كشفت مصادر دبلوماسية مصرية، أن المبعوث الأميركي الجديد لمنطقة القرن الأفريقي، ديفيد ساترفيلد، أبلغ خلال زيارته الأخيرة لمصر، ولقائه وزير الخارجية المصري سامح شكري، يوم الثلاثاء الماضي، أن الإدارة الأميركية معنية بدور أوسع خلال جولة جديدة من المفاوضات بشأن سد النهضة الإثيوبي خلال الفترة المقبلة.
سد النهضة: واشنطن تريد دوراً أكبر
وبحسب المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن ساترفيلد أكد لوزير الخارجية المصري أن الإدارة الأميركية وصلت بعد مشاورات مع الجانب الإثيوبي بشأن أزمة سد النهضة، إلى تفاهمات لدور أوسع لواشنطن خلال المرحلة المقبلة، لافتة إلى أن الدور الأميركي الجديد سيتجاوز دور المراقب، إلى دور مشارك في تحديد مسارات التفاوض.
وقالت المصادر إن المبعوث الأميركي أوضح لشكري، أن الإدارة الأميركية بناء على ما وصلها من مصر خلال الفترة الأخيرة بشأن أزمة السد، فإنها نسقت مع دولة السنغال التي ستتولى قيادة الدورة الجديدة للاتحاد الأفريقي في فبراير/شباط المقبل، بشأن وضع أزمة السد على قمة أولويات الاتحاد، والمضي قدماً في الشراكة مع واشنطن للوصول إلى حل للأزمة قبل شروع أديس أبابا في الملء الثالث المقرر له يوليو/تموز المقبل.
جاءت رسائل ساترفيلد للقاهرة بالتوافق مع أديس أبابا
ومن المقرر أن يتسلم الرئيس السنغالي ماكي سال، رئاسة الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي لعام 2022 عن دول غرب القارة خلال أعمال القمة الأفريقية العادية الـ35 لرؤساء الدول والحكومات التي ستنعقد في 5 و6 فبراير.
وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال استقباله نظيره السنغالي، أخيراً، أنه ناقش مع ماكي سال التطورات الخاصة بملف سد النهضة واستعرض رؤية مصر المستندة إلى أن نهر النيل مصدر للتعاون والتنمية وشريان حياة جامع لشعوب دول حوض النيل.
وأكد السيسي لنظيره السنغالي على أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني عادل ومتوازن وملزم، ينظم عملية ملء وتشغيل سد النهضة وفقاً لقواعد القانون الدولي ومخرجات مجلس الأمن الدولي في هذا الشأن، وذلك في إطار زمني مناسب ومن دون أي إجراءات منفردة.
وأشار السيسي، خلال المؤتمر الصحافي المشترك بينه وبين الرئيس السنغالي في قصر الاتحادية في القاهرة، إلى أن المباحثات بينهما تناولت رؤية مصر المستندة لكون نهر النيل أساساً للتعاون بين شعوب المنطقة.
ولفت السيسي إلى أن زيارة ماكي سال تتزامن مع تسلمه رئاسة الاتحاد الأفريقي، مؤكداً على دعمه وثقته التامة في قيادته الحكيمة للعمل الأفريقي المشترك ونجاحه في تلك المرحلة التي تشهد العديد من التحديات، وأبرزها انتشار متحورات فيروس كورونا وخطر التطرف والإرهاب.
رسائل ديفيد ساترفيلد
وبدا واضحاً أن الرسائل التي نقلها المبعوث الأميركي لمنطقة القرن الأفريقي، إلى مصر، جاءت بتوافق مع الجانب الإثيوبي، الذي استبق الزيارة برسالة خاصة لرئيس الحكومة أبي أحمد، بعدما دعا مصر والسودان إلى تغيير خطابهما بشأن سد النهضة وتعزيز خطاب التعاون.
وشدّد أبي على أن سد النهضة لن يأتي بالفائدة لإثيوبيا فقط، بل ستكون له فوائد للسودان ومصر. وأكد أن سد النهضة سيؤمن الحماية للسودان من الفيضانات وشح المياه في فترات الجفاف، كما أنه سيوفر لمصر حفظاً للمياه، عوضاً عن ضياع مليارات الأمتار المكعبة من المياه، على حد قوله.
الإدارة الأميركية نسّقت مع السنغال لوضع أزمة السد على قمة أولويات الاتحاد الأفريقي
وأشار أبي أحمد إلى أن مصر "تستفيد أيضاً من الحفاظ على المياه عند سد النهضة بدلاً من إهدار مليارات الأمتار المكعبة من المياه للتبخر وفي سهول الفيضانات، حيث يساعد السد على منع الانسكاب المستقبلي الذي يطل على سد أسوان".
واستقبلت القاهرة رسالة إثيوبيا، برسالة مماثلة بنفس المستوى. وأكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أن مصر مهتمة باستئناف المفاوضات بشأن أزمة سد النهضة في أقرب وقت، بهدف الإسراع في حل النقاط الخلافية الفنية والقانونية، وصولاً إلى اتفاق عادل ومتوازن ومنصف، في ظل ما تعانيه مصر من ندرة المياه واعتمادها بشكل رئيس على مياه النيل، التي يعد مصدرها الأساسي من النيل الأزرق.
وأضاف مدبولي، في بيان، أن مصر تؤكد حرصها على التوصل إلى اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة ويكون ملزماً قانونياً، بشكل يحقق المصالح المشتركة. ويأتي ذلك بحسب القاهرة، من خلال الموازنة بين تحقيق إثيوبيا أقصى استفادة ممكنة من السد في مجال توليد الكهرباء وتحقيق التنمية المستدامة، في مقابل عدم حدوث ضرر لدولتي المصب مصر والسودان.