جولة هوكشتاين في بيروت: التهدئة والتمهيد لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

05 مارس 2024
لم تتأثر المجريات في الميدان بجولة هوكشتاين (حسين بيضون)
+ الخط -

خيّمت الأجواء الإيجابية على لقاءات هوكشتاين في لبنان

أوساط معارضة لـ"العربي الجديد": الأولوية الآن لوقف الحرب في غزة

هذه هي الزيارة الثالثة إلى بيروت منذ اندلاع المواجهات على الحدود

ناقش كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون أمن الطاقة عاموس هوكشتاين، أمس الاثنين، خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، الجهود المبذولة لوقف التصعيد بين "حزب الله" وجيش الاحتلال الإسرائيلي، والمباحثات بشأن المرحلة التي تلي وقف إطلاق النار.

ووجه هوكشتاين سلسلة تحذيرات إلى الجانب اللبناني، أبرزها أن "التصعيد لا يساعد لبنان في إعادة البناء والتقدّم في هذه المرحلة الحسّاسة من تاريخه".

ونبّه هوكشتاين من أنّ وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار هو غير كافٍ والتصعيد أمر خطير، والحرب المحدودة لا يمكن احتواؤها، لافتاً في المقابل إلى أنّ الهدنة التي يُعمل عليها في غزة لا تعني بالضرورة أنه سيتم تنفيذها تلقائياً في لبنان.

من جهة أخرى، وعلى صعيد المشهد العسكري العام، لم تتأثر المجريات في الميدان بجولة هوكشتاين، إذ شهدت الحدود تكثيفاً للعمليات العسكرية، خصوصاً من جانب الاحتلال الإسرائيلي الذي واصل استهداف المنازل والمدنيين والأطقم الصحية بشكل مباشر، وأغارت طائراته على مركز الهيئة الصحية الإسلامية في بلدة العديسة، جنوبي لبنان، أمس الاثنين، ما أسفر عن سقوط 3 شهداء، فأتى الردّ من "حزب الله" باستهداف مستعمرة "غشر هازيف" القريبة من نهاريا.

أما على المستوى السياسي، فقد خيّمت الأجواء الإيجابية على لقاءات هوكشتاين التي أتت في زيارته الثالثة إلى بيروت منذ اندلاع المواجهات، في 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، موسَّعة لتشمل قوى سياسية نيابية، من ضمنها تلك المعارضة لـ"حزب الله"، التي بحسب مصادرها حرصت على لقاء الموفد الرئاسي الأميركي لـ"إظهار أن هناك رأياً رافضاً بشكل حاسم للحرب في لبنان، وكدعوة لدعم الجيش اللبناني ونشر عناصره بشكل أكبر على طول الحدود، ونزع سلاح (حزب الله)، وتطبيق القرارات الدولية، على رأسها القرار 1701".

وقالت أوساط نيابية معارضة لـ"العربي الجديد"، إنّ "اللقاء كان إيجابياً مع هوكشتاين، إذ لمسنا حرصاً أميركياً على استقرار لبنان وجهداً مكثفاً لمنع توسع رقعة الحرب، وأوصلنا من جهتنا رسالة واضحة بأننا لا نريد أن يكون لبنان جبهة مساندة لغزة، لأن مصلحة بلدنا تأتي بالمرتبة الأولى، وذلك بغض النظر عن موقفنا المدين بشدة للجرائم الإسرائيلية التي ترتكب بحق الفلسطينيين، كما شددنا على ضرورة توحيد السلاح بيد الجيش اللبناني فقط لبناء دولة المؤسسات كاملة الشرعية".

وأشارت الأوساط إلى أنّ "هوكشتاين لم يأتِ بورقة اقتراحات مكتوبة، لكنه قدّم بعض الأفكار للحل الدبلوماسي، مشدداً بداية على أن الأولوية الآن لوقف إطلاق النار في غزة والعمل من ثم على انعكاسه على لبنان، لعودة السكان سواء من الجانب اللبناني أو الإسرائيلي إلى منازلهم، ويفتح بعدها النقاش حول النقاط البرية الخلافية وتطبيق القرارات الدولية، كما أكد على ضرورة استقرار لبنان سياسياً وانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقتٍ ممكن، وقد سمع من نواب المعارضة كلاماً واضحاً برفض أي تسوية تشمل الملف الرئاسي".

من جهته، قال مصدر دبلوماسي في السفارة الأميركية في بيروت لـ"العربي الجديد"، إنّ "جولة هوكشتاين كانت إيجابية واستمع إلى آراء المسؤولين اللبنانيين، وسمع منهم عدم رغبة في توسيع رقعة الحرب، وتأكيد على التزام لبنان بالقرارات الدولية، وهذا أمر أساسي"، لافتاً إلى أنّ "عودة هوكشتاين إلى بيروت ستكون مرتبطة بالتطورات في غزة على صعيد الهدنة، وفتح النقاش بالمرحلة المقبلة، لأن المطلوب هو حل شامل ونهائي يعطي الأمن والاستقرار للسكان على جانبي الحدود".

وأشار المصدر إلى أنّ "البحث مع المسؤولين اللبنانيين لا يقتصر على وقف إطلاق النار على الحدود، بل يجب البت باتفاق شامل، ينسحب على الملف البري والنقاط الخلافية، وتطبيق بنود القرار 1701، لكن الأولوية الآن تبقى لوقف العمليات العسكرية لأن استمرارها يبقي الوضع خطراً، وأي حرب لا يمكن احتواؤها حتى لو كانت محدودة، وهو ما شدد عليه هوكشتاين في لقاءاته".

رئيس كتلة "حزب الله": الاحتلال سيكون الخاسر بحال بدأ حرباً مفتوحة

وفي إطار المواقف السياسية، اليوم الثلاثاء، قال رئيس كتلة "حزب الله" البرلمانية (الوفاء للمقاومة)، النائب محمد رعد، إنّ "العدو الإسرائيلي لم تُلو ذراعه إلّا على أيدي المقاومة في لبنان، والمقاومة مصمّمة على مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، وستمنعه من أن يُنفّذ مشروعه العدواني الذي يُريد من خلاله أن يستبيح لبنان".

وتابع رعد: "عندما تكون قوياً في مواجهة العدو الإسرائيلي ولديك ما يسمح بأن تثبّت هذه القدرة فالآخر سيرضخ وليس العكس"، مشيراً إلى أنّ "المقاومة ما زالت تلتزم بدقة بمعادلات الردع التي فرضناها على العدوّ الإسرائيلي ويحاول أن يتفلّت منها، لكن ليس بمقدوره أن يلغيها".

وأردف قائلاً إنّ "العدو يعرف أنه إذا أراد التفلّت من قواعد الردع فسيقع في مصيبة كبرى، والمشكلة مع اللبنانيين نتائجها وخيمة على كيانه، ونحن لا نتمنى الحرب ولا نسعى إليها لكن نحن على استعداد لمواجهتها".

وشدّد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة على أن هنالك جاهزية لـ"ملاقاة العدوّ إذا أخطأ بحساباته وأراد أن يخرج من قواعد الردع التي فرضناها عليه، لكن حتى الآن نحن نتريث ونصبر لأننا نرى بوادر عدم الخروج من هذه القواعد تجنيباً لبلدنا ولأهلنا مغبّة حرب مفتوحة ستكون فيها دماء وستكون فيها خسائر (...) لكن الخاسر الأكبر والإستراتيجي فيها سيكون العدو الصهيوني".

وأكد رعد أن الحزب يعمل "وفق حسابات دقيقة"، مشيراً إلى أن الحزب "لم يستعمل كلّ أسلحته، وأسلحة الحرب المفتوحة لم تفتح مخازنها بعد والعدوّ يعرف ذلك".