أعلنت الولايات المتحدة الأميركية، الثلاثاء، أنّ "طالبان" وعدت بتأمين عبور آمن لآلاف المدنيين الساعين إلى بلوغ مطار كابول، تمهيداً لمغادرة أفغانستان، في وقت أعلن المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، إتمام عملية إجلاء جميع موظفي سفارة واشنطن في كابول.
والآلاف من الأميركيين المقيمين في أفغانستان ومن الأفغان الذين عاونوا الغربيين يسعون إلى مغادرة البلاد خوفاً من انتقام "طالبان"، لكنهم عالقون خارج حرم المطار في مناطق تسيطر عليها الحركة.
وقال مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، للصحافيين في البيت الأبيض، وفق "فرانس برس": "أبلغَنا طالبان أنّهم مستعدون لضمان عبور آمن للمدنيين إلى المطار، وسنحمّلهم مسؤولية هذا التعهّد"، لافتاً إلى أنّ واشنطن تحاور "طالبان" أيضاً في شأن الجدول الزمني لعمليات إجلاء آلاف الأميركيين والأفغان بواسطة طائرات أميركية.
وأشار سوليفان إلى تقارير تفيد بتعرّض أشخاص متّجهين إلى المطار لـ"دفع وضرب"، موضحاً أنّ "جهوداً تبذل لحلّ هذه المشاكل" عبر قناة للتواصل مع "طالبان". وقال سوليفان إنّ هؤلاء الأشخاص تمكنوا من الوصول إلى المطار، وأكد أنّ "عدداً كبيراً منهم" قد وصل، إلا أنه أقرّ بأنّ الأوضاع ليست مستقرة.
وأكّد سوليفان أنّ واشنطن، التي فتحت خط تواصل بين العسكريين الأميركيين الذين يؤمنون مدرج المطار وحركة "طالبان" التي سيطرت على العاصمة الأفغانية، تجري مفاوضات مع مقاتلي الحركة من أجل وضع "جدول زمني" لعمليات الإجلاء. وقال: "نعتقد أننا قادرون على مواصلة ذلك حتى 31 أغسطس/ آب"، موضحاً أنّ مباحثات جارية من أجل التوصّل إلى جدول زمني محدد.
وفي برلين، ندّد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، الثلاثاء، بعرقلة "طالبان" وصول أفغان يرغبون في إجلائهم إلى مطار كابول. وقال: "أقامت "طالبان" نقاط تفتيش في أرجاء المدينة كافة، وهي تتحكم بالمنطقة وأيضاً بجوار المطار". وأوضح أنّ الدخول إلى المطار يقتصر على "الأجانب، ولا يوجد موظف محلّي أو مواطن أفغاني" بمقدوره بلوغه.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية إتمام عملية إجلاء موظفي سفارتها في كابول. وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، أنه بقي عدد من الموظفين الدبلوماسيين للمساعدة في إجلاء المواطنين الأميركيين، والحلفاء الأفغان.
وأوضح، وفق "الأناضول"، أنّ السفير الأميركي السابق في كابول، جون باس، سيتوجه إلى أفغانستان للإشراف على عملية إجلاء الباقين هناك. ورداً على سؤال عن الضمانات التي قدمها المتحدث باسم حركة "طالبان"، ذبيح الله مجاهد، قال برايس إن "الأقوال مهمة، لكننا سننظر في الأفعال"، مؤكداً أنّ الولايات المتحدة والمجتمع الدولي سيراقبان طالبان من كثب. ولفت إلى أنّ "مركز الثقل يتحول من الدوحة إلى أفغانستان" مع تطور الظروف في الميدان بسرعة. وأضاف: "لقد غيرنا محور الحوار وفقاً لذلك، وسنواصل القيام بذلك بعد الآن".
على خطّ عمليات الإجلاء الأميركية أيضاً، أعلن مسؤول في البيت الأبيض أنّ الجيش الأميركي أجلى من أفغانستان لغاية اليوم أكثر من 3200 شخص، من بينهم 1100 شخص جرى إجلاؤهم يوم الثلاثاء وحده. وقال المسؤول طالباً عدم نشر اسمه، وفق "فرانس برس": "اليوم، أجلت الرحلات الجوية الأميركية ما يقرب من 1100 شخص، هم مواطنون أميركيون ومقيمون دائمون في الولايات المتحدة وعائلاتهم، وذلك على متن 13 رحلة جوية".
وأضاف: "الآن بعد أن أرسينا هذا التدفّق، نتوقّع أن تتصاعد هذه الأرقام". وأوضح أنّه بالإضافة إلى هؤلاء الأشخاص الـ3200، هناك حوالى ألفي لاجئ أفغاني جرى إجلاؤهم إلى الولايات المتّحدة حيث سيُقيمون بصورة دائمة.
في غضون ذلك، قال مسؤول أمني غربي في العاصمة الأفغانية كابول لـ"رويترز"، اليوم الأربعاء، إنّ أكثر من 2200 دبلوماسي ومدني جرى إجلاؤهم حتى الآن على متن رحلات جوية عسكرية خارج كابول. وأضاف المسؤول أنه لم يتضح بعد متى ستستأنف الرحلات المدنية الجوية من كابول.
إلى ذلك، قالت شركة طيران "لوفتهانزا" إنّ أولى طائراتها التي تنقل أشخاصاً يتم إجلاؤهم من أفغانستان هبطت في فرانكفورت في وقت مبكر اليوم الأربعاء، وعلى متنها نحو 130 شخصاً. ونقلت الطائرة، وهي من طراز "إيرباص إيه 340"، الركاب الذين كانت تنقلهم رحلات تابعة للجيش الألماني من العاصمة الأفغانية كابول إلى طشقند عاصمة أوزبكستان.
وفي إطار جهود الإجلاء بالتنسيق مع الحكومة الألمانية، ستقلع رحلات خاصة من طشقند والدوحة وغيرهما من البلدان المجاورة في غضون الأيام المقبلة لنقل المزيد من الأفراد من أفغانستان، وفق "رويترز".
فرنسياً، أقلعت طائرة جديدة تقل أشخاصاً تم إجلاؤهم من أفغانستان من كابول ليل الثلاثاء - الأربعاء متوجهة إلى أبوظبي، عاصمة الإمارات العربية المتحدة، كما أعلن شهود عيان في المطار. وكانت فرنسا قد أجلت الثلاثاء 41 فرنسياً وأجنبياً من كابول عبر جسر جوي أقامته باريس بعد استيلاء "طالبان" على السلطة في أفغانستان الأحد.
ووصل هؤلاء الاشخاص الذين أقلتهم طائرة تابعة للجيش الفرنسي، حوالي الساعة 17:30 (15:30 بتوقيت غرينتش) إلى مطار رواسي شارل ديغول الباريسي بعد توقف في أبوظبي. وقال مصدر في وزارة القوات المسلحة، وفق "فرانس برس"، إن هذه الطائرة كانت تقل أيضاً نحو ستين عسكرياً فرنسياً عائدين من عمليات خارجية. وطُلب من جميع الركاب الخضوع لفحوص كوفيد-19 وفحوص طبية عند الوصول. ومن المقرر تنظيم رحلات أخرى في الساعات والأيام المقبلة لإجلاء جميع الرعايا الفرنسيين.
وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن باريس أجلت ليل الثلاثاء - الأربعاء من كابول نحو أبوظبي 216 شخصاً بينهم 184 أفغانياً "من المجتمع المدني بحاجة لحماية". وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إن العملية أتاحت خصوصاً إجلاء 25 فرنسياً، "أي قسماً كبيراً من الأشخاص من الجنسية الفرنسية والأفغانية الذين لجأوا الى مبنى السفارة الفرنسية في كابول".
وترفض السلطات في هذه المرحلة الإشارة إلى عدد الأشخاص في فرنسا الذين سيخرجون في إطار هذه العملية التي تحمل اسم "أباغان". وهي تخصص طائرتين من سلاح الجو للرحلة بين كابول وأبوظبي، وطائرتين أخريين للرحلات بين الإمارات وفرنسا.
في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، اليوم الأربعاء، إن بلاده أجلت أول 26 شخصاً، بينهم مواطنون أستراليون وأفغان، من كابول عقب اجتياح "طالبان" للعاصمة الأفغانية.
وقال موريسون إنّ طائرة نقل تابعة للقوات الجوية، من طراز "سي -130هيركليز"، هبطت في قاعدة عسكرية أسترالية بالإمارات، وعلى متنها 26 شخصاً، بينهم مسؤول أجنبي يعمل لدى وكالة دولية، بينما كان الباقون أستراليين وأفغاناً. وأضاف موريسون "هذه أول رحلة جوية في سلسلة ستتضمن العديد من الرحلات. سنراقب الوضع عن كثب خلال نهاية الأسبوع، كما أن هناك بعض التوقعات الجوية غير المواتية".
وستقوم طائرتان من طراز هيركليز، وطائرتا نقل أكبر من طراز "سي-17 إيه غلوب ماستر" بمزيد من رحلات الإجلاء.
وتخطط أستراليا، وفق "أسوشييتد برس"، لإجلاء 130 مواطناً وعائلاتهم، علاوة على عدد غير معروف من الأفغان الذين عملوا مع جنود ودبلوماسيين أستراليين كمترجمين فوريين. وتهدف أستراليا لإجلاء 600 شخص، وفقاً لتقارير نشرتها وسائل إعلام.
ولم يعلن موريسون عن رقم محدد، لكنه قال "هدفنا هو نقل أكبر عدد ممكن بأمان، وبأسرع ما يمكن".
وانتزعت حركة "طالبان" السيطرة على كامل أفغانستان، في عمليات عسكرية متتالية بدأتها قبل أسابيع وانتهت، الأحد، بدخول كابول وإسقاطها، لتعلن نهاية حرب طويلة، بدأها الأميركيون وحلف شمال الأطلسي قبل عشرين عاماً، لإسقاط "طالبان" نفسها من الحكم، عقب اعتداءات 11 سبتمبر/ أيلول 2011.