين.

واتهم مرشح تحالف الجمهور الحاكم، رجب طيب أردوغان بإدخال 10 ملايين لاجئ وبيع الجنسية لهم ليصوتوا له.

وأضاف كلجدار أوغلو في فيديو نشره على حسابه في "تويتر"، أن عدد السوريين في تركيا يصل إلى عشرة ملايين ويمكن أن يرتفع إلى 20 مليوناً في حال عدم فوزه في الانتخابات الرئاسية، مخاطبا الناخبين: "صوتوا لأجلكم وليس من أجلنا".

ويرى أتراك أن المبالغة في طرح أرقام اللاجئين، تهدف للتهويل من مخاطر وجودهم على الأرض التركية وتحميلهم وزر التضخم النقدي وزيادة الأسعار وارتفاع نسبة البطالة. في المقابل وبحسب بيانات إدارة الهجرة بوزارة الداخلية، انخفض عدد السوريين الخاضعين لوضع الحماية المؤقتة المسجلين في تركيا بمقدار 36 ألفا و908 شخصا، اعتبارا من 19 إبريل/نيسان 2023، مقارنة بشهر آذار/مارس الماضي، ما خفض عدد السوريين المسجلين بمقدار 124.969 منذ بداية العام الجاري، ليصبح عددهم 3 ملايين و411 ألفا و29 شخصا.

كما تتزايد وتيرة عودة السوريين إلى الشمال السوري الخاضع للمعارضة، إثر الزلزال الذي ضرب تركيا في فبراير/شباط الماضي، وزيادة حدة العنصرية وغلاء أسعار المنتجات وإيجار المنازل بتركيا. وبحسب وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو "عاد 553 ألفا و335 من الإخوة والأخوات السوريين إلى مناطقهم الآمنة حتى الآن".

الشركاء ينتقدون كلجدار أوغلو

من جهته، أعرب خالد خوجة العضو المؤسس في حزب "المستقبل" الذي يترأسه أحمد داود أوغلو، عن أسفه إلى ما وصل إليه مستوى الخطاب، معتبراً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن العنصرية مظهر من مظاهر الاستبداد ولا يمكن الوصول للسلطة من خلالها. وقال إن "الذين يستهدفون خلال الدعاية الانتخابية، وجود اللاجئين الذين يعيشون في وضع الحماية المؤقتة، إنما يغذّون الكراهية في المجتمع التركي المضيف".

وحول سياسة حزب "المستقبل" بشأن اللاجئين، أضاف خوجة أن الأساس هو القرارات والمواثيق الدولية والقانون التركي، وهذا ما أكده الحزب للتحالف وعلى رأسه كلجدار أوغلو، خلال وثيقة التحالف التي تنص على حل قضية اللاجئين السوريين بدون تجاهل قرار مجلس الامن 2254، وتأمين بيئة مناسبة للعودة خالية من أية مخاطر، واصفاً تصريحات المرشح كلجدار أوغلو خلال حملة الجولة الثانية، بالخطيرة والعنصرية، "بل ويمكن أن تؤدي لإيذاء السوريين بتركيا".

وقال إن خطاب كلجدار أوغلو سيؤثر على قرارات الأحزاب المتحالفة ضمن "الطاولة السداسية".

من جانبه، استنكر نائب رئيس حزب "المستقبل" لحقوق الإنسان، باهادير قربان أوغلو، "ادعاء" مرشح "الطاولة السداسية" بوجود 10 ملايين لاجئ سوري في تركيا، مضيفاً في تغريدة على "تويتر" أنه بعد التوقيع على نصوص الديمقراطية والشمولية وسيادة القانون وحقوق الإنسان، "لا توجد طريقة ميمونة لتخويف المظلومين، واستهداف المحرومين، وإعطاء معلومات كاذبة ومبالغ فيها عنهم".

حملات شعبية وحقوقية

على صعيد متصل، تعالت الخطابات المناهضة لتوجهات المرشح كلجدار أوغلو، بين الأتراك والمنظمات الحقوقية، واصفة إياه بالعنصرية وتكريس الكراهية بين اللاجئين والمجتمع التركي، خصوصا بعد أن نشرت بلدية إسطنبول الكبرى التي يترأسها، عضو حزب الشعب الجمهوري، أكرم إمام أوغلو صوراً لكمال كلجدار أوغلو، وبجانبه عبارة "السوريون سوف يرحلون.. اتخذ قرارك"، ما اُعتبر محاولة لاستقطاب أصوات القوميين المتشددين والناخبين المناهضين لوجود اللاجئين في تركيا.

ونشرت منظمات حقوقية وإنسانية تركية ملصقات على جدران بإسطنبول، تتضمن عبارات مناصرة للاجئين، منها "لا للعنصرية" و"ليبق اللاجئون ويرحل كلجدار أوغلو"، وتستنكر الخطاب العنصري لمرشح المعارضة التركية.

كما انتقدت منظمات حقوقية وإنسانية، بوقت سابق، عمليات الإعادة القسرية لمئات الرجال والفتيان السوريين اللاجئين في تركيا، بعد اعتقالهم من منازلهم وأماكن عملهم وفي الشوارع، واحتجازهم في ظروف سيئة.

واعتبرت التركية، عائشة بوستان خطاب المعارضة، "زيادة لحالة الكراهية التي تتنامى ببعض الأوساط التركية وما نتج عنها من حالات قتل وإساءات"، حيث قتل أول أمس شاب سوري بمنطقة بيرم باشا بإسطنبول، مطالبة بإبقاء حملات الدعاية الانتخابية ضمن السياسة ومطالب الشعب وتطلعات تركيا، "لأن المبالغة بطرح تبعات اللجوء واللاجئين سيزيد العنصرية ويضر ببنية المجتمع التركي"، بحسب رأيها.

وتقول بوستان "65 عاماً" إنها لا تنكر تأثير اللاجئين عموماً، وليس السوريين فقط، على ارتفاع الأسعار والبطالة، "لكن ليس للحد الذي سمعناه من كلجدار أوغلو"، داعية لتعاطي بلادها مع اللاجئين بشكل قانوني وتأمين فرص عودتهم لبلادهم بشكل يحفظ حياتهم وكرامتهم وحقوقهم.

وفي السياق، اعتبر المحلل خليل أوزون طرح كلجدار أوغلو "دليل خوف وإفلاس". وقال إنه "بعد تنامي ملامح الخلاف ضمن تحالفه وخسارتهم بالانتخابات البرلمانية، لجأ كلجدار إلى الخطاب العنصري ليستميل أصوات "تحالف الأجداد" والأتراك المتشددين تجاه اللاجئين".

واستغرب أوزون في حديث لـ"العربي الجديد"، السماح لبلدية إسطنبول برفع شعارات عنصرية، معتبرا أنها "شعارات تحريضية تعتمد على عواطف الناس وربما تزيد من وتيرة العنف بالشارع التركي"، مطالباً بإزالة تلك الصور والشعارات، لأنها برأيه مخالفة للقانون التركي. وقال: "ربما معظم الأتراك مع عودة اللاجئين لبلادهم، لأن في ذلك خير لهم قبل الأتراك، ولكن ليس بالطرق والأدوات التي نراها ونسمعها من المعارضة.. للأسف يصممون على المبالغة بورقة اللاجئين ضمن حملاتهم".

السجن أو إثبات صحة الأرقام

وذهب عضو حزب العدالة والتنمية الحاكم، باكير أتاكجان إلى أبعد من الإدانة، متوعداً برفع دعوة قضائية بعد الانتخابات على المرشح كلجدار أوغلو، "ليثبت صحة الأرقام التي يدعيها"، قائلا: "إذا لم يفعل فنحن أمام احتمال أن السيد المرشح كاذب وبذلك يكون مخالفاً للقانون وللمادة 216 التي تجرّم التفريق بين مكونات الشعب وتحرض على العنصرية، وبالتالي يتم سجنه".

ووصف أتاكجان في حديث لـ"العربي الجديد"، خطاب مرشح المعارضة تجاه اللاجئين، بـ"العنصري البغيض والتحريضي المقيت"، بهدف استمالة أصوات المتطرفين والقوميين المتشددين التي ذهبت للمرشح سنان أوغان خلال الجولة الأولى، للوصول إلى سدة الرئاسة.

ووفق نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت في 14 الجاري، حصل الرئيس التركي على أصوات 26 مليوناً و133 ألفاً و837 ناخباً ما نسبته 49.52% من أصوات الناخبين، فيما حصل كلجدار أوغلو على 24 مليوناً و594 ألفاً و932 ناخباً بنسبة، 44.88 %، والفارق بينهما مليون و538 ألفاً و905 أصوات. أما سنان أوغان فقد صوّت لصالحه 2 مليون و831 ألفاً و208 ناخبين ما نسبتهم 5.17 في المائة.

وأشار أتاكجان إلى أن "من حق مرشح المعارضة اتهام الرئيس أردوغان باستقبال لاجئين وبيعهم الجنسية، ولكن من حقنا رفع دعوة قضائية ليؤكد صحة ادعاءاته"، معتبراً أن "المبالغة بالعزف على وتر اللاجئين، توقع الجميع بالخطأ".

المساهمون