"جبهة الخلاص" تنظم تظاهرات الجمعة في تونس وباريس "من أجل استعادة الديمقراطية"

10 نوفمبر 2022
صعّدت جبهة الخلاص من تحركاتها ضد سعيّد (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

في تصعيد جديد تقوده جبهة الخلاص الوطني التونسية، ضد ممارسات الرئيس قيس سعيّد، تشهد العاصمتان التونسية والفرنسية، تظاهرات غداً الجمعة، ضمن سلسلة تحركات تنادي باستعادة الديمقراطية.

ودعت جبهة الخلاص، أمس الأربعاء، في منشور على موقع "فيسبوك"، إلى التظاهر الجمعة في تونس وباريس، تحت شعارات منها "من أجل ربيع عربي واحد" و"من أجل استعادة الديمقراطية" و"تونس ومصر ضد الاستبداد". 

وصعّدت جبهة الخلاص من تحركاتها في الأسابيع الأخيرة، حيث نظمت أكثر من مسيرة احتجاحية في عدد من المدن التونسية، توجتها، الأسبوع الماضي، في مدينة الرقاب بمحافظة سيدي بوزيد، ما أغضب الرئيس سعيّد على ما يبدو، إذ تعمّد توجيه انتقادات صريحة ومباشرة لمعارضيه.

سعيّد يرد: ادعاءات كاذبة

ونفى سعيّد ما وصفها بـ"الادعاءات الكاذبة المتعلّقة بالتضييق على الحريات"، مؤكداً أنه "لو كان هناك بالفعل تضييق لتمّت محاكمة البعض من أجل التحريض على الاقتتال والدعوات إلى تغيير هيئة الحكم".

وقال سعيّد، في لقاء مع وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين، الإثنين الماضي، إنّ "مآربهم معروفة، وهي الالتفاف على إرادة الشعب وافتعال الأزمة تلو الأزمة والارتماء في أحضان قوى خارجية. فلو كان هناك تضييق على الحريات كما يدّعون لما التقوا في سويسرا، طردهم الشعب من الرقاب بولاية سيدي بوزيد (في إشارة إلى مسيرة احتجاجية لجبهة الخلاص الوطني المعارضة يوم الأحد الماضي) فانتقلوا إلى جنيف". 

وأشار سعيّد إلى تجمّع عدد من معارضيه منذ أيام في جنيف، أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والانتقادات الشديدة التي وجهت للوضع في تونس.

وتشكل مسيرتا، غداً الجمعة، تصعيداً واضحاً من جبهة الخلاص الوطني في سلسلة تحركاتها ضد سعيّد.

الشارع ليس مع سعيّد

وفي السياق، أوضح رئيس حزب العمل والإنجاز، أحد مكونات الجبهة، عبد اللطيف المكي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، أنّ "جبهة الخلاص تريد أن تبرز بوضوح أنّ الشارع ليس مع قيس سعيّد كما يدعي".

ولفت إلى أنّ "الجبهة تواصل الضغط على سعيّد، وهو في المقابل قلق ومنزعج من هذه التحركات، لدرجة أنه أصبح يستند على الإشاعات، لأنه في الرقاب مثلاً نحو 10 أشخاص فقط من جماعته حاولوا الاعتداء على اجتماع الجبهة ولكن تم تطويقهم من مساندي جبهة الخلاص، وخرجت المسيرة في شوارع المدينة وجرى إلقاء الكلمات".

ورأى المكي أنّ "سعيّد أصبح يتغذى على الإشاعات، أو أنّ من يقدمون له التقارير لا يريدون أن يظهروا فشلهم فيبثّوا هذه الإشاعات في الوقت الذي كان هناك نجاح مهم للغاية في مسيرة الرقاب".

وأشار إلى أنّ "سعيّد منزعج لأنه في عزلة والبلاد تغرق اقتصادياً"، مضيفاً أنّ "أفكاره (سعيّد) وتصريحاته أصبحت مبعث سخرية وليست حتى مجلبة للنقد لأنّ النقد يكون للأفكار التي فيها معقولية".

"سلوك شبه انتحاري"

وعن تظاهرات الجمعة، أوضح أنها "تأتي تزامناً مع تظاهرات الربيع العربي في عدة دول، ومنها تونس، بمناسبة 11 نوفمبر/ تشرين الثاني، لأنّ تونس كانت القادح الأول للربيع العربي الذي يقاوم القوى الاستبدادية والقوى المعادية لحرية الشعوب العربية ومصالحها".

وبيّن المكي أنّ "مسؤولية معارضي الانقلاب واضحة اليوم، لأنهم دعوا سعيّد للحوار قبل الانقلاب وبعده ولكنه رفض، وبالتالي فهو يتحمّل مسؤولية هذا الوضع، ولا يوجد بلد لم يرتب وضعه السياسي إن كان محل نزاع، فما بالنا لو كان محل انقلاب".

ورأى رئيس حزب العمل والإنجاز أنّ "قيس سعيّد، حتى لو لم تكن هناك معارضة والوضع مستتب له، لن يستطيع إنجاز أي شيء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وأقصى ما يمكنه فعله هو إنعاش منوال تنمية الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وهو منوال أنتج ثورة وتبينت محدوديته".

وشدد المكي على أنّ "الحجة اليوم على سعيّد لأنه تجاهل الوضع الاقتصادي والاجتماعي ووضع أولويته الأولى السيطرة على الدولة والحكم وهو سلوك شبه انتحاري، يتحمّل فيه قيس سعيّد مسؤوليته، ولكن الشعب التونسي سيدفع الثمن للأسف".

ومنذ 25 يوليو/ تموز 2021، تعاني تونس أزمة سياسية حادة حين بدأ الرئيس قيس سعيّد فرض إجراءات استثنائية منها إقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وإقرار دستور جديد عبر استفتاء في 25 يوليو الماضي وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.

الطبوبي يدعو سعيّد إلى "مراجعة إيجابية"

على صعيد متصل، دعا الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، الرئيس سعيّد، للقيام بمراجعات إيجابية "بهدف أن تكون الانتخابات المقبلة في مستوى الآمال والتطلعات، وتمكننا من بلوغ مؤسسة تمثيلية تعكس حقيقة الإرادة الشعبية".

وفي اجتماع عام بمقر الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد، اليوم الخميس، دعا الطبوبي إلى "ضرورة التأني والتبصر والتأمل قبل أن ندخل في نفق مسدود". وقال إنّ "أي عمل إنساني لا يخلو من أخطاء، وأنا أدعو الرئيس إلى مرحلة مراجعة".

وتحدّث الطبوبي عن صعوبات وتعقيدات، مطالباً بقراءة موضوعية وبالتأني و"إدخال التنقيحات اللازمة بهدف تحقيق الديناميكية الديمقراطية وتعدد الترشحات"، منتقداً "ضعف الترشحات في عدد من الدوائر الانتخابية وغيابها في عدد آخر".

ويأتي اجتماع الطبوبي في مؤسسة التبغ مع تسريبات تؤكد وجودها على قائمة المؤسسات التي سيتم بيعها في إطار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وإذ ذكّر الطبوبي بأنّ سعيّد قال، مساء أمس الأربعاء، في اجتماعه مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن، إنه لا للمساس بالقطاع العام، إلا أنه أكد أنّ "العبرة ليست بالشعارات وإنما بالممارسة".

"تنكّر لموقف الشعب التونسي الثابت من الحق الفلسطيني"

ولم يشر سعيد في اجتماعه مع بودن، مساء أمس الأربعاء، إلى الجدل الذي أحدثته الدردشة السريعة مع الرئيس الإسرائيلي، إسحق هرتسوغ، في قمة المناخ بمدينة شرم الشيخ المصرية، والتي جوبهت بانتقادات حادّة في تونس. 

ويوم أمس الثلاثاء، انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر فيه بودن، على ما يبدو، في دردشة خاطفة مع الرئيس الإسرائيلي، ولم تستغرق المحادثة سوى بضع ثوان، ثم انتهت بابتسامة عريضة من بودن.

ووجّهت الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع، انتقادات لرئيسة الحكومة ولسعيّد، وقالت، في بيان لها "في الوقت الذي تخوض فيه المقاومة الفلسطينية أشدّ المعارك، وفي الوقت الذي يحتدّ فيه الاشتباك الميداني بين شعبنا الفلسطيني المحتل وقوات العدو وترتقي فيه أرواح الشهداء من أجل التحرير، تأتينا هذه الصورة".

وأوضح البيان "ليست هذه الحادثة سابقة من نوعها في عهد الرئيس قيس سعيّد، ممّا يوضح زيف شعاراته خلال حملته التفسيرية، وممّا يؤكّد، مرّة أخرى، أنّ موقفه المزعوم من التطبيع لم يكن إلّا دعاية انتخابية من أجل كسب الدعم الشعبي، لما نعلمه عن رسوخ القضية الفلسطينية في وجدان التونسيين، إلّا أنّ هذه المحادثة الودية أوقح ما بدر خلال العشرية الأخيرة عن السلطات الرسمية من تنكّر لموقف الشعب التونسي الثابت من الحق الفلسطيني".

المساهمون