جدل في تونس بسبب طلبات رفع الحصانة عن النواب: سعيد يؤكد والبرلمان ينفي

28 مايو 2021
سعيد قال إن مجلس النواب لم ينظر في 25 طلب رفع حصانة أرسلتها وزارة العدل (Getty)
+ الخط -

أثار موضوع رفع الحصانة على النواب الذين تعلقت بهم ملاحقات قضائية وشبهات فساد جدلاً في تونس، خاصة بعد تصريح رئيس الجمهورية قيس سعيد، في لقاء جمعه برئيس الحكومة هشام مشيشي، ووزير الدفاع إبراهيم البرتاجي، أمس، أنّ 25 طلب رفع الحصانة أرسلتها وزارة العدل إلى مجلس النواب لم يتم النظر فيها، ملاحظاً أنّ بعض النواب المعنيين بطلبات رفع الحصانة ''موجودون في حالة تلبس وفرار''.

ولكن مساعد رئيس مجلس نواب الشعب المكلف بالإعلام والاتصال، ماهر مذيوب، أكد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه ومنذ انتخابات 2019، وتحديداً 13 نوفمبر/ تشرين الثاني؛ تاريخ انتخاب راشد الغنوشي رئيساً للبرلمان، لم يردهم أي طلب لرفع الحصانة، مؤكداً أن من لديه طلب فالمسألة بسيطة وسهلة، إذ يتولى مكتب الضبط المركزي بالبرلمان تأكيد التسلم، مشيراً إلى أنه في الدورة السابقة ورد 17 مطلب رفع الحصانة وأخذت جميعها مسارها التشريعي، إذ نظرت اللجنة في بعضها وهناك مطالب سقطت بحكم الاستقالة أو بسبب أخطاء في الإجراءات.

وبيّن مذيوب أنه عند تسلم الشيخ عبد الفتاح مورو رئاسة البرلمان بالنيابة ورد مطلب وحيد لرفع الحصانة عن نائب ترشح للرئاسية، وكان الطلب بخصوص تمويل الحملة الانتخابية، مبيناً أن النائب لم يتمسك بالحصانة ومر على القضاء بصفة عادية، مؤكدا ًأنه عند تولي راشد الغنوشي رئاسة البرلمان وردهم طلب استماع لنائب ولكن المطلب كان خاطئاً إدارياً، وبالتالي يسقط إجرائياً و مع ذلك تم تسليمه للنائب المعني.

وأفاد بأن المجلس لا يمانع رفع الحصانة وليس من مصلحته إخفاء المطالب، مبينا أن  "ما يتردد حول علاقة هذا الموضوع بسحب الثقة من رئيس البرلمان أو أنها ورقة مقايضة، غير صحيح، وبدل محاولات التشويه، فإن كل من  لديه طلب عليه أن ينشر المراسلة الموجهة للمجلس وستكون دليلاً على وجود طلبات إن صحت"، مضيفاً أن "البعض في الحقيقة بصدد إحراج الإدارة التونسية وليس رئيس البرلمان".

تقارير عربية
التحديثات الحية

 

وفي المقابل، تحدث بعض النواب من المعارضة في تصريحات صحافية عن وجود 29 مطلب رفع حصانة عن نوّاب بالبرلمان، بين طلبات قديمة وردت إلى المجلس النيابي السابق وطلبات جديدة وردت إلى المجلس الحالي.

وأكد النائب عن التيار الديمقراطي، رضا الزغمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الحصانة مبدأ دستوري معمول به في كل البرلمانات، لأنها مرتبطة بالعمل البرلماني وبعمل النائب، وخاصة فيما يتعلق بالدور الرقابي للنائب، موضحا أنه "في تونس، وبحكم التجربة الديمقراطية الوليدة، لم نصل إلى مرحلة النضج السياسي في المشهد ككل والناخب لم  يختر الطبقة السياسية والنواب الذين بإمكانهم أن يكونوا بمنأى عن كل الشبهات والفساد".

وقال النائب إن "هذا الأمر ولّد لدى الرأي العام تصوراً بأن عدداً من المهربين و من تحوم حولهم جرائم يتحصنون بالبرلمان للإفلات من العقاب"، مضيفا أن "هذا في جزء منه صحيح، خاصة لو عدنا لتصريح رئيس الجمهورية بخصوص وجود 25 ملفاً لنواب حولهم شبهات وبعضهم متهمون وتحصنوا بصفة النائب، وهو شكل من أشكال الإفلات من العقاب".

وأشار إلى أن "الحصانة ليست مطلقة والدستور واضح في هذا الصدد؛ فمن كان في حالة تلبس تنتفي عنه الحصانة، ومن هو مطلوب للقضاء له الخيار الطوعي للتخلي عن الحصانة، وفي حالة التمسك بها هناك لجان مختصة بالبرلمان يمكنها طلب رفع الحصانة، وخلافا لما يريد البعض تصويره على أن الحصانة مطلقة وتمنح حماية للفاسدين والمتهربين من القضاء؛ فإن المسألة أبعد من ذلك، والسلطة القضائية سلطة مستقلة وهي سلطة تنفيذ للقانون بما في ذلك على نائب البرلمان".

وبحسب أستاذ القانون الدستوري، عبد الرزاق المختار، فإن "رفع الحصانة وردت ضمن الفصلين 68 و69، حيث تم التطرق للحصانة الوظيفية الممنوحة للنائب بناء على أدائه البرلماني، والقصد منها حماية النائب من أي تهديدات وضغوطات في إطار أدائه البرلماني"، مؤكدا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الفصل 68 ينص على أنه  لا يمكن إجراء أي تتبع قضائي أو مدني أو جزائي ضد نائب بالبرلمان أو إيقافه ومحاكمته لآرائه ولاقتراحاته أو أعمال في علاقة بأعماله النيابية".

وتابع أن هناك "الحصانة الجزائية والتي ترتبط بالتهم الجزائية، وفي صورة تمسك  النائب بها لا يمكن تتبعه أو إيقافه ما لم ترفع عنه الحصانة".

وبيّن أن "الفصل 69 ينص على أن التمسك بالحصانة اختياري، كحوادث المرور مثلا"،  مضيفا أن "طلب رفع الحصانة تقوم به الجهة القضائية حيث تتوجه بدعوة للبرلمان لطلب رفع الحصانة، ثم يرد النائب كتابيا عليها، ومختلف الإجراءات منظمة بحسب النظام الداخلي".

 

ولفت إلى أن هناك "تسلسلا إجرائيا بحسب الفصول 28 إلى 33، ويكون الطلب مرفقا بالقضية ثم تتولى لجنة النظام الداخلي دراسته والاستماع للنائب المعني وإعداد تقرير في أجل أقصاه 15 يوما، ويحال المطلب على الجلسة العامة"، مبينا أن "المجلس ينظر في الطلبات على ضوء التقارير التي تعدها لجنة النظام الداخلي، وتكون الجلسة سرية، والمسار الإجرائي متشددا جدا".

وبيّن أن "من أبرز الملاحظات في هذا الصدد أننا لم نصل في تونس  للجلسة العامة، ففي أغلب الملفات يضيع المطلب بين الأروقة ربما لأخطاء إجرائية أو لكونه بين أروقة سياسية"، مؤكدا أن "هناك الكثير من التشدد في رفع الحصانة، وبالتالي نقصان أي وثيقة كفيل برفض الطلب، وهذا التشدد في المنظومة وضع لحماية النواب أثناء  عملهم، ومن مختلف التهم الكيدية".

و قال المختار إنه "في برلمان شفاف، وفي منظومة تتمتع بحوكمة برلمانية، فإن هذه المسألة لا تطرح  إشكاليات، ولكن غياب الشفافية والمعلومات المتضاربة من بعض الجهات هما ما يعكسان غياب الوضوح والتسييس المفرط، وبالتالي لا يجب أن تتحول الحصانة إلى تحصين".

المساهمون