خبراء مصريون ينتقدون مبادرة التهدئة: الإهانة بعينها

15 يوليو 2014
المبادرة المصرية لم تتضمن الحد الأدنى لإنجاحها(مصطفى حسونة/الأناضول/Getty)
+ الخط -

انتقد خبراء ونشطاء سياسيون مصريون بشدة ما ورد في المبادرة التي أطلقتها وزارة الخارجية المصرية، مساء أمس الاثنين، بخصوص "وقف إطلاق النار" بين المقاومة الفلسطينية، والاحتلال، معتبرين أن التدهور والإخفاق أقل ما يمكن وصف ما وصلت إليه مصر إزاء القضية الفلسطينية في ظل الاعتداء الإسرائيلي على غزة.

ورأى الخبير السياسي أمجد الجباس، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه "لا يوجد حتى الآن تفاصيل كافية بخصوص المبادرة، ولكن اللغة التي استخدمتها وزارة الخارجية المصرية ومساواتها بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، باستخدامها وصف (الأعمال العدائية) هو تدهور خطير في الموقف المصري من القضية الفلسطينية".

وأكد الجباس "أن مصر التي كان دائماً لها دور في القضية الفلسطينية، وكان لها دور في تأسيس حركة التحرير، يصل بها الحال إلى المساواة بين المقاومة والاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة". واعتبر أن هذه اللغة في بيان وزارة الخارجية المصرية، في حد ذاتها، سبب كفيل لإعلان "حماس" رفضها للمبادرة.

وأشار إلى أن ما ورد في المبادرة بالأوصاف التي استخدمت فيها "هو تدنٍّ كبير جداً ليس فقط في العلاقات بين مصر وغزة، ولكنْ تدنٍّ لمكانة مصر في المنطقة وبين الدول العربية".

وأضاف الجباس "نعرف أن هناك حساسية بين مصر و"حماس" بسبب الأزمة الداخلية في مصر، ولكن لم يصل الحال من قبل لأن يتم إحراج مصر بهذه الطريقة علناً؛ فكون مصر تعلن مبادرة كهذه لتعلن المقاومة رفضها لها، هو أمر محزن".

وأوضح أن "الجهات الأمنية في مصر تعتبر فتح معبر رفح، ورقة ضغط تمسك بها الملف الفلسطيني، لتجبره على تقديم تنازلات للطرف الإسرائيلي، وهذا لم يحدث حتى في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك..."، مشيراً إلى أنه "الآن لم تعد مصر وسيطاً بنظر الفلسطينيين".

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسة في جامعة القاهرة، إبراهيم البيومي غانم، لـ"العربي الجديد" إن "الأصل في أي مبادرة تستهدف التهدئة، هو أن تكون متوازنة، بحيث لا تأتي على طرف لحساب طرف آخر، لأنها ستكون ميتة".

وتابع أنه "من المفترض أن هذه المبادرة تأتي من طرف ليس بعيداً عن القضية، بل له صلة مباشرة بها، فمصر شاءت أم أبت طرف في هذا الصراع، ويجب أن تحافظ على أمنها الاستراتيجي وفي القلب منه غزة، ولكن للأسف المبادرة لم تتضمن حتى الحد الأدنى لإنجاحها".

دور مهين

أما رئيس لجنة الشؤون العربية في مجلس الشعب المصري السابق، محمد سعيد إدريس، فوصف الدور الرسمي المصري في ما يتعلق بقضية غزة بـ"المهين"، مشيراً إلى أنه "يحمل إهانة لتاريخ مصر وكرامة مصر بعدما تحولت مصر لوسيط للعدو الصهيوني". وأضاف أن "ما يجري في غزة هو جريمة عربية قبل أن تكون جريمة إسرائيلية".

وفي ما يتعلق بالطرف المصري، قال إدريس إن "الدفاع عن فلسطين هو دفاع عن الأمن المصري". وشدد على أن دور مصر يجب ألا يتم اختزاله في كونه وسيطاً، وأن على مصر ألا تستجدي من الطرف الإسرائيلي وقف إطلاق النار، لأن الهدف من العدوان الأخير هو تجريم المقاومة الفلسطينية وإسكات أي صوت مساند لها". 

في المقابل، قال أمين لجنة العلاقات الخارجية في حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسي لجماعة "الإخوان المسلمين"، محمد سودان، إن "المبادرة المصرية للتهدئة تساوي بين القاتل والضحية، كما أنها تهدف على المدى الأبعد إلى تجريد حركات المقاومة من أسلحتها".

وأشار إلى أن "توقيت المبادرة يوضح أنه تم اللجوء إليها بعد أن تطورت الأوضاع على الأرض، وبدا واضحاً التطور الكبير الذي وصلت له أسلحة المقاومة الفلسطينية بشكل أربك العدو الصهيوني".

وأضاف أن الوقت بات سانحاً لفك الحصار المفروض على قطاع غزة، وأن أي مبادرة للتهدئة بين الطرفين يجب أن تشترط فتح المعابر وفك الحصار من خلال نصوص واضحة لا تحتمل الالتباس.

النشطاء ينددون

في غضون ذلك، ندد نشطاء سياسيون في مصر بمبادرة وقف إطلاق النار في غزة. وقالوا إنها "تحمل انحيازاً واضحاً لإسرائيل، التي بادرت قواتها بالعدوان على القطاع ما أسفر عن سقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى. كما اعتبروا أن المبادة جاءت لتُخرج إسرائيل، التي تخشى من خوض حرب برية في القطاع، من مأزقها.

وأكد العضو السابق بـ"ائتلاف شباب الثورة"، محمد عباس، أن "المبادرة المصرية محاولة لإخراج إسرائيل، الحليف الحالي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، من الأزمة التي ورطت نفسها فيها بقصفها قطاع غزة".

وانتقد عباس، في حديث لـ"العربي الجديد"، المبادرة إذ تُقيّد المقاومة في القيام بأي فعل ضد سلطة الاحتلال"، لافتاً إلى أنها "المرة الأولى التي تمت فيها إضافة نقطة الأنفاق كشرط لقبول المبادرة".

وأكد أنه "لم تتطرق المبادرات السابقة للتهدئة لنقطة الأنفاق التي تستخدمها فصائل المقاومة في تنفيذ عمليات ضد إسرائيل ولتوفير احتياجات القطاع من المواد الغذائية".

وأضاف أن "المبادرة المصرية جاءت بعد تباطؤ طويل من السلطة في مصر لإتاحة الفرصة للكيان الاسرائيلي لإضعاف المقاومة الفلسطينية وفي القلب منها (حماس)". وأوضح أن "دخول قطر وتركيا على خط التهدئة جعل السلطة المصرية تتدخل بغطاء عربي من جامعة الدول لفرض شروط المبادرة".

وعن فرص نجاح المبادرة، يرى عباس، أن "الجميع يبحث عن التهدئة، خصوصاً أن إسرائيل تبحث عن مخرج وتخشى من خوض حرب برية في القطاع، وهو ما سيستغرق ثلاثة أو أربعة أسابيع، وغير مضمون النتائج".

من جهته، ندد عضو المكتب السياسي لحركة "شباب 6 إبريل" (جبهة أحمد ماهر) محمد نبيل، بفرض الحكومة المصرية حصاراً مُطبقاً على قطاع غزة ومنعها مرور أي قوافل إغاثة إنسانية مصرية أو غربية من خلال معبر رفح. يضاف إلى ذلك، أنها "تمنع دخول الجرحى الفلسطينيين جراء القصف إلى مصر، وتمارس ضغوطاً على فصائل المقاومة، فبأي حق تطرح الآن مبادرة للتهدئة".

وأكد نبيل، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "المبادرة المصرية جاءت بعد رد المقاومة على العدوان الإسرائيلي واستهداف إسرائيل بالصواريخ، وحق المقاومة مشروع للشعب الفلسطيني، على الرغم من صمتها طوال الفترة الماضية على المجازر التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية".

المساهمون