شهدت وقفة احتجاجية لجبهة الخلاص الوطني التونسية ومناصريها، اليوم الأحد، تضييقات غير مسبوقة ومناوشات مع قوات الأمن، التي منعت المحتجين من الاحتجاج أمام بلدية المنيهلة في محافظة أريانة بضاحية تونس، التي تحتضن المسكن الأصلي للرئيس قيس سعيّد قبل توليه الرئاسة.
وإثر انتهاء المظاهرة، أصدرت جبهة الخلاص بياناً، قالت فيه: "على الرغم من محاولات السلطة السياسية منع اجتماع جبهة الخلاص الوطني بمنطقة المنيهلة؛ فقد نجحت الجبهة في عقد اجتماع جماهيري وتبليغ رسالتها السياسية في مقاومة الانقلاب".
وتوجهت الجبهة بالشكر لـ"أهالي المنيهلة على حضورهم واحتضانهم تحركاتها ودفاعهم عن قيم الحرية والعدالة الاجتماعية، وإنجاحهم هذا الاجتماع وتصديهم للمليشيات الفاشية الداعمة للسلطة".
واستنكرت في المقابل "الهجمة التي قام بها بضعة أنفار من مليشيات قيس سعيّد على الاجتماع واستعمالهم العنف المادي واللفظي ضد قيادات الجبهة ومناضليها، الأمر الذي بات يهدد بجدية حرية العمل السياسي والحق في حرية الاجتماع والتعبير، ويؤكد مضي سلطة الانقلاب في سياساتها القمعية".
ودعت الجبهة عموم المواطنين والمواطنات إلى "المشاركة القوية في المسيرة، التي قررت جبهة الخلاص الوطني تنظيمها إحياء لذكرى الثورة وللمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، وذلك يوم 14 يناير/كانون الثاني 2023 عند الساعة 11 صباحاً، انطلاقاً من ساحة الباساج ووصولاً الى شارع الحبيب بورقيبة".
"الشعب غاضب"
ورغم محاولة المحتجين اللجوء إلى الشوارع المتاخمة، إلا أن قوات الأمن لاحقتهم إلى هناك، طالبة منهم إنهاء الوقفة، وقد حصلت مناوشات مع بعض المساندين للرئيس قيس سعيّد بمنطقة المنيهلة وسط تعزيزات أمنية كبيرة. ورفع المحتجون عدة شعارات مثل "ارحل ارحل" و"يسقط يسقط الانقلاب" و"يسقط قيس سعيّد" و"الشعب يريد ما لا تريد".
وقال رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي، في كلمة مقتضبة، أن "تونس ستبقى أبية مزدهرة، والموعد سيكون في 14 يناير/ كانون الثاني"، مضيفاً أن "الشعب غاضب في كل مكان، حتى في المنيهلة، والقوات الأمنية، رغم كل شيء، حاولت الحفاظ على مهنيتها في تأمين المسيرة الاحتجاجية". وأكد الشابي أن "الجبهة ستعمل على مقاضاة السلطة الإدارية لمنعها اجتماع اليوم".
وقال نائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "تم منذ أمس السبت محاصرة مكان الاحتجاج، وتقريباً كل مداخل المنيهلة حوصرت"، مؤكداً أن "هناك عدة مضايقات ومنع من الاحتجاج، كما تم منع المحتجين من التعبير عن رأيهم رغم الإصرار على حق التنظيم والدفاع عن حقهم".
وأكد رئيس حزب أمل وعمل عبد اللطيف المكي، في كلمة له، أن "خلاصة اجتماع اليوم أن قيس سعيّد يقمع الحريات من خلال محاولة منع هذه الوقفة باستعمال سلطته السياسية"، مضيفاً أنه "يعتمد على مليشيات تعتدي على الحريات"، وأن "قيس سعيّد لا يملك أي حلول للبلاد"، مشيراً إلى أنهم "سيبقون صامدين إلى آخر رمق لإسقاط الانقلاب".
وأوضح المكي أن "المنيهلة تحتضن الديمقراطية والثورة وترفض الانقلاب، مبيناً أن السلطة السياسية من خلال منعها الوقفة وضعت قوات الأمن في حرج كبير، ولكن الأمن حاول قدر الإمكان القيام بدوره".
وشدد القيادي في حركة النهضة، عجمي الوريمي، على أنهم "يحتجون اليوم لقول لا للانقلاب، وأنه آن الأوان لإيجاد حل"، مضيفاً في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "أصل الاجتماع أن يكون في ساحة البلدية، ولكن تم تطويق المكان، وتم منع المحتجين والمواطنين من التعبير عن رأيهم ومن القول إنهم ضد السياسة المتبعة من السلطة وضد حكم الفرد". وأضاف الوريمي أن "البلاد في ورطة ومأزق، وكثرة المبادرات في هذه الفترة لا تعني الوصول إلى حل، ولا بد من إيجاده".
وأكد الناشط الحقوقي حمدة معمري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "قدم اليوم دفاعاً عن الحرية ولأنه ضد الانقلاب، وتونس تستحق الأفضل، ولا بد من الخروج من هذا الوضع، ومن ذلك الدستور المهزلة"، مؤكداً أن "الرئيس يعمل بمفرده، وقيادة المجتمعات لا تكون بحكم الفرد". وبيّن معمري أن "من حق أي مواطن التعبير عن رأيه، فطالما هناك سلمية، فلماذا يتم المنع، داعياً إلى حوار بين الجميع".
وأكدت الناشطة في المجتمع المدني ناجية العجيمي أنهم "فوجئوا بوجود مليشيات من المنحرفين والمراهقين ممن تمّ الزج بهم للتضييق عليهم"، مبينة في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "نفس هذه المليشيات خرجت في 26 يوليو/ تموز 2021 إبان الانقلاب".