حرب كورسك: الاختراق الأوكراني الكبير يتمدد داخل روسيا

09 اغسطس 2024
بوتين خلال اجتماع مجلس الأمن الروسي في موسكو اليوم الجمعة (غافريل غريغوروف/فرانس برس)
+ الخط -

واصلت القوات الأوكرانية توغلها في مقاطعة كورسك الروسية، اليوم الجمعة، وذلك لليوم الرابع على التوالي، في خطوة أثارت قلق موسكو، التي أعلنت حالة طوارئ "على المستوى الفيدرالي"، لردّ الأوكرانيين عنها. والهجوم الأوكراني هو الأكبر من نوعه منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022. وحول وضع كورسك، تطرق المسؤول في المنطقة إيغور كوربونكوف في منشور على منصة تليغرام، اليوم الجمعة، إلى الوضع، كاشفاً أن القتال مستمر على بعد "عشرات الكيلومترات" من بلدة كورتشاتوف، حيث توجد محطة كورسك النووية. وأظهر مقطع مصور منشور على مواقع التواصل الاجتماعي أمس الخميس، وتحققت منه وكالة رويترز قافلة من الشاحنات العسكرية الروسية المحترقة على طريق بمنطقة كورسك. وبدا أن بعض الشاحنات تحتوي على جثث. وتمكنت "رويترز" من التحقق من الموقع الذي اتضح أنه في قرية أوكتيابرسكوي، استناداً إلى المباني والأشجار وتخطيطات الطرق، لكن من دون التمكن من تحديد توقيت تصوير المقطع المصور.

الوضع في كورسك

ودفع التوغل الأوكراني وزارة الطوارئ الروسية، اليوم الجمعة، إلى الإعلان أن الوضع في مقاطعة كورسك يشكل حالة طوارئ "على المستوى الفيدرالي". ووفق القانون الروسي، فإن موسكو تعلن حالة الطوارئ على المستوى الفيدرالي عندما يكون هناك أكثر من 500 ضحية أو تتجاوز الأضرار 500 مليون روبل (حوالي 6 ملايين دولار). غير أن الإعلان عن حالة طوارئ تمّ بعد أربعة أيام من تدفق أكثر من ألف جندي أوكراني على الأقل عبر الحدود مع روسيا، وبعد يومين على قول فاليري غيراسيموف، رئيس هيئة الأركان العامة للجيش، لبوتين، الأربعاء الماضي، إن قوات من الجيش وجهاز الأمن الاتحادي أوقفت التقدم الأوكراني. لكن بيانات رسمية وروايات لمدونين لعسكريين روس ومقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، أظهرت أن روسيا فشلت في إخراج القوات الأوكرانية، في موازاة نزوح العديد من سكان القرى الروسية إلى العمق الروسي، هرباً من التقدم الأوكراني.

عشرة قتلى على الأقل باستهداف روسي للمدنيين في دونيتسك

أعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان، اليوم الجمعة، أن المعارك متواصلة في منطقة كورسك، مؤكدة "إفشال" الهجمات الأوكرانية. وأكدت الوزارة أيضاً أن قوات كييف بلغت مدينة سودجا الروسية الواقعة على مسافة حوالى عشرة كيلومترات من الحدود، مشيرة إلى أنها قصفت وحدات أوكرانية "في المنطقة الغربية" لهذه المدينة التي تعد 5500 نسمة. وتضم سودجا محطة لنقل الغاز ولا تزال تؤمّن الإمدادات إلى أوروبا عبر أوكرانيا. وأشار سكان تم إجلاؤهم من هذه المدينة إلى وضع صعب، بحسب ما أظهرته مشاهد نشرها الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي الذي يشارك في استقبال النازحين. وروى أليكسي وهو مسعف من سودجا لوكالة فرانس برس، أثناء انتظاره الحصول على مساعدة إنسانية "الوضع سيّئ... والاتصالات مقطوعة". كذلك أوضح رجل آخر رفض الكشف عن اسمه للوكالة نفسها، وهو متطوع، أن الأشخاص الذين تم إجلاؤهم "يعتبرون أنهم متروكون لحالهم".

وقال القائم بأعمال حاكم كورسك أليكسي سميرنوف على تليغرام: "الوضع العملياتي في مقاطعة منطقة كورسك لا يزال صعباً". وأضاف أن الخدمات الاجتماعية والجمعيات المدنية تقدم المساعدة للأشخاص الذين أجبروا على الفرار من منازلهم بسبب القتال. كان آخر رقم روسي لعمليات الإجلاء في كورسك هو 3 آلاف شخص. وجاء الهجوم في وقت يكافح الجيش الأوكراني لصدّ تقدم روسي مكثف في أماكن على خط المواجهة في شرق أوكرانيا، خصوصاً في منطقة دونيتسك. وكشف تقرير لمعهد دراسة الحرب، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، مساء أمس الخميس، أن القوات الأوكرانية واصلت "تقدمها السريع" في عمق منطقة كورسك، ووصلت إلى مسافة 35 كيلومتراً خارج الحدود. وأضاف التقرير أن "عدم وجود رد روسي متماسك على التوغل الأوكراني في كورسك... ومعدل التقدم الأوكراني المعلن يشير إلى أن القوات الأوكرانية تمكنت من تحقيق مفاجأة عملياتية".

وحول ذلك، اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في تعليقه على الأحداث في منطقة كورسك في روسيا، مساء أمس الخميس، أن "المدافعين الأوكرانيين قادرون على إثارة الدهشة ويمكن لهم تحقيق النتائج". ونقلت عنه وكالة أوكرانيا بالعربية تأكيده أن "الجيش الأوكراني يعرف كيف يفاجئ، ويعرف كيف يحقق النتائج، وهذا ما أثبتته الوقائع على أرض المعركة، إذ لم يقاوم جنودنا القوة الساحقة للمحتلين فحسب، بل دمروها أيضاً لأن ذلك ضروري لحماية أوكرانيا، دولتنا واستقلالنا". وجدّدت الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي لكييف، التأكيد مساء أمس الخميس، أنها "تدعم بقوة جهود أوكرانيا للدفاع عن نفسها في وجه العدوان الروسي" من دون أن تعلق على الوضع بالتفصيل. وكانت واشنطن أعلنت أنها استوضحت السلطات الأوكرانية لفهم "أهداف" هذا التوغل غير المسبوق من حيث الحجم.

القتال في كورسك يبعد عشرات الكيلومترات عن محطة نووية روسية

في موازاة التوغل في كورسك، واصلت أوكرانيا أيضاً استراتيجيتها المتمثلة في ضرب المناطق الخلفية بطائرات مسيّرة بعيدة المدى، واستهداف المواقع العسكرية ومصافي النفط وغيرها من البنية التحتية. وقالت السلطات الروسية، اليوم الجمعة، إن طائرات مسيّرة أوكرانية هاجمت منطقة ليبيتسك الروسية، التي تبعد حوالي 300 كيلومتر عن الحدود الأوكرانية، ليل الخميس ـ الجمعة. وأفادت وزارة الطوارئ الإقليمية في ليبيتسك، اليوم الجمعة، بأن حريقاً اندلع في مطار عسكري حيث تتمركز طائرات مقاتلة من بينها طائرات ميغ 29 وسو 34. وأعلن حاكم منطقة ليبيتسك إيغور أرتامونوف حال الطوارئ بعد "هجوم ضخم" بمسيّرات أوكرانية أسفر عما لا يقل عن عشرة جرحى بحسب ما أفاد به وألحق أضراراً بمحطة كهربائية. وأمر أيضاً بإخلاء أربع قرى.

هجمات أوكرانية

من جهتها، أكدت وزارة الدفاع الروسية أنه تم إسقاط 75 طائرة مسيّرة أوكرانية خلال ليل الخميس ـ الجمعة، 19 منها فوق ليبيتسك. وأضافت الوزارة: "من جانب آخر، تم تدمير سبع مسيّرات بحرية كانت متوجهة نحو شبه جزيرة القرم" في البحر الأسود. كما طلبت الشرطة الأوكرانية، اليوم الجمعة، إجلاء "نحو 20 ألف" شخص من منطقة سومي الواقعة شمال أوكرانيا على الحدود مع كورسك الروسية. وقالت الشرطة على منصة تليغرام، إن عمليات الإجلاء هذه ضرورية لتجنيب المدنيين "نيران العدو"، مؤكدة مشاركة أجهزة الطوارئ فيها.

وجاء ذلك في موازاة ضربة روسية على سوبرماركت في بلدة كوستيانتينيفكا في دونيتسك، شرقي أوكرانيا، اليوم الجمعة، أسفرت عن مقتل عشرة أشخاص على الأقل وإصابة 35 آخرين، بحسب ما أعلنه وزير الداخلية الأوكراني إيغور كليمنكو. وتقع البلدة على بعد نحو 13 كيلومتراً من أقرب المواقع الروسية على الجبهة وتتعرض لقصف شبه يومي. وقال الحاكم الأوكراني لمنطقة دونيتسك فاديم فيلاشكين إن القوات الروسية قصفت البلدة بالمدفعية. وأوضح أنه "هجوم جديد يستهدف مكاناً مزدحماً... عمل إرهابي آخر من قبل الروس". وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم الجمعة، أن قواتها سيطرت على قرية فيسيلي قرب بوكروفسك شرق أوكرانيا. وتقع بوكروفسك، مركز النقل الذي كان عدد سكانه قبل الحرب 61 ألف نسمة، على طريق إمداد رئيسي إلى بلدات أخرى تحت سيطرة الحكومة الأوكرانية مثل تشاسيف يار وكوستيانتينيفكا.

(العربي الجديد، أسوشييتد برس، رويترز، فرانس برس)

المساهمون