استمع إلى الملخص
- الغارات الإسرائيلية تستهدف مناطق في البقاع والجنوب اللبناني، بما في ذلك المستشفيات والمراكز الصحية، بينما يؤكد حزب الله على استمراره في الدفاع عن لبنان.
- الجهود الدبلوماسية لوقف إطلاق النار تتكثف بمشاركة الولايات المتحدة وفرنسا وقطر، مع زيارات إيرانية للبنان، لكن لا توجد ضمانات بنجاح هذه الجهود حتى الآن.
يكثف حزب الله في الساعات الماضية من ضرباته على مواقع وقواعد وانتشار جيش الاحتلال الإسرائيلي ومستوطناته في شمال فلسطين المحتلة بحيث نفذ أمس الأحد 38 عملية عسكرية دقيقة ونوعية طاول منها جنوبي حيفا، مستكملاً اليوم الاثنين سلسلة استهدافاته لمراكز حسّاسة، أبرزها إطلاقه صلية صاروخية نوعية على قاعدة "ستيلا ماريس" البحرية شمال غرب حيفا.
وأعلن حزب الله، أمس الأحد، عملية نوعية ومركبة، إذ "أطلقت القوة الصاروخية في المقاومة الإسلامية، عشرات الصواريخ باتجاه أهداف متنوعة في مناطق نهاريا وعكا بهدف إشغال منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي، وبالتزامن أطلقت القوة الجوية في المقاومة الإسلامية أسراباً من مسيّرات متنوعة، بعضها يُستَخدم للمرة الأولى، باتجاه مناطق مختلفة في عكا وحيفا، حيث تمكنت المسيّرات النوعية، من اختراق رادارات الدفاع الجوي الإسرائيلي دون اكتشافها ووصلت إلى هدفها في معسكر تدريب للواء النخبة "غولاني" في منطقة بنيامينا جنوب مدينة حيفا المحتلة، وانفجرت في الغرف التي فيها العشرات من ضباط وجنود العدو الإسرائيلي الذين يتحضرون للمشاركة في الاعتداء على لبنان وبينهم ضباط كبار، مما أسفر عن مقتل وجرح العشرات".
وإلى جانب المواجهات المندلعة أيضاً برياً، واستهداف المقاومة تحركات قوات المشاة التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، عاد حزب الله إلى رفع مستوى تحذيراته بأن كلّ ما تعود به الطائرات المسيّرة "الهدهد" من أهداف عسكرية حساسة ومرافق حيوية إسرائيلية في فلسطين المحتلة سيكون في مرمى نيرانه في ظل تمادي إسرائيل في اعتداءاتها.
ويعتبر حزب الله أنّ جيش الاحتلال "راهن بأنّ المقاومة الإسلامية لن تتمكن من تنفيذ تهديدها بعدما أقدم عليه من عمليات أمنية دنيئة واغتيال قادتها الأبرار وفي مقدمتهم، الأمين العام حسن نصر الله، ولم يلتفت لتحذيراتها واستمر في التمادي باعتداءاته على أهلنا الشرفاء وارتكاب أبشع المجازر بحق النساء والأطفال، خاصةً في مدينة بيروت والضاحية الجنوبية، فكان قرار القيادة تأديب هذا العدو وإظهار بعض من كثير مما هي قادرة عليه في أي وقت تختاره وأي مكان تريده، سرياً كان أو علنياً". تزامن ذلك أيضاً، مع نشر الإعلام الحربي في حزب الله أمس الأحد كلمة لأمينه العام حسن نصر الله بصوته إلى "المجاهدين خلال إحدى المناورات العسكرية"، مؤكداً فيها رهانه عليهم وعلى دفاعهم عن الأرض والشعب.
في المقابل، وعلى الرغم من "الهدوء الحذر" الذي يُخيّم على الضاحية الجنوبية لبيروت منذ آخر مجزرة ارتكبها الاحتلال في قلب العاصمة ليل الخميس الماضي، بيد أنّ الغارات الإسرائيلية تتزايد كثافةً ودموية في البقاع والجنوب بشكل أساسي، مخلفة يومياً عشرات الشهداء والجرحى، وقد شملت حتى محيط المستشفيات والجامعات والمراكز الصحية وسيارات الصليب الأحمر، ووصلت حتى إلى قوافل المساعدات الإنسانية الرسمية، من دون أن تستثني أيضاً قوات الأمم المتحدة العاملة في الجنوب (اليونيفيل).
في الإطار، يقول النائب عن كتلة حزب الله البرلمانية "الوفاء للمقاومة" رائد برو لـ"العربي الجديد"، "نحن ندخل مرحلة جديدة هي تصعيدية بعدما لملمنا جراحاتنا وتعافينا وأمورنا نحو الأحسن". وحول سبب توقف الاحتلال الإسرائيلي لأيام عن قصف الضاحية الجنوبية لبيروت وما رافق ذلك من تحليلات ومواقف ربطتها بضغط أميركي ومساعٍ لبنانية بهذا الشأن، يقول برو: "يجب سؤال الإسرائيلي عن ذلك، هو قصف الضاحية وهو أوقف قصفه لها، ولا دخل لأي مفاوضات دبلوماسية بذلك.
من ناحية ثانية، وحول ما إذا كان موقف حزب الله تغيّر لناحية ربط جبهة لبنان بغزة، يقول برو لـ"العربي الجديد"، "بيانات المقاومة تتحدث عن جبهتي لبنان وغزة ونحن لسنا ضعفاء لنتراجع خطوة إلى الوراء والميدان هو الذي سيحكم".
وكان مصدر مقرّب من رئيس البرلمان نبيه بري نفى لـ"العربي الجديد"، أي تفاوض بشأن الضاحية وحيفا، "فجهود رئيس البرلمان تنصبّ في إطار وقف العدوان على جميع الأراضي اللبنانية، والتزام القرارات الدولية على رأسها القرار 1701"، مضيفاً "هناك مفاوضات مكثفة تحصل ولا سيما مع الأميركيين والفرنسيين، وقد تكون أفضت في مكان ما إلى بعض التهدئة ليوم أو يومين، لكن لا ثقة بالعدو والدليل أنه رغم وقفه حالياً استهداف الضاحية إلا أنه نفذ مجزرتين في بيروت، ومن ثم ارتكب جرائم في البقاع وبعلبك الهرمل والنبطية ومناطق أخرى، ولا يزال يستهدف فرق الإسعاف والصليب الأحمر والمرافق الصحية، وبالتالي لا يمكن أبداً وصف ما يحصل بتخفيف التصعيد".
مساعٍ دبلوماسية مكثفة لوقف إطلاق النار
سياسياً، تتكثف الاتصالات الدبلوماسية واللقاءات في إطار المساعي المبذولة لوقف إطلاق النار، خصوصاً التي يقوم بها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الموجود حالياً في الأردن، أو التي يجريها رئيس البرلمان نبيه بري، علماً أنّ الحراك المكثف أميركياً وفرنسياً بشكل خاص، ترافق أيضاً مع زحمة زيارات إيرانية لافتة إلى لبنان في الأيام القليلة الماضية، وتحديداً بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في 27 سبتمبر/أيلول الماضي، وما تردّد عن تخلي إيران عن حزب الله، وآخرها أول من أمس السبت، كان بجولة رئيس مجلس الشورى الإسلامي محمد باقر قاليباف في بيروت.
وتلقى بري اليوم اتصالاً هاتفياً من رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، جرى خلاله عرض لتطورات الأوضاع الراهنة لجهة أولوية الوقف الفوري لإطلاق النار ووقف العدوان الإسرائيلي. وشكر بري بحسب ما نقل عنه مكتبه الإعلامي "لقطر أميراً وحكومة وشعباً الدعم والمؤازرة لا سيما المساعدات الإنسانية للنازحين، وكانت الآراء متطابقة".
في السياق، قال مصدرٌ مقرّبٌ من بري لـ"العربي الجديد"، إنّ "رئيس الوزراء القطري أكد خلال الاتصال وقوف قطر إلى جانب لبنان وشعبه واستمرارها في دعمه خصوصاً إنسانياً مع إطلاق الجسر الجوي في ظلّ الظروف الصعبة التي يمرّ بها، وكذلك سياسياً بالحراك المستمرّ لتخفيف التصعيد ومحاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار بشكل سريع".
ويشير المصدر إلى أنّ "الحراك الدبلوماسي مكثف ومستمرّ، لكن لا ضمانات بعد بنجاحه أو حصول أي تقدّم إيجابي ولا يمكن بالتالي التفاؤل بأي شيء قبل أن يترجم في الميدان، والإسرائيلي يواصل عدوانه ويصمّم على ارتكاب المزيد من المجازر وعلى العالم أن يرى خصوصاً بعد استهدافه قوات اليونيفيل أكثر من مرة، أن حكومة الاحتلال هي التي لا تريد وقف الحرب، ولا التوصل إلى أي اتفاق وهي الجهة التي لا تلتزم بالقرارات الدولية ولا تعيرها أي اهتمام لا بل تستمرّ في خرقها، في حين أن موقف لبنان بات معروفاً بتمسّكه بالقرارات الدولية على رأسه القرار 1701، وقبوله المبادرة الأميركية الفرنسية المدعومة دولياً وعربياً، بوقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً".
وحول ما يُحكى عن قرارات جديدة أو تعديلات ستطاول القرار 1701، يشير المصدر إلى أنّ "لبنان ملتزم بتطبيق القرار 1701 بكافة مندرجاته وعلى الإسرائيلي أن يلتزم به أيضاً، وكل كلام آخر لن يُحكى به اليوم، المطلوب وقف إطلاق النار".