بوجود فتحي خازم والد الشهيدين رعد منفذ عملية "ديزنغوف" في تل أبيب، وعبد الرحمن الذي اغتاله الاحتلال الإسرائيلي خلال اشتباكات في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية، وبحضور الحاجة لطيفة أبو حميد، والدة الشهيد الأسير ناصر أبو حميد قائد "كتائب شهداء الأقصى"، الذراع العسكرية لـ"حركة فتح"، أحيت الحركة ذكرى انطلاقتها الثامنة والخمسين في مهرجان مركزي وسط مدينتي رام الله والبيرة وسط الضفة الغربية.
لكن لم يكن ذلك الحضور على المنصة لذوي الشهداء هو المشهد الوحيد الذي أرادت "فتح" إظهاره، فهي أرادت الظهور بمشهد الحركة الموحدة، من خلال حضور عضو اللجنة المركزية توفيق الطيراوي، الذي أزاحه الرئيس عباس عن رئاسة مجلس أمناء جامعة الاستقلال الأمنية في أغسطس/آب الماضي، على خلفية أزمة تسجيلات صوتية نسبت إليه. وجمّد الطيراوي عضويته باللجنة المركزية، لحين انتهاء أزمة تلك التسجيلات، وفق ما أكدته مصادر "العربي الجديد" حينها.
وبجانب الحاجة أبو حميد ووالد الشهيدين خازم، ظهر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عضو اللجنة المركزية لفتح حسين الشيخ في الصف الأول على المنصة، بعد أيام قليلة من تسجيلات صوتية نسبت إليه تهجم خلالها على الرئيس عباس، قبل أن ينفي الشيخ صحة التسجيلات في حديث مع "العربي الجديد" يوم الأربعاء.
وفي السياق، قال نائب رئيس حركة فتح محمود العالول لـ"العربي الجديد": "لا يوجد خلافات جذرية، كلنا أبناء (فتح)، هذا يختلف مع ذاك على قضايا كلها ثانوية، والجوهر كلنا أبناء (فتح)".
وقال العالول في كلمة له بالفعالية: "نحن هنا لنقول لكم، باسم حركة (فتح)؛ نعمل لئلا تأخذوا أية ظواهر هنا أو هناك على أنها شيء حقيقي، فهذه الحركة موحدة خلف أهدافها دائماً، وستبقى كذلك لأنها ستقود التحدي".
من جانبه، قال عضو اللجنة المركزية للحركة صبري صيدم لـ"العربي الجديد": إن الحركة حريصة على تصفير الخلافات الداخلية وإنهاء كل الملفات، وعلى أن تكون المكانة الوطنية الداخلية الفلسطينية بالمستوى المرموق، للانطلاق نحو تحقيق الوحدة الوطنية.
وتابع: "خلال أيام سنكون في قطاع غزة، لنجدد العهد مع أبناء شعبنا، ولتحقيق التراص ما بين كل أطياف العمل الوطني الفلسطيني".
وأكد صيدم أن المؤتمر الثامن للحركة (أعلى سلطة في الحركة، عقد آخر مرة عام 2016) قادم، مشيرًا إلى وجود ترتيبات على مستوى اللجنة التحضيرية، قائلاً: "الظروف السياسية تحكمنا، ولكن الظروف الداخلية الآن أصبحت متجهة لإنضاج التحضيرات من أجل عقده".
وتابع أن "مسيرة الحركة مستمرة، والتحديات أمامها كبيرة، لكن الوحدة والتراص في الصفوف هما الأهم للوصول إلى مرحلة الإنضاج الوطني، ومقارعة أي حكومة إسرائيلية".
جاهزية لمواجهة كل التحديات
وبشأن الحكومة الإسرائيلية الجديدة، قال العالول، في كلمته التي ألقاها باسم الحركة، إن الحكومة الإسرائيلية القادمة هي الأكثر يمينية وفاشية، لكنه أكد أنها ليست قدر الفلسطينيين، معلنًا الجاهزية لمواجهة كل التحديات.
وأشار إلى أن الأساس لهذه الجاهزية هو الانسجام الداخلي وتكريس الوحدة الوطنية، طالبًا من أبناء "حركة فتح" والفصائل الأخرى القفز عن كل خلاف ثانوي وإعطاء الأولوية للتناقض الأساسي مع الاحتلال.
وأكد العالول عدم إمكانية الاستمرار بالوضع الراهن من جرائم الاحتلال، وأَضاف: "لن نقبل أن تستمر اتفاقات منتَهكة.. لا بد أن نوقف ذلك تماما من أجل أبناء شعبنا ومستقبلنا وقدسنا الحبيبة"، في إشارة إلى الاتفاقات مع الاحتلال.
وتابع: "اليوم وجود خنساء فلسطين أم ناصر أبو حميد، وأبو رعد، دليل على توجهاتنا وفاء للشهداء والأسرى"، مستذكراً عدداً من الشهداء الفلسطينيين المقاومين الذين استشهدوا خلال العام الماضي؛ على رأسهم محمد كامل الجعبري منفذ عملية "كريات أربع"، والشقيقان جواد وظافر الريماوي، وعدي التميمي منفذ عملية حاجز شعفاط، وشهداء بلدات سلواد والمغير، وضياء حمارشة منفذ عملية تل أبيب، ورعد خازم منفذ عملية "ديزنغوف"، وشقيقه عبد الرحمن، والشقيقان محمد ومهند مطير، والمقاومون الدكتور عبد الله أبو التين، وداود الزبيدي، وإبراهيم النابلسي وعدد آخر من الشهداء.
والد الشهيدين خازم يدعو للوحدة والتكاتف
أما فتحي خازم والد الشهيدين رعد وعبد الرحمن، فدعا خلال كلمة ألقاها بالنيابة عن أسر الشهداء؛ إلى الحفاظ على الوحدة والتكاتف الداخلي، والوحدة مع باقي الفصائل الفلسطينية، وإلى إتمام الوحدة بأسرع وقت، وإزالة الانقسام، متسائلاً: "كيف سنصل إلى أهدافنا دون أن نكون متكاتفين متحابين؟".
الحاجة أبو حميد تطالب بعدم نسيان قضيتي الأسرى والجثامين المحتجزة
من جهتها، طالبت الحاجة لطيفة أبو حميد، والدة الشهيد الأسير ناصر أبو حميد، الحضور بعدم نسيان الأسرى والأسيرات، وجثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال، وعدم نسيان الهدف الذي استشهد وأسر من أجله آلاف الفلسطينيين، وهو فلسطين وعاصمتها القدس.
وقالت أبو حميد: "لقد حمل ابني الشهيد القائد ناصر شعلة (فتح) الثورة في قلبه لآخر لحظة حتى توقف عن الخفقان، وكان أميناً على حمل الرسالة التي وضعها مع روحه الطاهرة على كفه، وفي ذكرى (فتح) أتمنى عليكم أبنائي وبناتي أن توفوا بعهدكم للشهداء، وتكملوا المسيرة المعمدة بالدماء حتى تثبتوا أن الحركة فعلاً أنبل ظاهرة عرفها التاريخ".
وفي بداية المهرجان، أوقدت شعلة الثورة، وحمل عدد من الشبان نعشاً رمزياً قرب المنصة يحمل صور عدد من الشهداء، فيما وضع بالون كبير على شكل مجسم منطاد، يحمل صور الرئيس الراحل ياسر عرفات، والرئيس محمود عباس، والشهيد ناصر أبو حميد، وعميد الأسرى كريم يونس عضو اللجنة المركزية للحركة، على دوار المنارة وسط رام الله.
وشارك في المهرجان عدد من المسؤولين والوزراء، وفرق كشفية وطلبة مدارس، وشبان ملثمون بعضهم حمل أسلحة بلاستيكية، وممثلون عن مؤسسات ومجالس محلية، وعلقت الحكومة الفلسطينية الدوام في المؤسسات الرسمية منذ الساعة الحادية عشرة للسماح للموظفين بالمشاركة في المهرجان.