تونس: معتقلون سياسيون يعلنون الإضراب عن الطعام

12 فبراير 2024
تجمع لناشطين تونسيين خارج المحكمة العليا يطالبون بتحرير المعتقلين (ياسين جايدي/الأناضول)
+ الخط -

أصدر معتقلون سياسيون في تونس بياناً للرأي العام، مساء أمس الأحد، أعلنوا فيه دخولهم في إضراب عن الطعام، اعتباراً من اليوم الاثنين، احتجاجاً على مرور سنة على اعتقالهم دون أي جريمة.

ومن داخل سجن المرناقيّة، قال الموقعون على البيان، وهم الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابّي، وعضوا جبهة الخلاص جوهر بن مبارك ورضا بلحاج، والأمين العام السابق للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، والناشط السياسي خيام التركي، والقيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، إن سنة كاملة مضت على "اعتقالنا على خلفيّة ملف قضائيّ مفبرك فاقد لأيّ إثباتات أو أدلّة ماديّة من شأنها أن تبرّر ترسانة التّهم التي وجّهت إلينا من قبل وكالة الجمهوريّة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب".

وأضاف البيان أن "هذه الاعتقالات جاءت بهدف التخلّص من معارضين أعلنوا موقفهم المبدئي والواضح من انقلاب 25 جويلية 2021 من جهة أولى، ولقطع الطّريق أمام مبادرة وطنيّة عمل عليها البعض منّا بغاية إنجاز مؤتمر المعارضة للحوار السّياسيّ، لتقييم المسار الذي اتّبعته بلادنا بعد الثّورة بكلّ مسؤوليّة وجرأة ولتقديم حلول عمليّة لإخراج تونس من المأزق الذي تردّت فيه نتيجة فشل المنظومة الحاليّة في إدارة الدّولة وتخطّي الأزمة الماليّة والاقتصاديّة الخانقة وفي تحسين الظّروف المعيشيّة للتّونسيين من جهة ثانية".

وأكد عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين، المحامي سمير ديلو، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "المعتقلين السياسيين منذ انطلاق حملة الإيقافات في 11 فبراير/شباط 2023 يُعدون بالعشرات"، مبيناً أن "عدد ملفات قضايا التآمر على أمن الدولة بلغ نحو 15 قضية مستقلة، وكل واحدة منها فيها عدد من المتهمين".

وأضاف ديلو أن "التهم موجودة ولكن الإثباتات غائبة، وهناك عدد من الموقوفين لم يتم سماعهم بتاتاً إلى اليوم، على غرار أحمد المشرقي (برلماني سابق في النهضة ورئيس ديوان البرلمان المنحل)، وتم تمديد سجنه مع أحمد النوري دون حتى استنطاقهما منذ توقيفهما في شهر إبريل/ نيسان من العام الماضي".

وأشار إلى أنه "بعد سنة منذ انطلاق الاعتقالات نستنج أن خلفية هذه القضايا سياسية، والخروقات كثيرة وبلا أدلة دون احترام أدنى شروط المحاكمة العادلة"، مشدداً على أنه "طالما يتواصل هذا الانغلاق السياسي ستتواصل المحاكمات السياسية، خاصة بعد تردي المنظومة القضائية بحل المجلس الأعلى للقضاء واستهداف القضاة بالعزل، ما جعل القضاة يعملون تحت الخوف".

وأوضح ديلو أن ما يجري هو "سابقة قانونية، فعلاوة على غياب البراهين في القضايا فإنه يمنع التداول والحديث عنها، فلا السلطة توضح ولا الدفاع يصرح، وهذا دليل على أن السلطة لا تملك تبرير هذه الإيقافات"، مشيراً إلى أن "ضرب المعارضة بالاعتقالات تحقق إلى حد ما، فليس الخوف هو السبب الوحيد الذي يفسر تصحر الساحة السياسية ولكنه من بين الأسباب التي تفسر عدم الإقبال على العمل السياسي لأن كلفته المحاكمات والاعتقالات والملاحقات "، حسب توصيفه.

السجن لكل من يعارض في تونس

وقال الناشط السياسي في جبهة الخلاص الوطني عز الدين الحزقي إن "الاعتقالات السياسية شملت كل الأطراف وكل من يعارض المنقلب يتم الزج به في السجن"، مبيناً في تصريح لـ"العربي الجديد"، على هامش مشاركته في وقفة لجبهة الخلاص، مساء الجمعة، أن "ما حصل غير مسبوق، لأنه يتم الزج بهم في السجون ثم البحث عن تهم لهم، وهذا غير منطقي ويعد جريمة في حق الإنسانية".

وأضاف الحزقي أن "البلد الذي عرف ثورة وعاش الحرية يعيش اليوم وضعاً من المهانة"، مبيناً أن "حلم الديمقراطية مستمر، ولا تنمية ولا تقدم دون ديمقراطية، فالبلدان المتقدمة حرة والمتخلفة تعيش العكس".

وقال القيادي في جبهة الخلاص رياض الشعيبي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "سنة مرت على الاعتقالات، ولم تثبت السلطة أي شيء ضد المعتقلين، وهذا دليل على أن الأسباب سياسية وليست هناك أفعال إجرامية والقضايا ضدهم باطلة".

وأضاف الشعيبي أن "الاعتقالات السياسية أثرت على المعارضة ووضع جزء من قادتها في السجون واعتقالهم سيؤثر بالتأكيد على أدائها"، موضحاً أن "المعركة اليوم هي معركة الدفاع عن مكاسب التونسيين، وأن تكون لهم انتخابات نزيهة، ولكن المناخ اليوم لا يؤشر إلى أن الانتخابات ستكون حرة ونزيهة".

وعن مستقبل المعارضة في تونس وتحركاتها القادمة، أكد الأمين العام لحركة النهضة، العجمي الوريمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "هناك عدة دعوات لتوحيد المعارضة، وقد وجدت مبادرة للناشط السياسي خيام التركي، والتي كانت وراء الاعتقالات السياسية، وقد كانت محاولة جدية ولكن تم قطع الطريق وإجهاضها وهي في بدايتها حتى قبل أن تتبين مضامينها"، مبيناً أنّ "السنة الحالية سنة انتخابية مفصلية، فبعد تبيّن نتائج مسار 25 يوليو/ تموز واتضاح الرؤية أكثر بعد دورة ثانية من انتخابات المجالس المحلية وبعد أربع سنوات من حكم قيس سعيّد، فإنه من غير المستبعد ظهور مبادرات عن منظمات أو شخصيات وطنية".

وأضاف المتحدث أن "هذه الأطراف قد تقترح مبادرات لحوار وطني"، موضحاً أنه "ليس بالضرورة أن يكون الجميع ضمن مسار سياسي موحد، بل المهم ميثاق أو مدونة سلوك تضمن العيش المشترك، وكل طرف يقدم خريطة طريق ويترك المجال للتونسيين أن يقرروا".

المساهمون