جيش الاحتلال يقدم خطة "لإجلاء المدنيين" من مناطق القتال في غزة

26 فبراير 2024
توعّدت إسرائيل بشن هجوم بري على مدينة رفح المكتظة بالسكان (Getty)
+ الخط -

نتنياهو أكد أن التوصّل إلى هدنة لن يؤخر الهجوم على رفح

أميركا قالت إن محادثات باريس أفضت إلى "تفاهم" حول اتّفاق محتمل

قدّم جيش الاحتلال الإسرائيلي خطّة "لإجلاء المدنيين من مناطق القتال" في قطاع غزّة، حسبما أعلن اليوم الاثنين مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فيما كانت إسرائيل قد توعّدت، أمس الأحد، بشنّ هجوم برّي على مدينة رفح المكتظّة بالسكان في جنوب القطاع رغم المفاوضات الجارية للتوصّل إلى هدنة جديدة في الحرب ضدّ حركة حماس.

وقال مكتب نتنياهو في بيان مقتضب إنّ الجيش "قدّم لمجلس الحرب خطّة لإجلاء السكّان من مناطق القتال في قطاع غزّة، فضلاً عن خطّة العمليّات المقبلة"، من دون أن يخوض في تفاصيل.

يأتي ذلك فيما قال نتنياهو، أمس الأحد، لقناة "سي بي إس" الأميركيّة إنّ "التوصّل إلى اتّفاق هدنة لن يؤدّي إلّا إلى تأخير الهجوم على مدينة رفح" التي يتجمّع فيها ما يقرب من مليون ونصف مليون مدني على الحدود المغلقة مع مصر، وفق أرقام الأمم المتحدة.

وصرّح نتنياهو قائلاً: "إذا توصّلنا إلى اتّفاق، فستتأخّر (العمليّة) إلى حدّ ما، لكنّها ستتمّ"، مضيفاً: "إذا لم يحصل اتّفاق، فسنقوم بها على أيّ حال. يجب أن تتمّ، لأنّ النصر الكامل هو هدفنا، والنصر الكامل في متناول اليد.. ليس بعد أشهر، بل بعد أسابيع، بمجرّد أن نبدأ العمليّة".

وبينما تستمرّ المحادثات في قطر، يحتدم القتال بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس خصوصاً في مدينة خانيونس المدمّرة، على بُعد بضعة كيلومترات شمالي رفح. وأحصت وزارة الصحّة الفلسطينية في قطاع غزة أمس الأحد استشهاد 86 شخصاً خلال 24 ساعة في أنحاء القطاع الذي يستمر الوضع الإنساني فيه بالتدهور، حيث بات حوالى 2.2 مليون شخص، هم الغالبيّة العظمى من سكّانه، مهدّدين بخطر "مجاعة جماعيّة"، وفق الأمم المتحدة.

ويخضع إدخال المساعدات إلى غزّة لموافقة إسرائيل، ويصل الدعم الإنساني الشحيح إلى القطاع بشكل أساسي عبر معبر رفح مع مصر، لكنّ نقله إلى الشمال صعب بسبب الدمار والقتال.

"سياسة التجويع" 

بين من غادروا شمال القطاع سمير عبد ربّه (27 عاماً)، الذي وصل من جباليا إلى مخيم النصيرات صباح الأحد، نازحاً بسبب الجوع مع زوجته وطفلته التي تبلغ من العمر عاما ونصف عام.

وقال لوكالة فرانس برس: "جئت مشياً من شمال غزة، من عزبة عبد ربه... لا أستطيع أن أصف كمية المجاعة هناك... عندي بنت صغيرة عمرها عام ونصف، لا يوجد حليب. أحاول أن أطعمها الخبز الذي أصنعه من بقايا العلف والذرة، لا تهضمه، لا مغيث، أملنا كبير فقط بربّنا".

من جهته، قال مصدر قيادي في حركة حماس، أمس الأحد: "قتل شعبنا بالتجويع في غزة وشمالي القطاع جريمة إبادة جماعيّة تهدّد مسار المفاوضات برمّته".

"تفاهم مبدئي حول اتفاق هدنة في غزة"

أعلنت الولايات المتحدة، أمس الأحد، أنّ المحادثات التي جرت في باريس أفضت إلى "تفاهم" حول اتّفاق محتمل يقضي بإطلاق حركة حماس سراح رهائن والتزام وقف جديد لإطلاق النار في قطاع غزّة.

وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان، لشبكة "سي أن أن": "اجتمع ممثلو إسرائيل والولايات المتحدة ومصر وقطر في باريس وتوصلوا إلى تفاهم بين الدول الأربع حول الملامح الأساسية لاتفاق رهائن لوقف موقّت لإطلاق النار".

ورفض سوليفان الخوض في التفاصيل، لكنه أوضح أنّ الاتّفاق "لا يزال قيد التفاوض بشأن تفاصيله. ولا بُدّ من إجراء نقاشات مع حركة حماس عبر قطر ومصر، لأنّه في نهاية المطاف سيتعيّن عليها الموافقة على إطلاق سراح الرهائن".

وتابع: "هذا العمل جار. ونأمل في أن نتمكّن في الأيام المقبلة من بلوغ نقطة يكون فيها بالفعل اتّفاق متماسك ونهائي بشأن هذه القضية".

في الأثناء، نقلت قناة فضائية مصرية، أمس الأحد، عن مصادر مطلعة، أن "المحادثات استؤنفت في الدوحة وستعقبها جولة نقاشات أخرى في القاهرة بمشاركة مسؤولين أميركيين وإسرائيليين ومن حركة حماس".

ونقلت قناة "القاهرة الإخبارية" عن مصادر مصرية تأكيدها "استئناف مفاوضات التهدئة بقطاع غزة، من خلال اجتماعات على مستوى المختصّين تُعقد بالعاصمة القطريّة الدوحة، وأخرى تعقبها في القاهرة"، حيث التقى مديرو الاستخبارات المصريّة والأميركيّة والإسرائيليّة ورئيس الوزراء القطري في 13 فبراير/ شباط الحالي.

وتابعت: "مباحثات الدوحة والقاهرة تجرى بمشاركة مختصّين من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل، إضافة إلى وفد من حركة حماس".

وكان وفد إسرائيلي برئاسة رئيس "الموساد" ديفيد برنيع قد زار باريس، الجمعة الفائت، لإجراء محادثات حول الهدنة.

وقال مصدر في حركة حماس لوكالة فرانس برس إنه "تم اقتراح بعض التعديلات الجديدة بشأن القضايا الخلافية، لكن إسرائيل لم تقدم أيّ موقف جوهري بشأن شروط وقف إطلاق النار والانسحاب من قطاع غزة".

ووصف نتنياهو مطلب سحب قواته بأنه "خيالي".

"رفح.. المعقل الأخير"

لكن من أجل التوصّل إلى اتّفاق، تشترط إسرائيل "الإفراج عن جميع الرهائن، بدءاً بجميع النساء"، وفق ما أعلن مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء تساحي هنغبي. وحتى إذا تمّ ذلك، فإنّ "اتّفاقا كهذا لا يعني نهاية الحرب"، وفق هنغبي.

وتطالب حركة حماس من جانبها بوقف كامل لإطلاق النار وبانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة وتوفير مأوى آمن لمئات آلاف المدنيين الذين شرّدتهم الحرب.

في الغضون، يتزايد القلق حول مصير مدينة رفح في أقصى جنوب القطاع، حيث يتكدّس ما لا يقل عن 1.4 مليون شخص، معظمهم نازحون، بسبب العمليّة البرّية التي يُعدّ لها جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وأعلن نتنياهو، أول من أمس السبت، أنّه "سيجمع في بداية الأسبوع مجلس الوزراء للموافقة على الخطط العملياتيّة في رفح، بما في ذلك إجلاء السكّان المدنيّين من المعقل الأخير لحركة حماس".

وأظهرت صور لـ"فرانس برس" تجدّد القصف في المدينة أمس الأحد، في حين استمرّ القتال أيضاً في بيت لاهيا وحيّ الزيتون، شمالي قطاع غزة.

وأعلن وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، أمس الأحد، أنّ العمليّات الإسرائيليّة ضدّ "حزب الله" في لبنان لن تتوقّف، حتّى لو تمّ التوصّل إلى اتّفاق على وقف إطلاق النار والإفراج عن رهائن في غزة.

وتفقّد الوزير مقرّ القيادة العسكريّة الشماليّة في صفد الذي أصيب في وقت سابق من الشهر الحالي بصاروخ أطلق من جنوب لبنان وأسفر عن مقتل جندية.

من جهته، حذّر العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، أمس الأحد، خلال استقباله رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في عمان، من خطورة مواصلة إسرائيل هجومها على غزّة في شهر رمضان الذي يحلّ في مارس/آذار، مؤكداً أنّ "هذا الأمر سيزيد خطر توسّع الصراع".

وأكّد الملك "ضرورة بذل أقصى الجهود للتوصّل لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، وحماية المدنيّين الأبرياء".

وأعلنت الرئاسة الفرنسيّة أنّ أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي أدّت بلاده دور الوساطة الرئيسي في حرب غزّة، سيزور باريس هذا الأسبوع لإجراء محادثات مع الرئيس إيمانويل ماكرون.

(فرانس برس)

المساهمون