- السلطات الروسية توقف منفذي الهجوم وتتهم كييف بالضلوع، بينما تنفي أوكرانيا ذلك. خبراء يشككون في تورط "داعش" ويرون إمكانية تدبير الهجوم من قبل أجهزة استخباراتية خارجية.
- نقاشات حول فشل الأجهزة الأمنية الروسية في منع الهجوم، مع تحميل المسؤولية لتركيزها على قمع المعارضة بدلاً من مكافحة الإرهاب، مما يسلط الضوء على الثغرات الأمنية في روسيا.
تعيش روسيا يوم حدادٍ وطني، اليوم الأحد، على أرواح ضحايا الهجوم الإرهابي على قاعة العروض "كروكوس سيتي هول" في ضواحي موسكو، الذي وقع مساء أول من أمس الجمعة، وأسفر وفق الأرقام الرسمية عن وقوع أكثر من 130 قتيلاً، ويعد العمل الأكثر دموية على الأرض الروسية منذ احتجاز رهائن مدرسة مدينة بيسلان جنوبي البلاد في سبتمبر/أيلول 2004.
وتقتضي مراسم الحداد إلغاء كافة الفعاليات الجماهيرية والرياضية والبرامج الترفيهية بالقنوات التلفزيونية وتنكيس الأعلام في مباني السفارات الروسية بالخارج مع فتح دفاتر العزاء، فيما انتشرت في الشوارع وعلى وسائل النقل لافتات إلكترونية تعرض شموعاً على خلفية سوداء مذيلة بتاريخ الهجوم 22 مارس آذار 2024.
ومع تبني تنظيم "داعش" الإرهابي المسؤولية عن الهجوم، برزت تساؤلات حول كيفية تمكنه، بعد تعرضه في السنوات الأخيرة إلى مجموعة من الضربات القاضية في سورية والعراق، من تدبير هجوم عالي الدقة في قلب روسيا.
ولما كان الأمن الروسي تمكن، أمس السبت، من توقيف من قال إنهم منفذو الهجوم عند وصولهم إلى مقاطعة بريانسك، الواقعة بالقرب من الحدود مع أوكرانيا، زاد ذلك من الترجيحات، بل اتهامات صريحة وجهتها موسكو إلى كييف بالضلوع في الهجوم، وهو ما نفته السلطات الأوكرانية بشدة.
ومع ذلك، يجزم الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية كيريل سيميونوف بأن طريقة تنفيذ هجوم "كروكوس" تختلف عن أسلوب "داعش" الذي يعتمد على هجمات الانتحاريين، مرجحاً ضلوع أجهزة استخباراتية خارجية ما في تنفيذ العملية.
ويقول سيميونوف، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "داعش" تمكن "من تنظيم مثل هذا الهجوم عن طريق تجنيد عناصر بواسطة دعاة راديكاليين عبر إغراء المنفذين بالمال، وفق ما تظهره لقطات استجوابهم، ولكن دور التنظيم الإرهابي اقتصر هذه المرة على رفع رايته، بينما تقود آثار الهجوم إلى أجهزة استخباراتية ما قد تمتد إلى الوجهة التي سعى الجناة للهروب إليها.. أي أوكرانيا".
ويلفت إلى أن أسلوب تنفيذ الهجوم يختلف عن الأساليب التي يتبعها "داعش"، مضيفاً: "في أغلب الأحيان، لا يبقي التنظيم على منفذي عملياته الإرهابية أحياء، بل يقاتلون حتى النهاية ثم يفجرون أحزمة ناسفة. يبدو أن المهمة هذه المرة كانت هي تنفيذ هجوم تحت راية "داعش"، وهو ما لا يعارضه التنظيم الإرهابي الذي يعتمد حالياً تكتيك تبني أي هجوم يحدث".
من جهته، اعتبر المحارب القديم في وحدة القوات الخاصة "ألفا" وجهاز الأمن الفيدرالي الروسي فيتالي ديميدكين أن أجهزة الأمن الروسية تعاملت بسرعة ودقة عند إلقاء القبض على المسلحين، ملخصاً المهمة التالية في الوصول إلى المحرضين ومساءلتهم، ومرجحاً أن آثار الجريمة تقود إلى أوكرانيا والغرب على حد سواء، وفق اعتقاده.
وقال ديميدكين في حديث لصحيفة "فزغلياد" الإلكترونية الموالية للكرملين: "يصبح واضحاً أن (كروكوس) هو عمل جرى التخطيط والتدبير له بدقة ويبدو أن الجناة خططوا للتفاصيل على مدى بضعة أسابيع".
وعلق على مقاطع الفيديو لاستجواب الموقوفين التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، مضيفاً: "يظهر الاستجواب أنه تم توقيف المنفذين، ولكن الهجوم الإرهابي له محرض ومنسق. من وجهة نظري، فإن الآثار لا تقود فقط إلى أوكرانيا، التي سعوا للوصول إليها على ما يبدو، وإنما أيضاً إلى الغرب".
فشل أجهزة روسيا الأمنية
من جانب آخر، حمل المدون الروسي المعارض الهارب مكسيم كاتز الأجهزة الاستخباراتية الروسية المسؤولية عن الإخفاق في منع وقوع الهجوم الإرهابي الذي وصفه بأنه "الأكثر وقاحة في تاريخ روسيا المعاصر".
وفي مقطع فيديو بعنوان (عن الهجوم على "كروكوس سيتي هول" والمشتبه بهم)، حظي بنحو 1.4 مليون مشاهدة منذ رفعه أمس، جزم كاتز الذي تصنفه وزارة العدل الروسية "عميلاً للخارج"، والصادر بحقه حكم غيابي بالسجن مدة ثماني سنوات، بأن الهجوم لم يكن عفوياً من حيث المكان والتوقيت.
واعتبر أن مجمع "كروكوس" الكائن بطريق موسكو الدائري هو موقع مناسب للغاية للهجوم، لجهة قتل عدد كبير من الأشخاص والفرار السريع بعيداً عن التكدس المروري في موسكو، جازماً بأن طريقة تنفيذ الهجوم لا تشبه سلوك الإرهابيين الانتحاريين.
وأرجع فشل الأجهزة الأمنية الخاصة الروسية في منع وقوع الهجوم إلى مجموعة من العوامل، منها سهولة تهريب الأسلحة من مناطق القتال في أوكرانيا إلى العمق الروسي، بالإضافة لانشغال الأجهزة بتتبع المعارضة الداخلية، مثل قمع أنصار المعارض السياسي الراحل أليكسي نافالني، وملاحقة الكتاب المعارضين.