تدفع الخلافات السياسية المعقّدة بشأن قانون الانتخابات، الذي يراوح مكانه منذ أسابيع داخل قبة البرلمان العراقي، باتجاه تحديد موعد جديد لإجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة، التي حدد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي موعدها في السادس من يونيو/ حزيران العام المقبل، وسط تحذيرات من مغبة تأخر الانتخابات.
وكانت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت، قد التقت الأسبوع الماضي المرجع الديني علي السيستاني، بمنزله في النجف، في إطار سعيها إلى دعم الانتخابات، ونقلت عنه حرصه على إجراء الانتخابات المبكرة في موعدها، محذرة من "انزلاق البلد نحو تداعيات خطيرة" في حال عدم تهيئة الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات.
ووفقاً لعضو في البرلمان العراقي، فإن "الحوارات بشأن الدوائر الانتخابية بقانون الانتخابات تعقدت كثيراً، بسبب تقاطعات كبيرة بين القوى السياسية بشأنها"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أنّ "من الصعوبة التوصل إلى تفاهمات بشأن الدوائر الانتخابية، الأمر الذي طرح فكرة تأجيل الانتخابات لمدة أربعة أشهر عن موعدها المحدد، حتى تُحسَم الملفات والقوانين المختلف عليها".
وأكد المتحدث ذاته أن "عدداً من القوى السياسية يؤيد هذا التوجه ويدعمه بقوة"، لافتاً إلى أن زعيم "ائتلاف دولة القانون" نوري المالكي "صاحب العقدة الأبرز، إذ يصرّ على دائرة انتخابية واحدة لكل محافظة".
"ائتلاف الوطنية"، بزعامة إياد علاوي، قلّل من أهمية موعد الانتخابات، معبّراً عن تأييده لـ"إجراء انتخابات نزيهة"، سواء بموعدها المحدد أو غيره.
وقال رئيس الكتلة البرلمانية النائب كاظم الشمري، لـ"العربي الجديد": "نحن مع إجراء انتخابات نزيهة وشفافة، سواء أأُجريت قبل موعدها أم بعد موعدها، المهم أن تكون انتخابات بعيدة عن سيطرة السلاح المنفلت، وبعيدة عن التزوير والمال السياسي"، مؤكداً: "متى ما توافرت هذه الشروط نحن نؤيد إجراءها".
وأضاف أن "مفوضية الانتخابات أكدت صعوبة إجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ما لم تؤخَّر 4 أشهر عن موعدها، حتى إكمال الأمور اللوجستية والفنية"، مشيراً إلى أن ائتلافه "يدعم إجراء انتخابات تحقق أهدافها، متى ما اكتملت شروطها اللوجستية والفنية".
وأكد أن "هناك حوارات ووفوداً بين الكتل بشأن قانون الانتخابات، لكن حتى الآن لم يتبلور موقف سياسي موحد بهذا الاتجاه"، محملاً "جميع الأطراف السياسية مسؤولية الخلاف وتأخير قانون الانتخابات، الذي شرع بفترة التظاهرات، وهي فترة عصيبة ألزمت البرلمان تشريعه بغية الاستجابة لطلبات المتظاهرين، ويحتاج اليوم إلى تعديل".
أما المتحدث باسم "جبهة الإنقاذ والتنمية" عبد الكريم عبطان، فأكد لـ"العربي الجديد"، أن "موضوع تأجيل الانتخابات مطروق داخل الحوارات السياسية، إذ إن هناك قوانين يجب أن تقر قبل التوجه نحو إجراء الانتخابات، ومنها قانون الانتخابات وقانون المحكمة الاتحادية، فضلاً عن توفير الموازنة الكافية لإجراء الانتخابات، وهذه كلها تحتاج إلى حسم قبل إجراء الانتخابات".
وعبّر عن توقعه بأن "يجري التوجه نحو التأجيل بالتأكيد، لكن نتمنى أن يكون التأجيل بسبب قضايا فنية وقضايا تتعلق بعملية التأجيل نفسها، وليس استجابة لضغوطات سياسية"، مؤكدا أن "الخلاف عميق بين الكتل بشأن القوانين، وهذا سيفضي إلى التأجيل"، مؤكداً دعمه للتأجيل "إذا ما كان فيه مصلحة للشارع العراقي، كأن تمرر اقتراحات التعديلات الدستورية بتقليص أعداد النواب".
وأشار إلى أن "الحوارات لم تنقطع بين الكتل السياسية، وكل كتلة لها رأي، والخلاف بشأن الدوائر الانتخابية بين الكتل مستمر، وهناك تخوف من تزوير في الانتخابات".
"تحالف الفتح" الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، وهو داعم لتأجيل الانتخابات، حاول إلقاء الكرة بملعب مفوضية الانتخابات، معتبراً أن "هناك إجراءات كثيرة تتعلق بالمفوضية، تدفع باتجاه التأجيل".
وقال النائب عن التحالف محمد البلداوي، في تصريح صحافي، إن "هناك إجراءات كثيرة يتحتم على المفوضية إتمامها لأجل التوجه نحو الانتخابات المبكرة"، مبيناً أن "على المفوضية إعادة هيكلة مكاتبها في المحافظات، إذ إن هناك أحزاباً تحاول بسط نفوذها عليها، وهناك حاجة إلى تحديث ملف البطاقة البيومترية، وتسليمها للناخبين، والتعاقد مع الشركات الرصينة لإدارة السيرفرات والنتائج والعملية الانتخابية، فضلاً عن مشكلة التخصيصات المالية للمفوضية".
وأكد أن "تلك الإشكالات أعقد من أزمة قانون الانتخابات، وهي التي تدفع باتجاه تأجيل الانتخابات".