- "محامون بلا حدود" ورؤساء منظمات حقوقية ينتقدون تدخل السلطة التنفيذية في القضاء ويدعون لإطلاق سراح المعتقلين ومساجين الرأي.
- وقفة احتجاجية بالعاصمة تونس تضامناً مع المعتقلين السياسيين، مع تحذيرات من انهيار الدولة وضرورة الإفراج الفوري عن المعتقلين.
طالبت منظمات تونسية ودولية، اليوم السبت، بضرورة احترام القانون وعدم توظيف القضاء للزج بالمعارضين في السجون، مهددة باللجوء إلى القضاء الدولي إذا تواصل الاحتجاز التعسفي للمعتقلين السياسيين. وعقدت المنظمات ملتقى وطنيا، اليوم، للدفاع عن ضحايا توظيف القضاء والمحاكمات غير العادلة، داعية إلى ضرورة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
وقال مدير مكتب "محامون بلا حدود" في تونس، رامي الخويلي، في تصريح لـ"العربي الجديد" إنه "مرت 14 شهراً على اعتقال المعارضين السياسيين، في خرق واضح للقانون ولمجلة الإجراءات الجزائية بإيقاف تعسفي"، موضحاً أن "منظمة محامون بلا حدود ومنذ يوليو/تموز 2023، تقدمت بطلب رأي إلى مجموعة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، وهي في انتظار رأيها حول الاحتجاز القسري للمعارضين السياسيين في تونس، ولكي تتمكن محامون بلا حدود من اتخاذ الخطوات القادمة".
وقال الخويلي إنهم "في البداية كانت لديهم شكوك في أن الإيقاف الذي شمل المعارضين السياسيين للرئيس قيس سعيد هو تعسفي، وهو ما دفعهم إلى طلب رأي مجموعة العمل الدولية، ولكن اليوم مع مواصلة رفض السلطة تطبيق القانون وإطلاق سراح المعتقلين بعد تجاوز مدة الاحتفاظ القصوى، فإن كل يوم يمر يؤكد الإيقاف التعسفي". وأشار إلى أن "القضية مسيّسة وهناك تدخّل في القضاء، وتعنت واضح من قبل السلطة التنفيذية للتنكيل بالمعارضين، خاصة وأن المشرّع حدد فترة احتفاظ مدتها 14 شهرا لأنها أكثر من كافية للبت في القضية، ومن غير المعقول أنّ قضية بهذا الحجم تم فيها تسخير كل أجهزة الدولة ولم يتم توجيهها إلى دائرة الاتهام لتقول كلمتها، كما أن التأخير الذي حصل لا يهم المعتقلين، بل الأجهزة التي لم تقم بدورها".
وقال رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بسام الطريفي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هناك إرادة سياسية واضحة لتركيع القضاء تحت طائلة التخويف والتهديد"، مبينا أن "هذا الأمر لا ينسحب فقط على السجناء السياسيين المعتقلين تعسفيا، بل أيضا على الناشطين والمدونين والإعلاميين". وأكد أن "عدة محاكمات تتم على خلفية المرسوم 54، وهي وسيلة تعتمدها السلطة التنفيذية لتركيع القضاء وعزل القضاة وترقية من تشاء، وملاحقة المعارضين". وبيّن الطريفي أن "المنظمات والمجتمع المدني يطلقون صيحة فزع، بعد تجاوز دائرة الاتهام فترة الإيقاف التحفظي بالنسبة للمعتقلين السياسيين، وكل يوم يمر يعتبر احتجازاً تعسفياً"، مؤكدا أن "الدعوة اليوم ملحّة لتطبيق القانون وجعل القضاء يعمل بأريحية، ولابد من تطبيق شروط المحاكمة العادلة ورفع اليد عن القضاء وإطلاق سراح المعتقلين ومساجين الرأي".
وأكدت مديرة مكتب منظمة هيومن رايتس ووتش في تونس سلسبيل شلالي أن "السجناء السياسيين أو سجناء الرأي في السجن، لأنهم عبّروا عن آرائهم، وعارضوا قيس سعيد، وظلت ملفات الاتهام من دون أي دليل"، مضيفة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "عشرات المعتقلين تم إيداعهم بطريقة تعسفية، وأنهم إزاء محاكمات غير عادلة، لأن شروط المحاكمة من حياد القضاء غير متوفرة". وأضافت الشلالي أن "هناك عدة خروقات تشمل الحق في الدفاع، والسلطة تستعمل قانون مكافحة الإرهاب لمواصلة احتجاز المعتقلين السياسيين، وحتى المحامين المدافعين عنهم يتم استهدافهم"، مبينة أنه "لابد من تطبيق القوانين الدولية والدفع نحو قضاء مستقل لإطلاق سراح السجناء السياسيين الذين ما كان يجب أن يكونوا في السجن".
ويرى عضو الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، جابر واجة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "لا بد من الدفاع عن ضحايا المحاكمات غير العادلة، بمن في ذلك السياسيون وضحايا الرأي"، مبينا أن "هناك تطورات خطيرة في وضع الحقوق والحريات في تونس، وهناك تعسف على القضاء وتهميش للقانون". وبين واجة أنه "في ظل مناخ الخوف المسلّط على القضاء من قبل السلطة التنفيذية ووزارة العدل، لابد من تكثيف المساعي وتضافر جهود المنظمات ومكونات المجتمع المدني لنصرة المعتقلين، خاصة وأن تونس صادقت على عدة مواثيق دولية، ويعتبر القضاء الدولي حلا من الحلول عند استنفاذ كل الشروط والآليات الوطنية، ولكن يبقى توعية الرأي العام الوطني حلا سيتم اللجوء إليه عندما تغلق السبل لنصرة كل من يتم الزج به ظلما في السجن".
وقفة احتجاجية وسط العاصمة تونس
إلى ذلك، نظمت جبهة الخلاص الوطني المعارضة، مساء اليوم السبت، وقفة احتجاجية وسط العاصمة تونس، للتضامن مع المعتقلين السياسيين. وقال المنظمون إن "تونس دخلت رسميا مرحلة اللا قانون، وهو مؤشر خطير"، محذرين من "انهيار الدولة".
وقال الأمين العام لحركة النهضة، العجمي الوريمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "المطلوب الآن هو الإفراج الوجوبي عن المعتقلين، لأن عدم احترام ذلك والتجاهل الذي تمارسه السلطة التنفيذية يدخلنا في وضعية لا قانونية".
وأضاف الوريمي أن "عدم احترام الإجراءات وتطبيق القانون يعني انهيار الدولة"، مبينا أن "على تونس احترام اتفاقياتها وتعهداتها وقانونها، ومن يحكمون اليوم سيعرّضون البلاد إلى المساءلة والمحاسبة وربما إلى عقوبات".
من جانبه، قال رئيس حزب العمل والإنجاز، عبد اللطيف المكي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "كل المختصين في القانون والمحامين يؤكدون اليوم عدم تطبيق الإجراءات وعدم احترام السلطة للقانون، بمواصلة احتجاز المعتقلين"، مبينا أن "الأمر تحول إلى احتجاز وليس احتفاظا قانونيا"، مبينا أن "التحركات السلمية ستستمر"، و"سيناضلون مع كل القوى المدنية والسياسية لرفع هذه المظلمة".
بدوره، قال عضو جبهة الخلاص الوطني عز الدين الحزقي في كلمة له خلال الوقفة، إنه سيلاحق كل من تسبب في الزج بابنه (الناشط السياسي جوهر بن مبارك) في السجن، وسيلاحقهم دوليا، مبينا أن "هؤلاء لا يحترمون القانون وسيتم تحميلهم كل ما سيحصل لابني بعد انتهاء مدة الاحتفاظ". وأضاف: "اغتصبوا المؤسسات وخطفوا النشطاء، ونكلوا بالعائلات. المحاسبة آتية".
وقالت زوجة القاضي المعتقل البشير العكرمي، منى الغربي، إن "تونس تتسع للجميع بعيدا عن الديكتاتورية"، مبينة في كلمة لها أن "قيس سعيد أثبت فشله، وعدم احترامه للقانون". ودعت القضاة إلى "مراجعة حساباتهم، لأن المحاسبة آتية والسجون تنتظر كل من خالف القانون وزج بالمعتقلين في السجن".