قرر مكتب البرلمان التونسي عقد جلسة عامة الأربعاء القادم، 30 مارس/آذار، لإلغاء الإجراءات الاستثنائية التي فرضها الرئيس التونسي قيس سعيد منذ 8 أشهر، وأثار قرار البرلمان جدلاً سياسياً وقانونياً.
وأكد عضو مكتب البرلمان المكلف بالإعلام والاتصال، ماهر مذيوب، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "مكتب المجلس قرر اليوم، وبأغلبية أعضائه، عقد جلسة عامة الأربعاء 30 مارس لإلغاء الإجراءات الاستثنائية التي أقرها الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 يوليو 2021".
وأضاف أن "مكتب البرلمان نظر في طلب كتابي مقدم من 30 نائباً لعقد هذه الجلسة العامة، ووافق على هذا الطلب بإجماع المشاركين"، مضيفاً أن "المكتب أقر طلباً ثانياً تقدم به النواب يتعلق بعقد جلسة للنظر في الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية الخطيرة البلاد حدد موعدها يوم السبت 2 إبريل/نيسان القادم".
وبين مذيوب أن "مكتب البرلمان في حالة انعقاد دائم بقرار منذ اجتماع 26 يوليو/تموز الماضي غداة إعلان رفضه للإجراءات الاستثنائية فور إعلانها" مشيراً إلى أن "المكتب يمكنه الانعقاد في أي مكان من تراب البلاد في الحالات الإستثنائية"، مذكراً في سياق متصل بأنه "يمكنه الانعقاد عن بعد كما تم إقراره في جلسة سابقة بتاريخ 25 يوليو".
وقال رئيس كتلة تحيا تونس بالبرلمان، مصطفى بن أحمد، في تصريح لـ"العربي الجديد" إنه "صحبة مجموعة من النواب قاموا بتوقيع بيان ودعوا إلى عقد جلسة عامة استشارية، سواء باجتماع المكتب أو دونه، لوضع حد لهذا الوضع الإستثنائي الذي تعيشه البلاد".
وأضاف بن أحمد "نحن لم نطلب من مكتب البرلمان شيئاً لا عقد جلسة ولا عدمها" مستدركاً "مادام المكتب ذهب في نفس الاتجاه فمرحباً بذلك وهو أفضل، ولكننا لم نطلب شيئاً من المكتب"، وتابع "طلبنا عقد جلسة للتشاور ولبحث الصيغ الممكنة لوضع حد للحالة الاستثنائية التي طالت أكثر من اللازم".
وشدد بن أحمد على أنه "سيحضر جلسة 30 مارس وسيواكبها، كما سيحضره النائب عن نفس كتلة تحيا تونس وليد جلاد" موضحاً أن "الحضور خيار شخصي ولا يلزم بقية نواب تحيا تونس".
ورجح بن أحمد "مواكبة جميع الموقعين على البيان الداعي لعقد جلسة عامة، والذي يناهز عددهم 30 نائباً، من كتل مختلفة من بينها التيار الديمقراطي وكتلة الإصلاح والوطنية ومستقلون".
ويرجح أن يشارك في الجلسة العامة المزمع عقدها الأربعاء نحو 120 نائباً، من كتل مختلفة، بحساب كتلة حركة النهضة المقدر عدد أعضائها ب 54 نائباً، قبل انسحاب عدد من الغاضبين لخلافات داخلية، ولكنهم يساندون كل المسارات المناهضة للانقلاب، بالإضافة إلى نحو 18 عضوا بكتلة ائتلاف الكرامة وربما جزء من كتلة قلب تونس التي يبلغ عددها 30 نائباً بالإضافة إلى نحو 30 نائباً من كتل مختلفة من التيار الديمقراطي والإصلاح وتحيا تونس والكتلة الوطنية، ممن طالبوا سلفاً بعقد الجلسة مع إضافة عدد من المستقلين وغير المنتمين الرافضين للانقلاب الذي يقدر عددهم بـ 10 نواب.
من جانب آخر، يمكن حصر الرافضين قطعاً في كتلة الدستوري الحر 16 نائباً ونواب حركة الشعب الذي يقارب 16 عضواً ومن كتل مختلفة أخرى، لا يرتقي عددهم لـ 60 نائباً معترضاً.
وأثار القرار جدلاً دستورياً وقانونياً واسعاً في تونس، وقالت أستاذة القانون الدستوري وخبيرة الشأن البرلماني، منى كريم الدريدي، في تصريح لـ"العربي الجديد" إنه إذا سلمنا بمواصلة العمل بدستور 2014، وقناعتي أن الدستور مازال قائماً ولم يتم إلغاؤه لأن الدساتير لا تلغى بهذه الطريقة بإجراء استثنائي" وتابعت "إذا سلمنا أن ما أقره رئيس الجمهورية بشكل أحادي يندرج في إطار الاجراءات الاستثنائية طبقاً لمنطوق البند 80 من الدستور، فإن إيقاف هذه الإجراءات يضبطه نفس البند 80 من الدستور الذي ينص صراحة على وجوب تدخل المحكمة الدستورية لتكييف تواصل الخطر الداهم من عدمه، والمحكمة الدستورية لا تتعهد من تلقاء نفسها بل يتم تعهيدها بطلب من 30 نائباً".
وأضافت أنه "من الناحية القانونية الصرفة، وإذا سلمنا بما سبق فإن الشروط غير متوفرة، لعدم وجود المحكمة الدستورية حتى وإن كان إعلان الإجراءات الاستثنائية باطلاً من أساسه ولا يستقيم" وشددت بالقول "لا يمكن إصلاح ما هو باطل بإجراء باطل.. فلا يمكن إصلاح الإجراء الباطل الذي اتخذه سعيد بقرار باطل من البرلمان".
وتابعت من جهة أخرى، أنه "إذا سلمنا أننا اليوم في إطار سياسة الأمر الواقع يعني لم يعد هناك دستور وتم الخروج عن البند 80 وأصبحنا في ظل الأمر المنظم للسلط العمومية يضبطه الأمر الرئاسي 117 الذي أصدره سعيد، فإنه حتى هذا الأمر لا ينص على طريقة إنهاء الإجراءات الاستثنائية، لأنه أعطاه بمفرده كل السلط وأعطاه سلطة إقرار إعلان حالة الاستثناء وإنهائها".
وببنت أنه "إذا سلمنا بأن كل الإجراءات قانونية فإنه لا يوجد في النظام الداخلي ما يسمح لمجلس نواب الشعب بهذا الاختصاص، لأن الاختصاصات تم ضبطها بصفة حصرية بما يعني عدم وجود أي أساس دستوري أو قانوني لتدخل مجلس نواب الشعب".
وأضافت أنه "صحيح أن البلاد خرجت من منطق القانون والدستور ولكن لا يمكن إصلاح الباطل بباطل أكثر منه"، وشددت أستاذة القانون الدستوري أنه "لا يوجد أي عقلانية ولا منطق في ما يقدم عليه البرلمان، مشيرة إلى أننا في مأزق قانوني وسياسي"، وتابعت "لا توجد أي سلطة اليوم في البلاد تتصرف وفق القانون ووفق الدستور، فكل سلطة تريد أن تفرض منطق الأمر الواقع".
وحول البنود المتعلقة بعرض المراسيم على البرلمان قالت كريم إننا "لسنا أمام هذه الفرضية، التي تتم إما إثر حل مجلس نواب الشعب والبرلمان، ولم يتم حله بشكل قانوني بل تم إيقاف عمله ومهامه بمنطق القوة، أو أن يتم التفويض من مجلس النواب للحكومة عبر مراسيم لمدة شهرين ونحن لسنا في هذه الفرضية أيضاً".
وأكدت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، أنها ستتوجه للقضاء لإبطال جلسة مكتب البرلمان المنعقد، قائلة في فيديو بثته على صفحتها الرسميّة، إن "ما تم الإعلان عنه اليوم، يحيلنا إلى منعرج خطير".
وأضافت أن "الجلسة العامة المزمع عقدها يوم 30 مارس 2022 تم إعداد مخرجاتها مسبقاً وتسرّبت النقاط التي سيتم اتخاذها وعلى رأسها تعليق العمل بالفصل 80".
واعتبرت موسي أن ""ما يحيكه الغنوشي والمشاركون في هذه الجلسة هدفه إثبات عدم شرعية الحكومة وعدم شرعية مجلس القضاء والقرارات التي اتخذها سعيّد ليثبتوا للعالم أنهم شرعيون وسعيّد غير شرعي".