حفتر يواجه مطالب قبائل شرق ليبيا بفتح تحقيق في الانتهاكات والجرائم

17 مارس 2021
فوضى أمنية في بنغازي (Getty)
+ الخط -

في وقت يزداد فيه الوضع الأمني في مدينة بنغازي سوءا، يستعد عدد من زعماء قبائل شرق ليبيا إلى عقد اجتماع جديد موسع في إحدى مدن شرق البلاد، للتأكيد على مطالب فتح تحقيق دولي في الانتهاكات والجرائم المجهولة التي طاولت عددا من مدن ومناطق الشرق الفترة الماضية. 

ومنذ أشهر، تعيش مدينة بنغازي، كبرى مدن شرق البلاد، فوضى أمنية بعد عجز الأجهزة الأمنية بالمدينة عن السيطرة على الأوضاع، في وقت رصدت فيه تقارير إعلامية ليبية العثور على 15 جثة مرمية على قوارع الطرقات في عدة أحياء بالمدينة، خلال الشهرين الماضيين. 

وفي أول مؤشرات ارتفاع السخط في أوساط القبائل القريبة من المدينة، حملت قبيلة العواقير الجنرال المتقاعد خليفة حفتر ومديرية أمن بنغازي مسؤولية الانفلات الأمني بالمدينة، واعتبرت القبيلة، خلال اجتماع لأعيانها في 8 مارس/آذار الجاري، أنه لا داعي لوجود حفتر ومديرية الأمن إن كانا "غير قادرين على تأمين المدينة"، وأكدوا أن "ما حدث لم يمر مرور الكرام لأنه يعتبر إهانة للمواطنين الذين يطالبون بإنشاء مؤسسات عسكرية وأمنية نظامية". 

ورغم فشل عملية "فرض القانون"، التي أطلقها حفتر خلال الأشهر الماضية لإعادة سيطرته على المدينة، إلا أن قيادته ذكرت، في بيان لها الأحد الماضي، أنه أصدر "تعليمات مشددة لضبط الأمن في المدينة". وفي اعتراف ضمني بقيام مسلحي قواته بعمليات قبض خارج القانون، أكد البيان أن حفتر  شدد على ضرورة "أن تكون أي إجراءات قبض صادرة من النيابة العسكرية". 

كما تضمن تعليمات لحفتر بـ"إلزام جميع الوحدات العسكرية بإلصاق شعاراتها على الآليات وأن تكون حركة كل الآليات العسكرية وفق الضوابط المتبعة". 

لكن الشيخ صالح البرغثي، أحد أعيان قبيلة البراغثة، يؤكد، خلال حديثه لــ"العربي الجديد"، أن "هذه الأوامر لا أثر لها، فحتى ساعات متأخرة من ليل البارحة لا تزال السيارات المعتمة تجوب المدينة وتهدد السكان"، كما يؤكد تزايد الغضب في أوساط المواطنين من انهيار الوضع الأمني في المدينة. 

وفيما كشف البرغثي عن تنسيق عدد من شيوخ القبائل لــ"اجتماع موسع"، سيعقد قريبا بإحدى مدن شرق البلاد، أشار إلى أن رؤية أغلب المكونات الاجتماعية في برقة تتفق على ضرورة فتح الباب أمام التحقيقات الحقيقية حول الجرائم التي تسجل ضد مجهول، لافتا إلى أن مطالب فتح التحقيق "سترغم بشكل أولي خفافيش الظلام الذين يقفون وراء الفوضى على التوقف". 

وبينما يقر البرغثي بأن هذه المطالب "ليست كافية لكنها خطوة نحو التصعيد أكثر لمطالب أوسع"، تناقلت منصات التواصل الاجتماعي صورا لاحتجاجات جرحى قوات حفتر، اليوم الأربعاء، وسط بنغازي بسبب إهمال ملف علاجهم. 

ويبدو أن التصعيد من جانب القبائل جعل حفتر يستشعر خطر انفلات الأوضاع من يده، فبعد مطالبة عدد من مكونات برقة الاجتماعية والسياسية والحقوقية، خلال اجتماع لها في منطقة الأبيار في بنغازي الاثنين الماضي، بفتح تحقيق "في كل الأعمال الإرهابية التي هزت الشارع في بنغازي بصفة خاصة وبرقة بصفة عامة والكشف عن جميع السجون السرية ومعرفة مصير كل المختطفين"، وفق بيان مشترك مساء الاثنين، أعلنت قيادته عن لقائه بوفد من أعيان ومشايخ قبيلة العواقير لــ"بحث سير الأمور المعيشية في مدينة بنغازي وضواحيها، وعلى رأسها المواضيع الأمنية". 

تفتح مطالب القبائل في شرق ليبيا بالتحقيق في حالات الانتهاكات والقتل خارج القانون الباب على مصراعيه أمام ملفات حساسة قد تهدد بقاء حفتر في المشهد السياسي الجديد

وكان بيان مكونات برقة الاجتماعية والسياسية، قد دعا إلى ضرورة "معاقبة كل من قاموا بالخطف أو أمروا به"، كما طالب بالكشف عن مصير النائب سهام سرقيوة، وقضية اغتيال الناشطة حنان البرعصي و"كل جرائم الشرف التي طاولت التهجم على النساء الآمنات في بيوتهن والذي لم يقم به حتى أبو جهل"، بحسب البيان. 

وأمس، أقدمت مليشيا تابعة لقيادة حفتر على قفل الطرقات المؤدية لمنطقة سلوق، غرب بنغازي، لمنع اجتماع زعامات قبلية، قبل أن يتمكنوا من عقده، وأكدوا خلاله على تأييد جميع البيانات السابقة في المرج والأبيار، داعين الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية إلى الاستجابة لمطالبهم في فتح تحقيق في قضايا القتل والخطف التي شهدتها بنغازي ومناطق شرق ليبيا. 

والخميس الماضي، عبّر عدد من أبناء وأعيان مدينة المرج، شرق بنغازي، عن استنكارهم لما تشهده بنغازي من اغتيالات واعتداء على النساء واقتحام للبيوت وانتهاك للأعراض. 

وأكد البيان المشترك لأعيان المرج أن مصدر هذه الانتهاكات واحد، وأنهم يؤيدون مطالب فتح تحقيق في هذه الانتهاكات. 

وتفتح مطالب القبائل في شرق ليبيا بالتحقيق في حالات الانتهاكات والقتل خارج القانون الباب على مصراعيه أمام ملفات حساسة قد تهدد بقاء حفتر في المشهد السياسي الجديد، خصوصا الملفات المرتبطة بقادة قواته المطلوبين والمعاقبين دوليا. 

وفي منتصف فبراير/شباط الماضي، أكدت منظمة العفو الدولية أن حفتر آوى مليشيا الكانيات، المدرجة على قوائم العقوبات الأميركية، مشيرة إلى أنها متورطة في المقابر الجماعية بمدينة ترهونة. 

كما أكد تقرير المنظمة أن حفتر رقى المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية، محمود الورفلي، إلى رتبة مقدم في لواء الصاعقة. 

وحثت المملكة المتحدة حكومة الوحدة الوطنية على "معالجة المناخ المستمر للإفلات من العقاب في ليبيا"، وطالبتها بالعمل على "محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات". 

وبحسب بيان للحكومة البريطانية، أمس الثلاثاء، فإن ممثلها في مجلس حقوق الإنسان الأممي، دعا الحكومة الليبية إلى ضرورة "توثيق الأدلة على انتشار استخدام العنف". 

وذكر البيان أن ممثلها، في الدورة 46 لمجلس حقوق الإنسان، شدد على ضرورة المشاركة الكاملة والمتساوية للمرأة في ليبيا "بما في ذلك في حل النزاعات وصنع القرار"، مطالبا بضرورة "معالجة إسكات الصحافيات والناشطات" الليبيات. 

دلالات