من المرتقب أن تعقد المحكمة الاتحادية العليا في العراق، اليوم الأحد، جلسة خاصة للنظر في شرعية ترشّح وزير الخارجية الأسبق، القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، هوشيار زيباري، لمنصب رئاسة الجمهورية، وذلك بعد حكم قضائي بتعليق إجراءات ترشّحه، إثر شكاوى بحقه تتعلق بهدر المال العام والفساد خلال توليه وزارة الخارجية بين 2004 و2014.
وأدخل قرار تجميد إجراءات ترشّح زيباري للمنصب، الذي جرى العرف السياسي في العراق على أن يكون من حصة القوى الكردية، المشهد السياسي في تعقيد جديد، بعد مقاطعة عدة كتل برلمانية، بينها التيار الصدري وتحالف "السيادة"، لجلسة البرلمان المقررة لانتخاب رئيس جديد للبلاد.
وأعلنت رئاسة البرلمان إعادة فتح باب الترشّح مجدداً للمنصب بخطوة أثارت لغطاً قانونياً واسعاً بشأن دستوريتها، وسط اتهامات لرئاسة البرلمان بأنها تهدف من خلال إعادة فتح باب الترشّح إلى توفير بديل لزيباري، في حال رفض أوراق ترشّحه من قبل المحكمة الاتحادية العليا.
حتمية بتّ المحكمة العليا بترشيح زيباري
ورجّح سياسيان عراقيان، أحدهما نائب في البرلمان عن تحالف "الإطار التنسيقي"، أن تصدر المحكمة الاتحادية اليوم قرارها الخاص بقبول ترشيح زيباري أو رفضه.
وأضاف النائب لـ"العربي الجديد"، أنه بمجرد النطق بالقرار سلباً أو إيجاباً، فإن ذلك سيساعد على عودة الحراك السياسي للوصول إلى تفاهمات.
وتحدث عن تقديم الحزب الديمقراطي الكردستاني بديلاً جديداً لمرشحه الحالي هوشيار زيباري، إذا قررت المحكمة رفض قبول ترشيح الأخير لمنصب الرئاسية، بعد إعادة فتح باب الترشيح مجدداً الأربعاء الماضي، مبيناً أن الاسم المرجَّح كبديل لزيباري، وزير الخارجية الحالي فؤاد حسين.
الحوارات بين القوى السياسية حول أزمة تشكيل الحكومة متوقفة
في المقابل، قال القيادي في "الإطار التنسيقي"، النائب أحمد الموسوي، لـ"العربي الجديد"، إن "الحوارات بين القوى السياسية حول أزمة تشكيل الحكومة متوقفة منذ ما يزيد على أسبوع"، معتبراً أن "قرار المحكمة الاتحادية اليوم مهما كانت طبيعته، من شأنه إعادة أجواء الحوارات والبحث عن بدائل للحل".
لكنه أوضح في الوقت ذاته أنه "في حال موافقة المحكمة على ترشح زيباري لرئاسة الجمهورية، فهذا لا يعني القبول به داخل البرلمان والتصويت له، فهناك تحفظات كبيرة على هذا الترشح"، معلناً أن "إصرار بعض الأطراف على تمريره، سيدفعنا إلى مقاطعة جلسة البرلمان من جديد مع الحلفاء، من أجل تعطيل هذا التمرير، خصوصاً أننا نملك الثلث المعطل لجلسة انتخاب الرئيس".
وشدّد على أن "الانتخاب يجب أن يكون بالاتفاق والتوافق فيما بيننا، من دون فرض الإرادات علينا من قبل أطراف سياسية محددة".
من جهته، اعتبر عضو تحالف "السيادة"، بزعامة خميس الخنجر، أمجد الدايني، أن عودة الحوار بين الأطراف السياسية "متوقف على قرار المحكمة الاتحادية، وعلى إثر هذا القرار، سيكون هناك تحرك للقوى السياسية لحسم مواقفها وتحالفاتها، قبل موعد جلسة البرلمان الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية".
وتابع: "ما زلنا ندعم أي مرشح يُكلّفه الحزب الديمقراطي الكردستاني، سواء هوشيار زيباري أو غيره، فنحن في التحالف الثلاثي (الكتلة الصدرية، تحالف السيادة، الحزب الديمقراطي الكردستاني)، ما زلنا في موقف موحد، وندعم خيارات بعضنا في حسم ملف تشكيل الحكومة الجديدة".
ورجّح الدايني أن تشهد الساعات المقبلة "انطلاق حوارات جديدة بين القوى السياسية، ستكون حاسمة بشأن دعم مرشح واحد لرئاسة الجمهورية من قبل كل الأطراف السياسية، خصوصاً أن جلسة الانتخاب تحتاج إلى ثلث النواب، وهناك قوى تلوّح بتعطيل الجلسة، لكونها تمتلك هذا الثلث، ولهذا يجب أن يكون هناك توافق بين كل الأطراف".
واعتبر أن "الحوار الكردي ـ الكردي مهم لحسم ملف رئاسة الجمهورية، فقدوم البيت السياسي الكردي موحد بمرشح واحد، سيحل الأزمة بشكل كبير، كما سيكون عاملاً لحسم الخلافات بين الأطراف الأخرى، خصوصاً ما بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري، ولهذا نحن نترقب نتائج الحوار والتفاوض بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني".
زيباري مرشح الديمقراطي الكردستاني الوحيد
بدوره، أكد الحزب الديمقراطي الكردستاني، أن هوشيار زيباري ما زال مرشحه الوحيد لرئاسة الجمهورية. وقال القيادي في الحزب مهدي عبد الكريم، في تصريح صحافي، إن "زيباري مرشحنا الوحيد لرئاسة الجمهورية، ويوم الأحد ستحسم المحكمة الاتحادية العليا الدعوى المقامة ضده، التي تحمل جانباً سياسياً، وهي خالية من أي أدلة قانونية".
وتوقع عبد الكريم "أن ترد الدعوى ضد زيباري من قبل المحكمة الاتحادية، خصوصاً أن الجهات الرقابية أكدت سلامة موقفه القانوني، ولهذا الأمانة العامة لمجلس النواب موافقة على ترشحه بعد صدور موافقات من الجهات الرقابية المختصة، تؤكد سلامة موقفه".
حسم المحكمة الاتحادية دعوى ترشح زيباري لا يعني حل الأزمة السياسية
وحول التوقعات تجاه القرار المرتقب اليوم، قال الخبير محمد التميمي، لـ"العربي الجديد"، إن "حسم المحكمة الاتحادية للدعوى المقامة ضد ترشح هوشيار زيباري اليوم، لا يعني حل الأزمة السياسية، بل قد تتعمق بشكل أكبر مع عدم وجود نية حقيقة لتقديم أي طرف سياسي تنازل للآخر، وخصوصاً بين معسكري الإطار التنسيقي والتيار الصدري".
وبيّن التميمي أن "عدم حصول اتفاق يعني استمرار أزمة رئاسة الجمهورية، حتى لو كان هناك توافق كردي - كردي على حل هذه الأزمة، فقوى الإطار التنسيقي تخشى تمرير رئيس الجمهورية من دون الاتفاق مع التيار الصدري، فهذا الأمر يعني تمرير مرشح رئاسة الوزراء التابع للكتلة الصدرية، بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل كتلة أكبر من قبل الأطراف السياسية الثلاثة الكبيرة (الكتلة الصدرية، تحالف السيادة، والحزب الديمقراطي)".
وأضاف: "الإطار التنسيقي سيعمل على إفشال جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، لحين التوصل إلى اتفاق نهائي مع التيار الصدري بشأن الكتلة الأكبر والحكومة الجديدة، حتى يضمن مشاركته فيها، وبخلاف ذلك، سيبقى البرلمان معطلاً، لكون قوى الإطار لديها الثلث المعطل لهذا الجلسة".
ويفرض الدستور وجود ثلثي أعضاء البرلمان، البالغ عددهم 329، في الجلسة ليتحقق نصاب انتخاب رئيس الجمهورية. في المقابل، يحق للبرلمان عقد جلساته الأخرى بتحقق الأغلبية البسيطة (نصف الأعضاء + 1)، وهو ما لم يتحقق أيضاً في الجلسة التي كانت مقررة للبرلمان يوم الاثنين الماضي.