حراك ليبي لإفشال الانتخابات مجدداً

10 نوفمبر 2022
تحرك في بنغازي للمطالبة بإجراء الانتخابات، ديسمبر 2021 (عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -

عادت إلى الواجهة مجدداً قضية إعادة الحياة إلى ملف الانتخابات في ليبيا، بما في ذلك إنجاز إطارها الدستوري. وبدت خطوات كل الأطراف تُعنى بها، وتستبق الوقت لتوضح موقفها، والظهور بمظهر الحريص على إنجازها في أقرب وقت. لكن يبدو أن لا جديد سوى إعادة تدوير العراقيل والأسباب نفسها التي منعت تنفيذها نهاية العام الماضي.

صوّت المجلس الأعلى للدولة الأسبوع الماضي على كامل مواد القاعدة الدستورية للانتخابات، بما فيها رفض ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، وقرر وضعها في صياغتها النهائية لإحالتها إلى مجلس النواب. وكانت الخطوة مفاجأة وبدون الإعلان عن نسب التصويت وكيفيته، ولماذا أُخرج ملف القاعدة الدستورية من أدراج المجلس الآن، بعد أشهر من حفظه.

خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران الماضيين، اتفقت لجنة دستورية مشتركة من مجلسي النواب والدولة، خلال سلسلة اجتماعات في القاهرة، على تمرير كافة مواد القاعدة الدستورية، لكنها توقّفت عند مادتي ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية للانتخابات بسبب اختلاف وجهة نظر المجلسين بشكل عميق حولهما.

ويرفض مجلس الدولة ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية إلا بعد التنازل عنهما بمدة لا تقل عن العام قبل الانتخابات، أما مجلس النواب فيطالب بالسماح للعسكري ومن يحمل جنسية أخرى بالترشح، ولهذا قررت اللجنة المشتركة إحالة المادتين لرئيسي مجلس النواب عقيلة صالح، ومجلس الدولة خالد المشري، للحسم فيهما، لكنهما لم يصلا إلى شيء خلال لقائهما في تركيا نهاية يونيو الماضي.

وخلال الشهر الماضي اجتمع صالح والمشري، واتفقا على "ضرورة استئناف الحوار والقيام بما يلزم لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية"، فيما تسرّب عبر مصادر أخيراً استعدادهما للقاء في تركيا لمناقشة المادتين الجدليتين.

أمام هذا الواقع، يُطرح سؤال عن أسباب تجاوز مجلس الدولة قرار اللجنة الدستورية المشتركة، خلال اجتماعاتها في القاهرة، وإقراره رفض ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية؟ وما الحاجة للقاء صالح والمشري باعتبار مجلس الدولة حسم أمره من المادتين؟ والجواب يبدو في أن مجلس الدولة أراد بناء أرضية لموقف سياسي وقانوني ينطلق منه في جولة مفاوضات جديدة حول الإطار الدستوري للانتخابات.

استعداد مجلس الدولة لا يمكن أن يكون الوحيد، فمن المؤكد أن الأطراف الأخرى سعت في الكواليس للاستعداد أيضاً. ومن منطلق أن أي تحرك داخلي ليبي في أي ملف من ملفات الأزمة المتراكمة يكون في العادة انعكاساً لحراك خارجي، يمكن طرح سؤال حول الجديد في المواقف الإقليمية والدولية من الملف الليبي. ويمكن افتراض جواب من واقع المعطيات التي تؤكد أن الخلافات الإقليمية والدولية لا جديد فيها، بل على العكس زادت وتيرة تعقيداتها، وتأثيرها سيكون مباشراً على تصلّب موقف كل طرف محلي تجاه الآخر.

مجمل القول إن كل ما يرشح ويطفو على سطح المشهد الليبي بشأن الانتخابات، لا يعكس سوى جولة جديدة من جولات إفشال الانتخابات واستمرار الأزمة.

المساهمون