جيش الاحتلال الإسرائيلي يقرّ بجريمته: إعدام الشهيد أحمد كحلة لم يكن مبرّراً

23 يناير 2023
استُشهد كحلة برصاص الاحتلال على "حاجز طيار" في رام الله (أحمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -

اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي، رسمياً، بأن إعدام الشهيد أحمد كحلة (45 عاماً)، من قرية رامين، على "حاجز طيار" نصبه جنود الاحتلال في الخامس عشر من الشهر الحالي عند جسر يبرود شرقي رام الله، لم يكن مبرراً، وأنه لم يكن هناك داعٍ لمقتل الشهيد كحلة برصاص الجنود.

وكانت القناة العامة "كان 11"، التابعة لهيئة البث، بثت تقريراً أعاد موقع الإذاعة نشره اليوم الاثنين، تحدث عن أن التحقيق العسكري الرسمي الذي قام به جيش الاحتلال، أكد أنه لم يكن هناك مبرر أو سبب لإطلاق النار على الشهيد كحلة، وأنه، خلافاً لما ذُكر في يوم الحادث، لم يكن يعتزم تنفيذ عملية ضد الجنود عند الحاجز المفاجئ الذي نصبه الجيش.

ووفقاً للتقرير الإسرائيلي، فإن تحقيقاً أجراه قائد لواء في الجيش الإسرائيلي، بيّن أن الشهيد الذي قُتل برصاص جندي إسرائيلي الأسبوع الماضي، لم يكن فدائياً، خلافاً لما أُعلن بداية، ولما نُقل في التقارير الرسمية التي رُفعت لقيادة الجيش، بأنه كانت هناك محاولة لتنفيذ عملية ضد الجنود.

وبحسب تقرير القناة الإسرائيلية، فقد حدّد قائد اللواء في الجيش، أن "الحادث الذي وقع لم يكن يفترض أن ينتهي بالقتل"، لافتاً إلى أن رئيس الأركان الجديد لجيش الاحتلال، الجنرال هرتسي هليفي، تابع في أول أيام مزاولة منصبه هذا الحادث.

وتعتمد دولة الاحتلال على مثل هذه "التحقيقات العسكرية" لردّ ورفض كل مطلب بتحقيق دولي، ما دام تم إجراء تحقيق إسرائيلي، وفقاً لما تتيحه المواثيق الدولية، وهو إجراء تحرص دولة الاحتلال عليه شكلياً ورسمياً، عبر الإعلان عن فتح تحقيق عسكري في كل عملية، وذلك لضمان الادعاء الإسرائيلي بأن دولة الاحتلال تقتل في ساحات الحرب، وفق ما ينص عليه القانون الدولي في المناطق المحتلة عسكرياً، وفي حالات الحروب.

وقد برز هذا الادعاء بشكل واضح في ردّ دولة الاحتلال على "تقرير غولدستون" الذي حقق في جرائم الاحتلال في عدوان "الرصاص المصبوب" على قطاع غزة عام 2008.

وتكرر نفس الادعاء في الاعتداءات والحروب التي تبعت عدوان الرصاص المصبوب. وحتى بعد اغتيال الصحافية الشهيدة شيرين أبو عاقلة العام الماضي، حاول جيش الاحتلال تكرار الادعاء عينه، واضطر للقبول بمشاركة الولايات المتحدة في فحص الرصاصة التي قتلتها، كون الشهيدة أبو عاقلة تحمل الجنسية الأميركية أيضاً.

وما يثبت ذلك أنه منذ عام 2017 وإلى اليوم، لم يتخذ جيش الاحتلال، بحسب تقارير حقوقية، خطوات لمعاقبة جنود قتلوا فلسطينيين بدون سبب، إلا في حالة واحدة.

وقد أكدت ذلك أيضاً تقارير عدة نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية عبر المراسلين العسكريين، في 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي، في ما بدا أنها معطيات رسمية من الجيش لمواجهة الانتقادات له ولقيادته، بأنها لا توفر الحماية للجنود. وقد جاء ذلك يومها، بعد أن اعتدى جندي إسرائيلي في الخليل على ناشطين يساريين، وهددهم بتغيير قواعد "اللعبة" من الآن فصاعداً مع فوز المتطرف إيتمار بن غفير.

ولأن عملية الاعتداء على النشطاء اليساريين كانت موثقة رسمياً بالصوت والصورة، اضطر قائد الفرقة العسكرية إلى حبس الضابط المعتدي، ثم محاكمته عسكرياً، وفرض عقوبة الحبس في قاعدة عسكرية لمدة 14 يوماً عليه.

وأثارت هذه الخطوة غضب المستوطنين في الخليل، واليمين الاستيطاني، وفي مقدمتهم المرشح لمنصب وزير الأمن الداخلي آنذاك إيتمار بن غفير، الذي زار بيت عائلة الضابط المعتدي، معلناً تضامنه معها.

وشنً اليمين الاستيطاني يومها حملة شعبية على الجيش وقيادته، خصوصاً رئيس الأركان آنذاك أفيف كوخافي. وتمت تحت ضغط هذه الانتقادات، إعادة محاكمة الضابط نفسه، وتخفيف الحكم عليه.

ومع أنه تبيّن لاحقاً أن سلسلة القادة العسكريين الميدانيين في الموقع والضباط الذين حاكموا الضابط المذكور، من سكان المستوطنات، إلا أن هذه المعطيات لم تؤثر شيئاً في حملة اليمين الاستيطاني، الذي ادعى أن الجيش لا يوفر الحماية ولا الدعم للجنود.

وكشف جيش الاحتلال تحت وطأة الحملة المذكورة التي رافقت التوتر بين الجيش والمستوى السياسي، عشية تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة، عن تفاصيل حمايته ودفاعه عن الجنود في حالات مختلفة، خصوصاً التي تم فيها قتل فلسطينيين.

ووفقاً للمعطيات التي تناقلتها الصحف الإسرائيلية ووسائل الإعلام، فإنه بين عامي 2017 و2019، لم تقدَّم إلا لائحة اتهام واحدة ضد جندي إسرائيلي أطلق النار على مواطن فلسطيني قرب بيت لحم.

وكانت هذه المرة الأخيرة التي تمّت فيها محاكمة جندي إسرائيلي خلال عمليات للجيش، علماً أنه وفق معطيات الاحتلال نفسه، فقد استشهد بنيران جنود الاحتلال في السنوات الست الأخيرة، (حتى موعد نشر هذه المعطيات، في منتصف ديسمبر الماضي) 354 فلسطينياً.

وتنبغي الإشارة أيضاً إلى أن نشر نتائج "تحقيق عسكري" في ظروف قتل واستشهاد أحمد كحلة جاء بعد أن أثبت تقرير لصحيفة "هآرتس"، الجمعة، كذب رواية جيش الاحتلال بأن الشهيد كحلة حاول تنفيذ عملية فدائية.