جورجيا... تذكير بأوكرانيا

10 مارس 2023
شهدت تبليسي صدامات في الشارع (ديفيد مدزيناريشفيلي/الأناضول)
+ الخط -

شهدت الدولة السوفييتية السابقة، جورجيا (نحو 3.7 ملايين نسمة)، صدامات في الشارع على خلفية اتهام المشرعين بفرض علاقة أعمق بروسيا، وريثة العلاقة بالدول السوفييتية الـ15 السابقة، لجرها بعيداً عن العلاقة بالغرب.
اللعب الغربي - الروسي في منطقتي القوقاز والبلقان، ربما لن ينتهي سريعاً، مع احتدام المواجهة في أوكرانيا، فمنطقة القوقاز ليست هامشية.

والسباق واضح بين جهود روسيا وأوروبا لتحديد "اللعبة"، خصوصاً مع نشوء اتجاهات أوروبية منفتحة على عدد من دولها، ومساع روسية للتذكير مجدداً بحيوية المنطقة لمصالحها وأمنها.

وبالنسبة لموسكو، فتحريك الوضع في القوقاز يعتبر كابوساً، في الوقت الذي يُخشى فيه أن تكون تداعيات غزو أوكرانيا أوسع من مناطق التماس مع أوروبا وحلف شمال الأطلسي (الناتو).

ما زال التواجد الروسي حاضراً في بعض الجيوب الجورجية، بعد السيطرة عليها في حرب 2008 بين الطرفين. وكغيرها من الجمهوريات السوفييتية السابقة، والمثل الأوكراني أمامهم، تزداد الخشية من "أطماع" روسية، كما يقدمها الجيل السياسي الجديد في تقاربه مع الاتحاد الأوروبي. وذلك يمتد من دول البلطيق شمالاً إلى البلقان والقوقاز جنوباً، مع ملاحظة تأثيرات الكرملين في دول دارت في الفلك السوفييتي سابقاً.

إذا، تظاهرات العاصمة الجورجية، تبليسي، في قراءات أوروبية متعددة، هي انعكاس لمخاوف الناس من النموذج الروسي، حيث يرون أن البلد يقف على مفترق طرق، كما فعلت أوكرانيا قبل نحو 10 سنوات: فإما الاختيار بين الغرب أو روسيا. فموسكو ما تزال تُردد أن ما جرى في كييف مجرد "انقلاب" على الساسة الذين كانوا يوالونها.

فالقانون الجديد المتداول في تبليسي، الذي يعاقب، ويعتبر منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام "عملاء أجانب"، حال تلقيهم تمويلاً خارجياً بأكثر من 20 في المائة، يراه المحتجون نسخة روسية فرضها الكرملين في موسكو عام 2012.

وبغض النظر عن السردية الروسية، الممتدة من القوقاز إلى مولدوفا، وغيرها من الدول، حول "منع توسع الناتو"، يقرأ الجيل السياسي الجديد تصرفات الكرملين على أنها تستهدف تشديد القبضة على الحياة السياسية والمجتمع المدني والإعلام ليتطابق مع ما هو مطبق في بيلاروسيا، وروسيا نفسها.

في نهاية المطاف، فإن ما يجري ربما يشير أيضاً إلى أزمة غياب تحديد حدود انهيار الاتحاد السوفييتي قبل نحو 3 عقود، واستمرار التعارض بين نموذجي الحكم المحلي، وذلك الذي يطمح إلى ترسيخه ساسة الكرملين ومؤيدوهم في تلك الدول. ومع استمرار المواجهة الغربية الروسية فإن مجتمعات كثيرة ستدفع أثمانا أكبر على المدى الطويل.

المساهمون