أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم الإثنين، أن إدارة الرئيس جو بايدن تؤيد بيع مقاتلات "إف-16" وبرنامج التحديث لتركيا، في وقت لفت فيه نظيره التركي مولود جاووش أوغلو إلى أن أنقرة تتوقع دعم الكونغرس الأميركي للمضي قدماً في الصفقة.
وجاء ذلك في مؤتمر صحافي مشترك بين الوزيرين، خلال زيارة بلينكن لتركيا لتقديم الدعم لأنقرة بعد الزلزالين المدمّرين اللذين ضربا جنوب البلاد في 6 فبراير/شباط الحالي.
وأكد بلينكن أن بلاده ستدعم تركيا في ما يتعلق بالزلزال، "طالما اقتضى الأمر"، مثنياً في سياق آخر على الخطوات الإيجابية التي تتخذها تركيا لتحسين العلاقات مع اليونان وأرمينيا.
من جهته، شدد جاووش أوغلو على أنه لا يمكن لتركيا شراء مقاتلات "إف-16" الأميركية بشروط مسبقة، معتبراً أنه "يمكن تجاوز مسألة مقاتلات إف-16 إذا التزمت الإدارة بموقف حاسم"، ومتوقعاً في الوقت نفسه "رفع العقوبات الأميركية الأحادية في أقرب وقت ممكن".
وقال جاووش أوغلو إن أنقرة تتوقع دعم الكونغرس الأميركي للمضي قدماً في الصفقة التي تبلغ قيمتها 20 مليار دولار، مشيراً إلى أن تركيا تريد من الإدارة الأميركية إحالة الإخطار الرسمي بشأن المقاتلات إلى الكونغرس.
وتطرق وزير الخارجية التركي إلى قضية انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مشيراً إلى أنه على جميع الأطراف إقناع السويد باتخاذ خطوات ملموسة لتهدئة مخاوف تركيا المتعلقة بالتصديق على انضمامها للحلف، في وقت قال فيه بلينكن: "نؤيد بشدة انضمام الدول الإسكندنافية لحلف شمال الأطلسي في أسرع وقت ممكن، وفنلندا والسويد اتخذتا خطوات ملموسة بموجب المذكرة الموقعة مع تركيا".
وفي سياق آخر، أكد جاووش أوغلو أنّ تركيا لا تسمح من خلالها بخرق العقوبات الأوروبية والأميركية المفروضة على روسيا.
لقاء مرتقب بين بلينكن وأردوغان
إلى ذلك، يُنتظر أن يجمع لقاء بين بلينكن والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في أنقرة اليوم، وذلك بعد زيارة بلينكن موقع الزلزال، وإعلان تقديم مائة مليون دولار كمساعدات إضافية للمنكوبين.
وهذه الزيارة هي الأولى لوزير الخارجية الأميركي إلى تركيا منذ توليه منصبه قبل عامين. ويُفترض أن تكون الحرب في أوكرانيا حاضرة في اللقاء. فالولايات المتحدة تعترف بالدور البنّاء لحليفها التركي في الصراع، إذ منذ بدأ في 24 فبراير/شباط 2022، عرضت أنقرة التي تربطها علاقات جيدة مع العاصمتين، وساطتها لإنهائه.
وتجمع الولايات المتحدة وتركيا، وهما دولتان حليفتان في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، علاقات متوترة في بعض الأحيان، وتُفترَض مناقشة خلافاتهما خلال الاجتماع.
ومن المواضيع الخلافية بين البلدين، الحظر التركي لعضوية السويد وفنلندا في "الناتو"، بعدما علّق ترشحهما منذ مايو/أيار. والخميس، اعتبر الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ خلال زيارة لأنقرة، أن "الوقت حان" لضم هذين البلدين الواقعين في شمال أوروبا.
ومن بين القضايا الجيوسياسية الأخرى، عملية البيع المحتملة لطائرات "إف-16" المقاتلة التي وعد بها الرئيس جو بايدن أنقرة، ومنعها الكونغرس بسبب مخاوف بشأن سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان، والتهديدات التي تمثّلها لليونان.
ومن المواضيع الخلافية كذلك، "وحدات حماية الشعب" الكردية التي تصنّفها تركيا "إرهابية"، والتي كانت إحدى القوى الرئيسية التي تقاتل تنظيم "داعش" بدعم جوي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وقف عمليات البحث
وتأتي زيارة أنتوني بلينكن أيضاً في سياق الزلزال الذي ضرب تركيا وسورية يوم 6 فبراير/شباط. وأسفر الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجات، وأحدث دماراً هائلاً في جنوب البلاد وفي سورية، عن مقتل أكثر من 44 ألف شخص من بينهم 40689 شخصاً في تركيا، وفقاً لآخر حصيلة رسمية.
وبحسب إدارة هيئة الكوارث التركية "أفاد"، نُشر أكثر من 265 ألفاً من طواقم الإغاثة الأتراك في المناطق المتضرّرة، بينهم فرقها وفرق تابعة للجيش والشرطة ومتطوّعون ومنظمات غير حكومية. كذلك، انضمّ حوالى 11500 مسعف جاؤوا من الخارج، إلى جهود البحث والإغاثة.
ولم يتم إخراج ناجين جدد من تحت الركام في الساعات الـ24 الماضية، بعد إنقاذ زوجين في أنطاكيا عاصمة محافظة هاتاي، السبت، بعد 296 ساعة على وقوع الزلزال.
واعتباراً من اليوم التالي للزلزال، نشرت الولايات المتحدة عدداً من فرق البحث والإنقاذ ضمت حوالى مائتي عنصر، وأفرجت عن دفعة من مساعدات إنسانية بقيمة 85 مليون دولار.
والأحد، أعلن بلينكن مساعدة إضافية للبلاد. وقال: "نضيف مائة مليون دولار لتقديم المساعدة لمن هم بأمسّ الحاجة إليها".
والتقى وزير الخارجية الأميركي نظيره التركي مولود جاووش أوغلو في قاعدة إنجرليك الجوية في جنوب شرق البلاد، قبل أن يتوجه إلى أنقرة حيث سيلتقي أردوغان. ثم رافق بلينكن جاووش أوغلو في رحلة بمروحية فوق مقاطعة هاتاي المدمّرة في جنوب شرق البلاد.
وانطلاقاً من قاعدة إنجرليك تنقل المساعدات الإنسانية، خصوصاً الأميركية، لتوزيعها على المناطق المتضررة من الزلزال.
كذلك، التقى وزير الخارجية في تركيا ممثلين لمنظمة "الخوذ البيضاء" للإغاثة التي تعمل في مناطق سيطرة فصائل المعارضة في سورية.
وبعد تركيا، يختتم بلينكن جولته الأوروبية في أثينا، حيث سيعقد مساء اليوم الإثنين، وغداً الثلاثاء، سلسلة اجتماعات مع مسؤولين في اليونان، خصم تركيا التاريخي وشريكها في حلف شمال الأطلسي.