ثلاثة من أكبر الأحزاب الجزائرية تستعد لعقد مؤتمراتها العامة

26 سبتمبر 2022
عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم (العربي الجديد)
+ الخط -

تجري ثلاثة من أكبر الأحزاب السياسية في الجزائر ترتيبات حثيثة لعقد مؤتمراتها العامة في غضون السنة الجارية أو بداية العام المقبل، لإعادة ترتيب صفوفها وإجراء تقييم لخياراتها في المرحلة السابقة وتحديد الخيارات المستقبلية في علاقة بالتطورات السياسية الداخلية التي تشهدها البلاد، منذ ما بعد الحراك الشعبي والانتخابات الرئاسية عام 2019، ومخرجاتها المتلاحقة.

ويستعد حزب "جبهة التحرير الوطني"، الذي يحوز أكبر كتلة في البرلمان، لعقد مؤتمره العام الـ11 قبل نهاية السنة الجارية. وقال الأمين العام للحزب أبو الفضل بعجي، في مؤتمر صحافي عقده مساء الأحد، إن التحضير للمؤتمر يجرى بطريقة هادئة، وبعيدا عن الممارسات التي كان يشهدها الحزب في السابق.

وأوضح أن مندوبي المؤتمر سيُنتخبون بالضرورة من قبل القواعد، بدلا من التعيينات الفوقية التي كانت تجرى في السابق، لافتا الى أن تحديد تاريخ انعقاد المؤتمر الذي سيعقد قبل نهاية العام الجاري، سيعلن عنه قبل شهر من الموعد، و"مرتبط باستكمال لوائح المؤتمر وانتخاب المندوبين وكافة الترتيبات السياسية، لضمان عدم تكرار التجارب الفاشلة في المؤتمرات السابقة".

ويطمح بعجي إلى تثبيت نفسه في قيادة الحزب خلال المؤتمر المقبل، وذلك بعد فترة استثنائية قاد فيها الحزب بتزكية من اللجنة المركزية، بعد سجن الأمينين العامين السابقين جمال ولد عباس ومحمد جميعي.

ويشهد الحزب بعض الانقسامات الداخلية منذ عام 2003، أي منذ انشقاق الأمين العام السابق ورئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس عن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، عشية الانتخابات الرئاسية عام 2004، وأخفقت المؤتمرات العامة، التي نظمها الحزب لاحقا منذ عام 2008، في رأب الصدع والحد من الانقسامات التي ظلت تسيطر على الحزب.

وعزز الحراك الشعبي عام 2019 من نزيف الحزب الداخلي، لكن الأخير نجح برغم ذلك في العودة إلى تصدر المشهد عندما حل أولا في الانتخابات النيابية التي جرت في مايو/ أيار 2021، مستفيدا من نسبة المقاطعة الكبيرة في تلك الانتخابات.

"جبهة القوى الاشتراكية" تستعد لعقد مؤتمرها السادس نهاية العام

وفي السياق نفسه، تستعد "جبهة القوى الاشتراكية"، أقدم أحزاب المعارضة السياسية في الجزائر، لعقد مؤتمرها العام السادس نهاية العام الجاري.

وقررت الهيئة الرئاسية التي تدير الحزب إرجاء تاريخ عقد المؤتمر إلى ما بين 8 و10 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، بعدما كان مقرراً عقده نهاية الشهر الجاري، بهدف استكمال الترتيبات الخاصة بالمؤتمر.

ويشهد الحزب حضورًا شبابيًا لافتا لقياداته المحلية والمركزية في الفترة الأخيرة، بعد تنحي أو رحيل القيادات السابقة، كما يراهن الحزب على المؤتمر القادم لحسم الانقسامات التي كانت عصفت به قبل عامين، حيث كانت القيادة الحالية قد اضطرت إلى اللجوء إلى القضاء لاستعادة المقر من القيادة السابقة، كما كانت توجهات الحزب محل خلاف بين هذه القيادات، إذ تبنت القيادة السابقة بقيادة علي العسكري مواقف راديكالية ضد السلطة، ورفضت الحوار معها بأي شكل.

"حركة مجتمع السلم" تبدأ بتحضير اللوائح السياسية لعرضها على المؤتمرات الجهوية

ويبدو أن مؤتمر "حركة مجتمع السلم" (أكبر الأحزاب الاسلامية في الجزائر) سيكون أكثر المؤتمرات إثارة للجدل والمتابعة السياسية بين الأحزاب. وتحوز الحركة على أكبر كتلة معارضة في البرلمان.

وبدأت لجنة تنظيم المؤتمر العام في تحضير اللوائح السياسية لعرضها على المؤتمرات الجهوية قبل انعقاد المؤتمر.

وخلال الأسبوع الماضي، عقد اجتماع مع مكتب الحركة للتنسيق بشأن تحديد تاريخ المؤتمر، ووضع الرزنامة الزمنية، تمهيدا لعرضها على مجلس الشورى المقبل، لتحديد تاريخ المؤتمر الذي سيشهد انتخاب قيادة جديدة للحركة، بعد عشر سنوات قاد فيها عبد الرزاق مقري الحزب.

وعلى الرغم من أحاديث هامشية تدور عن إمكانية أن يقدم رئيس الحركة على طرح تغيير للقانون الأساسي بما يسمح له بتولي عهدة ثالثة على رأس الحركة؛ فإن ذلك مستبعد بالنظر إلى حرص الحزب الإسلامي على تكريس التداول الديمقراطي على القيادة، إضافة إلى أن رئيس الحركة نفسه أعطى إشارات تؤكد تنحيه في المؤتمر المقبل.

وكتب رئيس الحركة قبل أيام على صفحته على "فيسبوك": "لا شك أن اقتراب نهاية عهدتي في هياكل الحركة تقتضي مني التخفف من المسؤوليات قبل الأوان، ليكون الانتقال سلسا في موعده لمصلحة الحركة ومصلحة الجميع".

ولا يعلق مراقبون تطلعات كبيرة بشأن أن تحدث مؤتمرات هذه الأحزاب حراكا جديا في الساحة الجزائرية، بسبب الضوابط وظروف البيئة السياسية في الجزائر، والتي تضع الأحزاب على هامش القرار والخيارات السياسية للبلاد، خاصة بعدما نجحت السلطة في إعادة ترتيب بيتها واستعادة زمام المبادرة بعد الهزة الحادة التي أحدثها الحراك الشعبي عام 2019.

وقال المحلل السياسي قاسم حجاج، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن المؤتمرات المقبلة للأحزاب الثلاثة، على أهميتها ودور هذه القوى في المشهد العام في البلاد؛ فإن الثوابت السياسية في الجزائر، لا تعطي هامشا كبيرا لتأثير الأحزاب في صناعة القرار، سواء كانت من الموالاة أو من المعارضة.

وبحسب حجاج، فإن هذه المؤتمرات قد تكون مهمة لقواعد الأحزاب وقياداتها لتثبيت نفسها أو خياراتها، لكنها ليست بذات أهمية بالنسبة للتأثير على السلطة أو الواقع السياسي، "لكون بقاء قيادة أو قدوم أخرى في هذه الأحزاب لا يغير من الأمور شيئا".

المساهمون