توافق "حركة حماية البشتون" الباكستانية و"طالبان": حكومة عمران خان بخطر

03 مارس 2022
نظمت "حماية البشتون" تظاهرات للإفراج عن معتقلين (آصف حسن/فرانس برس)
+ الخط -

تتزايد المشاكل والملفات الشائكة في وجه الحكومة الباكستانية، تحديداً رئيس الوزراء عمران خان، ومن خلفه المؤسسة العسكرية، المتهمة من قبل المعارضة بدعمها لحزب "حركة الإنصاف" الحاكم، بل وإيصاله عبر التزوير إلى سدة الحكم، حسب زعمهم.
ومن القضايا المتفاقمة قضية تحرك البشتون، تحت مظلة "حركة حماية البشتون"، التي يربطها ملف المفقودين قسرياً بالأحزاب الانفصالية البلوشية، رغم الاختلاف الكبير في الأيديولوجيا والفكر.

كما أن مطلب خروج قوات الجيش الباكستاني من المناطق القبلية يعد مشتركاً بين الحركة و"طالبان" الباكستانية، التي تنشط، هذه الأيام، بقوة، ضد المصالح الحكومية والمؤسسة العسكرية في مختلف مناطق شمال غربي البلاد.

تظاهرات لـ"حماية البشتون" للإفراج عن المعتقلين

في 27 فبراير/شباط الماضي، نظمت "حركة حماية البشتون" تظاهرات في مناطق مختلفة من باكستان، مطالبة الحكومة بالإفراج عن جميع معتقلي الحركة، خصوصاً النائب عن منطقة وزيرستان والقيادي في الحركة محمد علي وزير، وهو أيضاً أحد رموز قبيلة وزير. ووزير موقوف، منذ ديسمبر/كانون الأول العام 2020، في سجن بإقليم السند بتهمة الإساءة لسمعة مؤسسات الدولة، خصوصاً العسكرية. وكلما بتت المحاكم الباكستانية بالإفراج عنه بكفالة في ملف ما، فتحت الحكومة ضده ملفاً آخر.

وكان علي وزير وجه، خلال خطاب في منطقة سهراب كوت بمدينة كراتشي، في ديسمبر 2020، انتقادات إلى المؤسسة العسكرية. وأدى رفضه دعوة مكتب العلاقات العامة في الجيش الباكستاني أن يطلب من المؤسسة العسكرية العفو، بحكومة السند إلى اعتقاله.

وقال زعيم "حركة حماية البشتون" منظور أحمد بشتين، أمام تظاهرة في 27 الشهر الماضي في مدينة كراتشي، "إننا ندعو الحكومة الباكستانية إلى أن تفرج في القريب العاجل عن علي وزير، وجميع المعتقلين من عناصر الحركة وقياداتها، وإلا فإن قبائل البشتون حينها ستكون مضطرة لأن تسير مسيرة انقلابية، ستفشل كافة قوى الدولة في مواجهتها".

طالب سيد أنوار داور برلمان السند بإسقاط التهم الموجهة إلى وزير

وقال القيادي في الحركة سيد أنوار داور، لـ"العربي الجديد": "نحن نطلب من كافة المؤسسات الباكستانية أن تتخذ خطوات عاجلة وفاعلة في حق علي وزير الذي يعاني من أمراض عدة، وهو يعيش في ظروف صعبة في سجن السند". ووجه رسالة خاصة إلى برلمان إقليم السند، قائلاً "إني أدعو برلمان السند، حيث يملك حزب الشعب الباكستاني فيه الأغلبية، أن يصدر قراراً بإسقاط جميع التهم الموجهة إلى علي وزير، ومن ثم سيتم الإفراج عنه".

وكان زعيم "حزب الشعب الباكستاني" بالوكالة النائب بلاول بوتو أعلن، في بيان صحافي في 26 فبراير الماضي، أن الأمر ليس من صلاحية البرلمان. وأشار إلى أن ملف وزير أمام المحاكم الباكستانية، وإلى حين أن تبت فيه فإنه لا يمكن للحكومة المحلية الإفراج عنه.

لكنه شدد، في المقابل، على أن الحكومة تقدم كافة التسهيلات، ومنها الرعاية الصحية له داخل السجن، مشيراً إلى أن "وضعه الصحي لا بأس به". ومنذ 13 فبراير الماضي، تنظم "حركة حماية البشتون"، بالإضافة إلى أحزاب قومية، اعتصاماً مفتوحاً أمام مقر البرلمان الإقليمي في السند، العاصمة الاقتصادية لباكستان.

الحكومة مصممة على مواصلة توقيف وزير

لكن يبدو أن الحكومة الباكستانية مصممة على المضي قدماً في الإبقاء على وزير موقوفاً، خصوصاً أنه ما زال مصراً على موقفه حيال المؤسسة العسكرية، رافضاً تقديم أي نوع من الاعتذار لها. ومنذ نشأتها، في مايو/أيار 2014، باتت "حركة حماية البشتون" تركز على ملفين مهمين: المعتقلين قسرياً، وخروج قوات الجيش من المناطق القبلية.

وتعتبر قضية المخفيين قسرياً من النقاط الرئيسية التي تربط بين "حماية البشتون" والحركات الانفصالية البلوشية، التي من أهم مطالبها الإفراج عن المعتقلين والمختفين. وتتهم الحركتان المؤسسة العسكرية والاستخبارات بإخفاء كل من يرفع صوته من قبائل البشتون والبلوش. ولا توجد إحصائية دقيقة حول عدد المختفين قسرياً، غير أنهم بالمئات وفق قيادات البلوش والبشتون.

وقضية الإخفاء القسري تفاقمت في مناطق شمال غرب البلاد وإقليم بلوشستان منذ العام 2002، بعد الغزو الأميركي لأفغانستان. وتتهم باكستان، منذ ذلك الوقت، الهند وأفغانستان بتمويل ودعم المسلحين البلوش.

توافق بين "حماية البشتون" و"طالبان"

كما باتت قضية خروج قوات الجيش من المناطق القبلية، أو على الأقل التخفيف من أعداد حواجزه، محط توافق بين "حركة حماية البشتون" وبين حركة "طالبان" الباكستانية.

فمنذ أن نشأت "حماية البشتون" وهي تدعو الجيش إلى تقليل أعداده أو خروجه بشكل كامل عن المناطق القبلية، بينما كان ذلك شرطاً أساسياً لـ"طالبان" الباكستانية من أجل المضي قدماً في الحوار مع الحكومة. كما اشترطت "طالبان" حصول هذا الأمر من أجل مواصلة وقف إطلاق النار المبرم بين الطرفين في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي انتهت في ديسمبر الماضي. غير أن وزير الداخلية الباكستاني شيخ رشيد وصف شروط "طالبان" بالتعجيزية. كما أن المؤسسة العسكرية ترفض بشكل كامل هذا المطلب.

تركز "حركة حماية البشتون" على ملفي المعتقلين قسرياً، وخروج قوات الجيش من المناطق القبلية

وقال الزعيم القبلي في مقاطعة شمال وزيرستان رقيب الله خان، لـ"العربي الجديد"، إن "المنطقة القبلية كانت آمنة للغاية، حتى خلال الحرب في أفغانستان". وأضاف: "لكن الأمن في المنطقة دُمر عند دخول قوات الجيش الباكستاني إليها. بدأت تصفية الزعامات القبلية بشكل ممنهج، وأنشأت فيها فروعا مسلحة مختلفة، تقف خلفها الاستخبارات". وتابع: "كما أن قضية الألغام باتت تهدد أمن هذه المنطقة. فقوات الجيش زرعت الألغام بشكل كبير، وأبناء القبائل يدفعون الثمن باستمرار. نحن لدينا زعامة قبلية كفيلة بأمن المنطقة، ومنذ القدم كان هذا النظام يدير منطقة القبائل".

وما يصعّب هذا التحدي في وجه خان والمؤسسة العسكرية أنه يأتي في وقت تحركت فيه المعارضة الباكستانية أيضاً لإسقاط الحكومة من خلال سحب الثقة منها. كما بدأ "حزب الشعب الباكستاني"، بزعامة الرئيس الأسبق آصف علي زرداري، الأحد الماضي مسيرة كبرى من مدينة كراتشي ستمر عبر 34 مدينة، على أن تصل بعد عشرة أيام إلى العاصمة إسلام أباد من أجل إسقاط الحكومة. ورأى مراقبون أن المؤسسة العسكرية لم تعد تدافع عن حكومة خان، بسبب فشلها في مواجهة التحديات، ما جعل المؤسسة العسكرية تواجه كل تلك التحديات بمفردها، بينما الحكومة مشغولة بالتصدعات الداخلية وبمواجهة الأحزاب المعارضة.

المساهمون