يصادف اليوم، السابع من إبريل/ نيسان، الذكرى الثالثة لمجزرة الكيميائي التي ارتكبتها قوات النظام السوري، عام 2018، في مدينة دوما في غوطة دمشق الشرقية، وأودت يومها بحياة ما لا يقلّ عن 70 شخصاً، بينهم أطفال ونساء، بحسب تقارير إعلامية وحقوقية.
وقال العديد من الناشطين يوم الحادثة، لـ"العربي الجديد"، إن طائرات قوات النظام ألقت مجموعة من البراميل المتفجرة التي تحتوي على غازات سامة، يرجَّح أنّ أساسها غاز السارين، ما سبّب اختناق قرابة ألف شخص، ووفاة 70 على الأقل.
استخدم النظام في الهجوم مزيجاً مطوراً من غاز السارين
وبحسب خبراء عسكريين، فقد استخدم النظام في الهجوم مزيجاً مطوراً من غاز السارين، من خلال مزجه بمادة كيميائية أخرى، تخفف من حدته، وتصعب عمليات الكشف عنه، موضحين أنّ الغاز المستخدم مشابه لذلك الذي استُخدِم في قصف الغوطة الشرقية، في أغسطس/ آب عام 2013، في هجوم كيميائي قتل نتيجته نحو 1500 شخص.
وقال الضابط المنشق عن النظام، مدير مركز التوثيق الكيماوي السوري، زاهر الساكت، في حديث سابق لـ"العربي الجديد"، إن "الأعراض التي ظهرت على المصابين (تضيّق حدقتي العينين)، تدل بشكل لا يقبل التشكيك على أن الغاز الذي استنشقوه هو غاز السارين".
وأعادت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" التذكير بالمجزرة في أحدث تقاريرها، قائلةً: "شن النظام السوري يوم السبت في 7 إبريل هجومين كيميائيين على مدينة دوما بمحافظة ريف دمشق؛ وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 39 مدنياً بينهم 10 أطفال و15 سيدة اختناقاً، فضلاً عن إصابة قرابة 550 شخصاً. جميع الضحايا قضوا في الهجوم الثاني، إثر إلقاء طيران مروحي تابع للنظام السوري برميلين متفجرين محملين بغاز سام على منطقة النعمان في المدينة".
وأضافت الشبكة: "مضت ثلاث سنوات ولم يتحقق أي شكل من أشكال المحاسبة، وما زال النظام السوري مستمراً في الإفلات من العقاب، الأمر الذي يشجعه على الاستمرار في ارتكاب الانتهاكات واستخدام أسلحة دمار شامل".
إفلات النظام من العقاب يشجعه على الاستمرار في ارتكاب الانتهاكات
وعلى خلفية الحادثة، كانت قد أرسلت "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية" بعثة لتقصي الحقائق إلى دوما، في منتصف إبريل/ نيسان 2018، أي بعد نحو أسبوع من الهجوم.
وجاء في تقرير نقلته وكالة "رويترز" عن المنظمة أنه "عُثر على مواد كيميائية عضوية مختلفة، تحتوي على الكلور في عيِّنات أُخذت من موقعين، لكن لم يُعثَر على أدلة على استخدام غازات أعصاب".
واتهمت واشنطن ودول غربية أخرى يومها قوات النظام السوري بالمسؤولية عن هجوم دوما.
وفي الثامن عشر من إبريل/ نيسان من العام ذاته، رفضت روسيا مشروع قرار فرنسي في مجلس الأمن، لإجراء تحقيق جديد لتحديد المسؤول عن هجمات بأسلحة كيميائية في سورية، واعتبر مندوبها في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، خلال الجلسة، أنه لا جدوى من التحقيق، "لأن الولايات المتحدة وحلفاءها تصرفوا على أنهم القاضي والجلاد بالفعل".
ووصل المجلس إلى طريق مسدود بشأن كيفية إيجاد بديل للجنة تحقيق مشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، كان المجلس قد أنشأها في 2015، بهدف تحديد المسؤول عن هجمات بالغاز السام.
وكانت تحقيقات سابقة للجنة قد توصلت إلى أنّ النظام السوري استخدم مرات عدة غاز السارين، واستخدم أيضاً الكلور كسلاح ضد معارضيه.
كذلك، اتهمت التحقيقات تنظيم "داعش" باستخدام غاز الخردل. وكان الفيتو الروسي في مجلس الأمن الحامي الدائم للنظام.
من جانبه، أكد الائتلاف الوطني السوري المعارض أن "المسؤوليات المتعلقة بهذه الجريمة لن تسقط عن أي طرف تورط في تنفيذها أو التخطيط لها أو التغطية عليها، كذلك إن دور المجتمع الدولي واكتفاءه بمراقبة المجازر وهي تقع، ومن ثم عدم قيامه حتى اليوم بتحمل مسؤولياته تجاه معاقبة المجرمين أمر يتطلب مراجعة وتصحيحاً فورياً".
وقال الائتلاف، في بيان له: "ارتباط النظام الكامل وتورطه بسلسلة مستمرة من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم استخدام الأسلحة الكيميائية بات أمراً محسوماً وموثقاً ومثبتاً، ما يحيل الأمر على المجتمع الدولي والأطراف الدولية الفاعلة، لأخذ دورهم في معاقبة المجرمين من خلال التدخل العسكري ضمن الفصل السابع وإحالة القتلة على محكمة الجنايات الدولية، بالإضافة إلى إيجاد آليات لتجاوز التعطيل الروسي المستمر لمسار العدالة في سورية".
وشدد البيان على أن "النظام المجرم حوّل حياة السوريين إلى سلسلة من الذكريات المؤلمة، لكن الشعب السوري مصمم على المضي قدماً في ثورته ليصنع أعظم ذكرى في تاريخ سورية، وهي لحظة التخلص من هذا النظام المجرم، والانتقال إلى سورية الجديدة، سورية الحرية والكرامة والاستقلال".